الواقع اللبناني المفلس، خياره مقاومة وليس التطبيع
د.زكريا حمودان
تختلف وجهات النظر في الداخل اللبناني حول العديد من القضايا، لدرجة تصبح هذه القضايا جوهرية لدى البعض وغير جوهرية لدى البعض الآخر، ويشتد الخلاف حولها، في حين أن واقع لبنان في مكان مختلف.. فهو بلدٌ "مفلس" والقضايا الأخرى ليست بأهمية الواقع المزري.
هل الوصول إلى الإفلاس متعمد؟
عدة سيناريوهات تطرح حول أسباب الوصول إلى الإفلاس، خاصة وأنَّ جدلية الإفلاس والفساد هما حاجة مُلحة للدول التي تبحث عن طرق للتحكم بالحكم في بلد ما أو السيطرة عليه في وقتٍ لاحق من أجل تحقيق أهداف استراتيجية معينة. أما سبب اتباع هذا الاسلوب في لبنان وليس غيره، فيعود الى أن أحد نقاط الضعف التي تتناسب والصراع مع لبنان هي وجود طبقة سياسية فاسدة تخدم مصالح الأعداء، سواءً عن قصد أو عن غير قصد.
أمام هذا الواقع، لا بد وأن نعترف بأننا وصلنا الى "الافلاس المتعمد". هذا الافلاس يمكن للباحث او المحلل او المتخصص أن يقرأه كما يراه من وجهة نظره واختصاصه، لكن لا يمكن لأي منهم أن يتجاهله أو أن لا يعترف به.
ما بعد الافلاس: الاسقاط في الضربة القاضية
بعد الافلاس الذي وصلنا اليه لا بد وأن نضع أنفسنا في مواجهة الضربة القاضية والتي تتمثل في الانفجار الأكبر.
لا شك بأنَّ حزب الله هو الطرف الأكثر استهدافًا في لبنان، بالتالي فإنَّ الضربة القاضية التي يبحث عنها الغرب والعدو الصهيوني هي تجاه الأقوى، وذلك بهدف انهاءه بحثًا عن مخطط ما بعد الضربة القاضية والمتمثل في الاستثمارات في قطاعي النفط والغاز. من هنا لا بد وربط ما حدث في الأمس بما يحدث حاليًا لكي نستطيع بعدها التماشي مع أهداف الغرب المستقبلية!!!
مستقبليًا تتعدد الأهداف، فالعدو الاسرائيلي يبحث عن تثبيت الاستقرار وانهاء كل من يعاديه، من هنا تكون ساحة لبنان الأقدر في مواجهته بالتالي يكون لبنان أحد أهم أهدافه.
أما دول اوروبا فهي دول مصلحية تبحث عن طموحات لها حيث متاح، بالتالي فإنَّ اي استثمار لها في لبنان سترحب به.
أما الولايات المتحدة الامريكية فقد تكون طموحاتها أوسع بكثير، وتتركز على أي مكسب يخدم صراعاتها الدولية من الصين الى روسيا وايران وغيرها.
اليوم يتركز الحدث حول الواقع اللبناني المفلس ليتحدد من يريد ان يقطف ثمرة شرق المتوسط من الغاز والنفط. أما في التباينات الداخلية في لبنان فالحسابات مختلفة جدًا، فالبلد المفلس ماليًا غني بمقاومته وهي التي تحدد البوصلة لأن من أفلس لا يملك إمكانيات اتخاذ قرار بكرامة، ولا تبحث هذه المقاومة في التفاصيل بل تتعاطى استراتيجيًا مع الحدث الاساسي وتتركز اهدافها حيث تكون النتائج حقيقية التي تخدم جميع اللبنانيين حتى المفلسين، واليوم يرتبط كل ما نعيشه من افلاس ومؤامرات داخلية وخارجية في قوة المقاومة، لذلك لا يمكن أن تكون وجهة الواقع اللبناني المفلس إلا نحو وطنية المقاومة الجامعة. أما من يبحث عن التطبيع من الداخل اللبناني بسبب الإفلاس، سيبقى واهناً، فقيراً، مفلساً، ولا مكان له في تحديد الوجهة المقبلة.