kayhan.ir

رمز الخبر: 155346
تأريخ النشر : 2022August16 - 20:17

المقاومة تعزز معادلاتها الردعية

 

حسن حردان

تحلّ ذكرى الانتصار التاريخي والاستراتيجي الذي حققته المقاومة الباسلة على جيش الاحتلال الصهيوني في 14 آب من العام 2006 في ظلّ تطورات تعزز من معادلات الردع التي فرضتها المقاومة خلال عدوان تموز وأدّت وتؤدّي الى تحوّلات نوعية في موازين القوى لمصلحة محور المقاومة في المنطقة مما ولّد بيئة استراتيجية جديدة لمصلحة قوى المقاومة تحاصر كيان العدو الصهيوني المحتلّ لفلسطين والجولان السوري وأجزاء من جنوب لبنان.

لقد أدّت محاولات الحلف الصهيوني الأميركي الغربي والرجعي العربي للثأر من انتصار المقاومة والنيل منها والقضاء عليها أو إضعافها ومحاصرتها عبر فرض الحصار الإرهابي على لبنان في محاولة يائسة لتأليب اللبنانيين ضدها والعمل على إثارة الفتن المذهبية بعد فشل أهداف الحرب الإرهابية الكونية ضد سورية.. لقد أدت هذه المحاولات، والتي كان آخرها ولا يزال الحصار الأميركي على لبنان، إلى نتائج عكسية:

أولاً: ازدادت قدرات المقاومة القتالية والتسليحية بعد انخراطها إلى جانب الجيش السوري في الحرب ضدّ جيوش الإرهاب التكفيري المدرّبة والمسلحة والمموّلة أميركياً وغربياً وتركياً ومن بعض دول النفط.. وباتت المقاومة اليوم تملك من القدرات والخبرات ونوعية الأسلحة أكثر بكثير مما كانت تملكه خلال حرب تموز.. فهي إلى جانب اكتساب خبرات القتال في مختلف أنواع الحروب في المدن والجبال والصحراء، استطاعت الحصول على أسلحة كاسرة للتوازن ومن بينها الصواريخ الدقيقة القادرة على إصابة الأهداف الصهيونية في كلّ فلسطين المحتلة وخصوصاً في منطقة غوش دان، التي تشكل العمق الصهيوني الذي يضمّ التجمع السكاني الأكبر ومراكز الدولة الأساسية والمصانع والمطارات والمنشآت الحيوية الأخرى، والتي حدّدها على الخريطة قائد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله في مقابلة له مع قناة «الميادين» في تأكيد لقدرة هذه الصواريخ على تدمير كلّ هذه الأهداف في هذه المنطقة بوساطة هذه الصواريخ الدقيقة.. وأدّى ذلك إلى تعزيز معادلات الردع التي باتت تملكها المقاومة في مواجهة العدو والتي تمنعه من شنّ الحرب على لبنان وتحمي لبنان وثرواته من التهديدات والأطماع الصهيونية انْ كان في البر أو في البحر.. هذا إلى جانب احتفاظ المقاومة بقدرات ردعية حصلت عليها ولم تكشف عنها في إطار الحرب النفسية التي تخوضها ضدّ العدو من ناحية، وترك بعض هذه القدرات مجهولاً لمفاجأة العدو في أيّ حرب مقبلة يقدم عليها من ناحية ثانية…

ثانياً، أدّى تنامي قدرات المقاومة كمّاً ونوعاً إلى جعلها قادرة على زيادة إمكانياتها الردعية في مواجهة العدو، وتعزيز معادلاتها الردعية في الصراع معه، وهو ما يتجلى اليوم في تظهير قدراتها لمنع محاولات كيان الاحتلال وبدعم من واشنطن فرض ترسيم للحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة يحقق الاطماع الصهيونية في سرقة ثروات لبنان النفطية والغازية.. وجاءت عملية الإنذار التي قامت بها المقاومة بوساطة المسيّرات الثلاث فوق سفينة استخراج الغاز والنفط المتواجدة في حقل كاريش المتنازع عليه، لتؤكد قدرات المقاومة وجديتها في الذهاب إلى المواجهة مع العدو دفاعا عن حقوق لبنان في مياهه الإقليمية الخالصة، مما أربك القادة الصهاينة وجعلهم يحسبون ألف حساب لتهديدات قائد المقاومة السيد حسن نصرالله، بضرب كلّ المنصات الصهيونية في البحر المتوسط ومنع كيان العدو من استخراج وبيع النفط والغاز اذا لم يتمّ إعطاء لبنان حقوقه ورفع الحصار المفروض عليه.. على انّ هذا التوقيت الذي اختارته المقاومة لخوض هذه المعركة لتحرير الثروة النفطية والغازية اللبنانية من الهيمنة الأميركية الصهيونية، واستغلالها بما يسهم في تمكين لبنان من إيجاد الحلول لأزماته الاقتصادية والمالية والخدماتية والاجتماعية، إنما هو توقيت يستفيد من حاجة كيان العدو الماسة لتصدير غاز المتوسط إلى أوروبا لتعويضها عن النقص في الغاز الروسي، بعد الحظر الذي فرضته أميركا والاتحاد الأوروبي على استيراد الغاز والنفط من روسيا…

ثالثاً، نجاح تكتيك المقاومة في إحباط أهداف الحصار الأميركي المفروض على لبنان، من خلال كشف حقيقة الدور الأميركي في فرض العتمة على اللبنانيين ومنعهم من الحصول على الكهرباء الأردنية والغاز المصري، وكذلك منعهم من الحصول على هبة الفيول الإيرانية لتشغيل معامل الكهرباء… وقد أدّى انكشاف وقوف أميركا وراء معاناة اللبنانيين، إلى فشل أهداف واشنطن في تحريض اللبنانيين ضدّ مقاومتهم، بل انّ لجوء المقاومة إلى استخدام قوّتها وقدراتها من أجل حماية حق لبنان في ثرواته في البحر أظهر للبنانيين جميعاً أنّ المقاومة وسلاحها إنما هما للدفاع عن لبنان وحماية سيادته وثرواته وليس العكس، كما تدّعي واشنطن ومن يدور في فلكها… ولهذا فقد دخلت واشنطن وطفلها المدلل كيان العدو في مأزق حقيقي:

 اذا وافقا على مطالب لبنان بالترسيم وحقه في استغلال ثرواته، فإنّ ذلك سيشكل انتصاراً كبيراً للمقاومة يُضاف إلى سجل انتصاراتها السابقة.. أما إذا رفضا التسليم بمطالب لبنان فإنهما سيخسران فرصة تصدير الغاز إلى أوروبا ودخول كيان العدو لاعباً هاماً في سوق النفط العالمية، وهو أمر لا يريد كيان العدو ان يضيّعه، ولذلك يحاول المناورة وتأجيل الأمر لكن المقاومة لا تسمح له بإضاعة الوقت، وتضعه أمام الاختيار بين ضياع الفرصة الذهبية لبيع الغاز والنفط، وإنقاذ أوروبا من أزمتها، أو استغلال الفرصة والتسليم بحقوق لبنان ورفع الحصار المفروض عليه…

إنّ هذه التطورات تؤكد أنّ نتائج انتصار تموز عام 2006 ترسّخت وتعزّزت وانّ المقاومة باتت أقوى وأقدر في أيّ مواجهة مقبلة مع العدو الصهيوني وتستطيع ان تلحق به هزيمة جديدة أقسى من هزيمة تموز خصوصاً أنّ رئيس قسم التخطيط في الجيش «الإسرائيلي» سابقاً، قد اعترف في وقت سابق، أنّ «إسرائيل» هشة وأنّ صواريخ حزب الله الدقيقة قادرة على توجيه ضربات مؤلمة لها في ايّ حرب تحصل.. وهو ما جعل قادة الاحتلال وخبراء صهاينة في حال عدم اليقين من قدرة الجيش الاسرائيلي على تحقيق الانتصار على المقاومة في الحرب المقبلة… عدا عن خوفهم وقلقهم من قدرة رجال المقاومة على تحرير منطقة الجليل المحتلة وبالتالي تهديد وجود الكيان برمّته…