البانيز أفضل من وزير خارجيّتنا
خرجت عن مفوّضة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة المعنية بغزة مواقف خلال العدوان الإسرائيلي وبعده، تستحق المتابعة والقراءة والتقدير، والمقارنة بمواقف وزارات الخارجية العربية الركيكة والمثيرة للغثيان، كأنها تتحدّث بلسان دولة أوروبية أو أميركية، أو عن قضية تقع على بلد وشعب يبعد عنا آلاف الكيلومترات، ولا تربطنا بهما لا صلة قربى ولا وحدة مصير.
ربما يكون كلام وزير خارجيّة لبنان عن حرب غزة مناسباً لوزير الخارجية الأميركية، وليس لأي وزير خارجية عربي، فهو يقول إن العدوان على غزة هو غير مبرّر، مانحاً العدو حقاً افتراضياً في حملة عسكريّة مبررة في ظروف مختلفة. وهذا الموقف لا يختلف عن الموقف الأميركي المتطرّف الذي صدر عن الخارجية الأميركية والبيت الأبيض الا بتقدير الظروف، حيث رأت واشنطن العدوان مبرراً لمنحه صفة حق الدفاع عن النفس.
حق الشعب الفلسطيني بالمقاومة ثابت ومنصوص عليه في القوانين الدولية، وكيان الاحتلال بوجوده ذاته عدوان مستمر على فلسطين وأرضها وشعبها، لكن هذا الكلام الذي استعصى على لسان وزير خارجيتنا وجد طريقه على لسان المبعوثة الأممية فرانشيسكا البانيز.
قالت البانيز إن مبدأ الدفاع عن النفس لا ينطبق على أي أعمال عسكرية تقوم بها “إسرائيل” لأنها قوة احتلال، واحتلالها يقع خارج القانون الدولي والإنساني، وكل عمل عسكري تقوم به هو امتداد للانتهاك الأصلي الذي يمثله الاحتلال بذاته، بصفته أصل العدوان، بينما ما يقوم به الشعب الفلسطيني يندرج تحت عنوان الدفاع عن النفس باعتباره مقاومة للاحتلال، وحق الفلسطينيين بالمقاومة متأصل في حقهم في الوجود كشعب.
من حق أي عربي يقرأ تعليقات وزير خارجيته على العدوان الإسرائيلي على غزة أن يتساءل، ما الذي يجعل مندوبة أمميّة تنتمي لبلد أجنبي تتجرأ بقول كلام نابض بالحق والقانون، بينما تخرس ألسنة وزرائنا عن النطق بمثل ما نطقت به، بل ربما من حق هذا المواطن أن يتمنى لو تكون هذه المندوبة وزيرة لخارجية بلده.
البناء