هروب "اسرائيل" من الفشل الى الجحيم
زين العابدين عثمان
في مسار التصعيد العدواني الذي يمارسه كيان العدو الاسرائيلي على قطاع غزة، وما يحمله من أبعاد وتداعيات فإن أول ما يمكن الحديث عنه ان هذا العدوان الهمجي وغير المحسوب يأتي من واقع التخبط والقلق الذي بات يكتسح كيان العدو ازاء التحولات والتحديات الاستراتيجية التي تحصل في المنطقة خصوصا التي فرضتها ايران وحزب الله في الاونة الاخيرة.
يعكس العدوان على غزة في هذا التوقيت وعمليات الاعتقال والاغتيال التي طالت قادة حركة الجهاد الاسلامي محاولة كيان العدو الهروب من واقع الهزيمة والفشل امام ايران وتهديدات حزب الله، بالاخص التهديدات التي صدرت مؤخرا بخصوص "كاريش" والحدود الفلسطينية البحرية مع لبنان. فالكيان يحاول تغطية عورة هزيمته وتخبطه بالاعتداء على غزة وصنع بعض الانجازات للاستفزاز والاستعراض فقط .فالفشل والتخبط والخوف من ايران وحزب الله هي بالفعل العوامل التي دفعت كيان العدو الاسرائيلي اليوم ليفتح نيرانه على غزة، ويعتقل الشيخ بسام السعدي ويغتال قيادات الجهاد العسكرية كالقائد تيسير الجعبري والقائد خالد منصور كخطة بديلة عن تصعيد المواجهة مع حزب الله، فهو يحاول الاستفراد بحركة الجهاد واستهدافها بطريقة سريعة وخاطفة عبر حملات جوية مركزة على غزة.
لذا فالمسألة مبنية على حسابات خاطئة تهدف فقط لاشباع غريزة الصهاينة الاستفزاية والحاقدة. اما عسكريا فتعتبر تهورا ومغامرة غير محسوبة التداعيات، ولا شك ان نتائجها سترتد عكسيا وستذهب بالكيان نحو المجهول ونحو معركة لا تتقيد بقيود او حدود، لا سيما وان حركة الجهاد سبق واعلنت رسميا انها وضعت استراتيجة بعيدة المدى للرد، وسينايوهات عسكرية مفتوحة لا تتوقف عند الرد الصاروخي، فكل التشكيلات العسكرية البرية والبحرية قد تدخل خط المعركة.
التقييم
كيان العدو الاسرائيلي نجح في اغتيال بعض قادة الجهاد. وهذا صحيح في بادئ الامر، لكنه لم ينجح ولن يكتب له النجاح في ان يحتوي ردات فعل المقاومة او ان يوقف عجلة المعركة الصاروخية التي اخذت في التصاعد والتي بدات تشعل عمقه الاستراتيجي وتسحق اهم مستوطناته ومدنه الصناعية.
فلم تقدم له منظوماته الدفاعية "القبة الحديدة -او مقلاع داود او السهم " التي راهن عليها في حساباته الاحتوائية اي فارق؛ فالتقدير التقني لهذه المنظومات يؤكد انها فشلت بشكل فظيع في عمليات الاعتراض والتي كان الرهان ان تصل الى 95% نجاح بدلا من 40% التي كانت النتيجة الفعلية والعملية من اجمالي عمليات الاعتراض التي تحققت بحسب المحللين العسكريين الصهاينة.
لذلك فـ 60% من الصواريخ التي تقصفها المقاومة تصل اهدافها في عمق الكيان، وتضرب بقوة تدميرية عالية المدن والمستوطنات الاسرائيلية في تل ابيب واشدود وغيرهما من المدن الرئيسية، كما ان هناك استخداما فعليا لطرازات مختلفة من الصواريخ منها صواريخ متوسطة المدى تستطيع حمل رؤوس حربية كبيرة وعالية التدمير .
نقاط ضعف
مما لاشك فيه ان كيان العدو الاسرئيلي بعمقه الجغرافي المحدب والضيق وقربه من قطاع غزة فانه يعاني عمليا من نقاط ضعف استراتيجة لايمكن لاي من منظوماته تحقيق حماية ناجحه لمدنه ومستوطناته، فميزة قرب المسافة وضيق فسحة المناورة الجغرافية والعملياتية هي عوامل رئيسية لاخفاق عملياته الدفاعية في حين تحقق لصواريخ المقاومة تفوقا عملانيا كبيرا في تجاوز كل المنظومات بسهولة وقصف الاعماق الحيوية داخل الكيان بعمليات حاسمة خصوصا مع تطبيق سياسة استخدام الصليات والموجات الصاروخية في آن واحد.
في تقديرنا فإن كيان العدو الاسرائيلي ذاهب نحو الهزيمة اذا ما طال امد أي معركة او توسعت، فاستراتيجيته اليوم لا تخوله الدخول في مواجهة مفتوحة طويلة المدى مع المقاومة، والخطة مرسومة على:
1ـ تنفيذ عمليات جوية سريعة وخاطفة بهدف اغتيال قادة الجهاد.
2ـ ضمان عدم اطالة أي معركة او توسعها مع فرض سيناريوهات احتوائية لرد فعل حركة الجهاد وباقي الفصائل.
3 ـ ابقاء المواجهة مركزة ومحصورة على حركة الجهاد الاسلامي والاستفراد بها في المعركة مع ضمان تحقيق الاضرار بها وضمان عدم مشاركة باقي الفصائل.
لذلك كان من المتوقع ان يبادر كيان العدو في اي ظرف الى التهدئة خصوصا بعدما خرجت المعركة عن طورها المرسوم اسرائيليا. وقد لوحظ تحرك اطراف عربية بدفع اسرائيلي واضح للدخول في وساطات في مقدمتها مصر التي تدخلت لانجاح التهدئة.
يبقى ان نؤكد اننا في اليمن ومحور الممانعة نقف الى جوار حركة الجهاد الاسلامي وأخواتها في المقاومة الفلسطينية البطلة في هذه المعركة المفصلية ضد كيان العدو المؤقت ونشد على ايدي القوة الصاروخية لسرايا القدس وبما تقوم به من عمليات بطولية في قصف اعماق الكيان وندعو بقية فصائل المقاومة الى الاتحاد والوقوف صفا واحدا في أي اعتداء جديد.