kayhan.ir

رمز الخبر: 154182
تأريخ النشر : 2022July24 - 20:21

نحن وماوراء حرب اوكرانيا

 

حسين شريعتمداري

1 ـ بعد ان ظهرت فتنة داعش من العراق وتمكن هذا التنظيم من السيطرة على اجزاء من العراق وسورية في فترة وجيزة، وقد اطلقت على نفسها "الدولة الاسلامية في العراق والشام" ومنها إقتبس مصطلح (داعش).

من الوهلة الاولى تبدو القضية وما رافقتها من جرائم وحشية ارتكبها تكفيريو داعش انها في معزل عن ايران! وان تنظيم داعش  كما يبدو من اسمه يسعى لتشكيل ما اسمته دولة العراق والشام! الا انه انكشف الامر سريعا وبعيدا عن التوقعات، وتبينت الهوية الحقيقية لهذه المجموعة الوحشية واتضح دور اميركا واسرائيل وبعض الدول العربية في ايجاد هذا التنظيم، حتى بلغ الامر باسرائيل ان تنقل جرحى داعش الى مشافي تل ابيب وحيفا ويتلقون الاهتمام من نتنياهو بتفقده لهم وهو ما نشر رسمياً بالصورةز فيما لم تنكر اميركا ارسالها الاسلحة والتجهيزات لمحاصري عناصر داعش عن طريق الجو، ولكن تتذرع كل مرة بخطا فني من قبل طياري المروحيات او قادة الجبهات! و...

أبقى الله الرحيم ظل اقتدار سماحة القائد  وارفاً على رؤوسنا اذ برؤيته الملكوتية اماط اللثام عن الاهداف التي يرمي لها تنظيم داعش وفضح كيد اميركا واسرائيل في صنع هذه العصابات.

وزاد الله من مقام الشهيد قاسم سليماني اذ بتوجيه من سماحة القائد انبرى بكل حزم لمواجهة عصابات داعش في العراق وسورية لينهي هذه الفتنة الاميركية ـ الاسرائيلية التي كانت تهدف ايران الاسلامية.

2 ـ ولنعود لبدايات فتنة داعش والجرائم الفظيعة التي ارتكبت في العراق وسورية، فما الذي سنراه؟! لقد تصدت قوات فيلق "قدس" بقيادة الحاج قاسم سليماني الاستثنائية، لهجمات داعش في العراق وسورية، واعتمد سليماني على تعبئة قوات شعبية في كلي البلدين ليخوضوا المعارك في ساحة المواجهة ضد هذه العصابات. فكانت الحرب ضروس و... في نفس الوقت نلقي نظرة على داخل البلد  خلال تلك الايام. فجماهير الشعب تقدس سماحة القائد لادارته  الالهية كما ويكنوا كل الاحترام للشهيد قاسم سليماني. في وسط هذا الوضع تنبري جماعة قليلة منا لمتأثرين بالرغب ومنن يدعون الاصلاح ـ وليس جميعهم ـ ينخرطون في جبهنة الاعداء في الخارج باقلامهم والسنتهم باصدار البيانات والمحاضرات بان ما علاقتنا بسورية والعراق؟! ولماذا نقدم فلذات اكبادنا قرابين في مواجهة داعش؟!

تصوروا ان لم يشارك  الشهيد  قاسم سليماني  وزملائه الابطال في مقاتلة داعش، فما الخطب الذي كنا سنلاقيه في الداخل! ان مجرد تصور ذلك لهو امر مؤلم، اذ لحدثت مجزرة بحق شبابنا  ولأخذت نساؤنا وفتياتنا اُسارى ليعرضن في سوق النخاسة تتلاقفهن أغنياء العرب  ذوو النفوس المريضة و...

3 ـ ان الحرب من العيار الثقيل ضد داعش وضمن انها كانت ابراء للذمة امام الله في الدفاع عن الشعب العراقي والسوري المظلوم، هي كذلك كانت مساعٍ حثيثة لحفظ امن وطننا الاسلامي. والذي يناسب  المقام مرورنا على جانب من توجيهات سماحة القائد خلال لقائه عوائل شهداء المدافعين عن مقدسات اهل البيت(ع) (في الخامس من فبراير 2015)، يقول؛ "انهم خرجوا لمقاتلة عدو ان تقاعسوا عن قتاله لطالت  يده حدود بلدنا، فلو لم يقفوا امامه لكنا نقاتل هذا العدو في مدننا؛ كرمانشاه، وهمدان، وبقية المحافظات لنوقف تقدمه.

وفي الحقيقة ان شهداءنا الاعزاء قد قدموا أرواحهم في سبيل الدفاع عن البلد والشعب والدين والثورة الاسلامية".

ولنعود الى موضوعنا الاساس لهذا المقام فنقرأ!

4 ـ هنالك ادلة وفيرة تعكس ان اميركا وحلفاءها الاوروبيين لم يكونوا ليتصوروا على امتداد رؤيتهم،  ان تطول حرب اوكرانيا اذ كانوا يعتقدون انه بعد الشروع بالحرب ستشل العقوبات الغربية المشددة، وارسال كميات ضخمة من الاسلحة من قبل اميركا واوروبا الى اوكرانيا، قدرات روسية في الاستمرار بالحرب تدريجيا  لتنهيه بالتالي. ان اميركا قد نكثت بهذا الفهم المعاهدة التي ابرمتها مع الاتحاد السوفياتي السابق عام 1963 بعد حادثة خليج الخنازير. اذ ان اميركا والاتحاد السوفياتي (جون كندي، ونكيتا خروشوف) تعهدتا بان ينقل الاتحاد السوفياتي صواريخه متوسطة المدى (بمديات 1600 كيلومتر) من كوبا، فيما تنقل اميركا صواريخها النووية من تركيا، وعدم ايصال نطاق حلف الناتو الى حدود الاتحاد السوفياتي. فلم تلتزم اميركا بتعهداتها، حين جهزت قاعدة انجرليك في تركيا بالسلاح النووي، فيما طلبت من اوكرانيا الانضمام الى حلف الناتو. فما من روسيا الا وحذرت اميركا حسب اتفاق خليج الخنازير لعام 1963 بان تواجد حلف الناتو على حدودها غير مقبول، الا ان اميركا بظنها ـ خوار روسية وعجزها في حال نشبت اي حرب  ـ عمدت لتحريك روسية على شن الحرب اذ تجاهلت تحذيرات روسية، فبدأت الحرب على اوكرانيا بمنطلق الدفاع عن النفس حيال المؤامرات الاميركية.

وفيما كان سماحة قائد الثورة يرقب الاحداث المشار اليها بدقة، أماط اللثام خلال حديث لمناسبة المبعث النبوي  الشريف ، عن  هذه الاحداث وما يجري في الكواليس، قائلا: "نحن بدورنا نطالب بايقاف الحرب في اوكرانيا وانهائها... الا ان حل الازمة يكون ممكنا في حال عرفت جذوره.

اذ ان اساس الازمة في اوكرانيا هي سياسة اميركا والغرب والتي  ينبغي ان تُفهم وحينها يتم الحكم والتصرف".

5 ـ لنلقي نظرة الى الوثيقة، خلال ملتقى الناتو عام 2008 في بخارست، تم طرح مشروع انضمام اوكرانيا الى حلف الناتو، فيكتب "ويليام برنز" الرئيس الحالي للسي آي ايه، وكان يشغر حينها سفيرا لاميركا لدى موسكو، مكرة الى كونداليزا رايس وزيرة خارجية اميركا حينها، يقول فيها: "ان انضمام اوكرانيا لحلف الناتو يرسم الخط الاحمر الابرز لجميع النخب الروسية".

موضحا: "خلال محادثاتنا لعامين منصرمين ونصف العام مع المعنيين الروس ـ من اشخاص مبتدئين في زوايا الكرملن الى احذق المنتقدين الليبراليين لبوتين، لم اعثر على شخص لا يعتبر  انضمام اوكرانيا لحلف الناتو بالازمة المباشرة والتحدي لمصالح روسية."

وفي اجتماع بخارست، عارض الرئيس الفرنسي  "ساركوزي" حينها، والمستشارة الالمانية "ميرغل" انضمام اوكرانيا لحلف الناتو، معللين ذلك بنشوب حرب مع روسية. وفي عام 2014 يتم ازاحة الحكومة الاوكرانية بانقلاب  مخملي، وبعد ذلك يقوم حلف الناتو بتدريب اكثر من 10 آلاف شخص اوكراني خلال 8 سنوات للحرب ضد روسية.

وفي تموز من عام 2021 يقوم حلف الناتو بمناورات اطلق عليها  (عمليات نسائم البحر) بمشاركة اوكرانيا في البحر الاسود وعشرات الوثائق الاخرى تعكس مخططات  الناتو لخوض حرب ضد روسية، يطول الكلام عنها.

وهنا نعكف على كلمة  قائد الثورة مخاطباً بوتين (في الثلاثاء 19 تموز الحالي)؛ "ان الحرب  مقاربة عنيفة معقدة، والجمهورية الاسلامية لا يسرها ابتلاء  الاناس العاديين بها باي شكل من الاشكال،  ولكن الامر في اوكرانيا مختلف فان لم تأخذ بزمام الامور لكان الجانب الآخر همَّ بنشوب الحرب."ومع تشديده على ان حلف الناتو تاسيس  خطر،  قال سماحته؛ .

"فان تهيأت الاسباب لحلف الناتو فلا يعرف حداً وقيوداً لتوسعه، فان لم يتم الوقوف امامه في اوكرانيا، لشنو بعد فترة حرباً بذريعة شبه جزيرة القرم".

يذكر ان سماحة القائد كان له في حرب الـ 33 يوماً الراي عينه، مخاطباً حزب الله بان اسرائيل كانت تخطط لحرب بعد شهرين من  تاريخ حرب الـ 33  يوما لهجوم شامل على حزب الله، الا ان حزب الله فاجأ الكيان الصهيوني في مخططه ليفشله، وهو ما اقره مسؤولون في الكيان الصهيوني.

6 ـ بعد لقاء  بوتين بمساحة قائد الثورة، صرح المتحدث باسم الخارجية  الاميركية "ند برايس" قائلا: "ان اميركا تلقت، التاييد  الضمن لـ (آية الله) الخامنئي لموقف روسيا في حرب اوكرانيا، باهتمام". مضيفا، ان ايران وعلى العكس من اعلانها السابق القاضي بمعارضتها للحرب "تؤيد الآن بوتنين وحربه على الشعب الاوكراني".

بدوره اهمل "ند برايس" هذه الحقيقة المقشرة بان اميركا بنكثها لمعاهدة خليج الخنازير عام 1963 والاصرار على توسيع حلف الناتو الى الحدود الروسية كانت العامل الاساس لنشوب حرب اوكرانيا.

ولو تقاعست روسيا  حيال الموقف الاميركي لشهدت حربا في جزيرة القرم، ولسلب الامن من ايران لموقعها جارة لروسيا تكن اميركا لها اشد العداوة جراء توسيع حلف الناتو لنطاقه.

7 ـ ان توجيهات سماحة قائد الثورة، وقبل ان تكون تأييدا لروسية (بشكل شفاهي) هي تحذير جاد لاميركا وحلفائها، بان لا يعبثوا بذيل الاسد.  فبالرغم من ان حرب اوكرانيا وعلى العكس من حسابات اميركا تمخضت عن فشل حلف الناتو، والتورط بأزمات غير مسبوقة على مستوى الغذاء والطاقة  لتشمل اميركا والدول الاوروبية،  الا ان تصريحات قائد  الثورة خلال لقاء بوتين تعكس ان ايران على علم بالحقيقة المبرقعة خلف  الحرب اوكرانيا، وتحرك الناتو في المنطقة، وبدقة متناهية.

ولما تعلم ايران انه في حال  انتصار اميركا  في اوكرانيا فانها ستكون الهدف الثاني والاساس، لذا اعتبرت مواجهة روسيا لاميركا والناتو في اوكرانيا جزءا من امنها، ولذا من الطبيعي  والمنطقي ان تدافع عنه.

8 ـ ان امتعاض اميركا واسرائيل  من تصريحات قائد  الثورة لامر يمكن  تفهمه، الا ان مماهاة ومواكبة بعض ادعياء الاصلاح  والمتأثرين بالغرب مع  الاعداء اللدودين  لايران، لا يمكن تبريره الا باحتمالين؛ عدم التمتع بادنى درك وفهم سياسي، والاحتمال الآخر، انها مهمة اوكلوا بها. وسبق  ان ادرج الاحتمالان  في ملف اعمالهم اذ لا ثالث لهما.