kayhan.ir

رمز الخبر: 154047
تأريخ النشر : 2022July22 - 20:22

مجلس صيانة الدستور في مواكبته للثورة

حسين شريعتمداري

لمناسبة ذكرى تأسيس مجلس صيانة الدستور، رأيت لزاماً علي ان اتناول دور هذا المجلس ومكانته في ضمانة اسلمة نظام الجمهورية الاسلامية وجمهوريته.

1 ـ لا تنتهي المسؤولية في تأسيس نظام حكومي ما وانما يستلزم كثير عناية وحراسة، اذ لو استفرغ هيكل النظام من المؤسسات ومراكز حماية المبادئ الاساس للنظام فلا أمل بدوام بقائه. وحتى ان نتصور نظاماً  يخلو من مؤسسات ومراكز للاشراف على نصوص القوانين أهلية المسؤولين، وتطابق القانون مع الاسس المتبناة للنظام، فهذا لا يعتبر مستغربا وحسب بل من السفاهة بمكان.

ولنفترض ان مسؤولي النظام هم من لا يؤمن اصلاً بعقائد النظام! او عدم انسجام بالقوانين التي وضعتها السلطة التشريعية مع اصول النظام وفي تقاطع مع بعض!

فمن البديهي ان لا يستمر هكذا نظام بهذه الخصوصيات.

ان مجلس صيانة الدستور في الجمهورية الاسلامية الايرانية له مكانته الهامة والحياتية لتوفير هذه الحاجة.

2 ـ كما ان وجود مركز ومؤسسة في ظل مسؤولية حفظ مبادئ نظام حكومي لا يقتصر على ايران الاسلامية  ومجلس صيانة الدستور وانما في بطن جميع  الانظمة الحكومية في العالم (باستثناء الانظمة العشائرية او حكومات حاكم دكتاتور شمولي كالسعودية والامارات) مراكز ومنظمات اشبه  بمجلس صيانة الدستور، مهمتها الاشراف على سن القوانين، وتاييد او سلب صلاحية اشخاص يشغرون مسؤوليات محورية كرئاسة الجمهورية، ورئاسة الوزراء، والوزراء، ونواب المجلس و... فهذه المنظمات في بعض  الدول تحت عنوان "محكمة الدستور تولج في هيكلة النظام، تتمتع بأعلى المراتب الحكومية، ومن هنا يطلق عليها "المحكمة العليا"، ومجال صلاحيات هذه المحاكم الاشراف على القوانين التي يصادق عليها والتحقيق من ممازجتها او عدم ممازجتها مع الدستور.

ونمر هنا على المحكمة العليا للدستور الاميركي فهذا الاستطلاع  العام يعكس ان مجلس صيانة الدستور في ايران انضج من سائر المراكز المشابهة في وظيفتها واكثر علمية وشعبية!

3 ـ ان المحكمة العليا للدستور الاميركي سوبريم كورت
 (Supreme Court Of The United States)  له اشراف في سلّم اولويات القضاء الاميركي لتمتعه بأعلى مكانة.

وتتشكل (سوبريم كورت) من تسعة قضاة. وهؤلاء القضاة  يتم تعيينهم من قبل رئيس جمهورية اميركا بمصادقة مجلس الشيوخ، وان مهام و مسؤوليات قضاة المحكمة العليا غير نافدة  المفعول فلا يحق لاي جهة حتى رئاسة الجمهورية، ومجلس الشيوخ، ومجلس النواب والكونغرس إقالتهم من مناصبهم (قارنوا مع تعيين الفقهاء وانتخاب ستة حقوقيين لمجلس صيانة الدستور).

فالمحكمة العليا في اميركا مصدر شرح الدستور (المسؤولية التي تحملها مجلس صيانة الدستور وتتعرض لمهاجمة مستمرة من قبل وسائل الاعلام والاوساط الغربية واذنابهم في الداخل).

المهمة الاخرى لـ (سوبريم كورت) الاشراف  على قرارات الكونغرس ومجلس النواب ومجلس الشيوخ الاميركي. وفي حال اختلفت القوانين المصادق عليها مع الدستور الاميركي اعلى هرم اتخاذ القرار في مجال المهام التكاليف ولا يحق لاي موقع حكومي التنصل عن قراراتها.

ان اعضاء (سوبريم كورت) يقررون حسب امزجتهم ورأيهم، ولا يخضعون في اتخاذ قراراتهم لاي قانون أو أمر تنفيذي! (قارنوا مع قرارات مجلس صيانة الدستور التي تفسر حسب القانون، واختلاف القانون الكذائي  مع قوانين الاسلام او الدستور).

كما ان اعضاء المحكمة العليا الاميركية غير معنيين بمراجعة اي جهة او مرجعية اخرى (كذلك قارنوا مع مجلس صيانة الدستور) على سبيل المثال في انتخابات رئاسة الجمهورية عام 2000 في اميركا فانه بالرغم من ان عديد  الاصوات التي حصل عليها "الغور" اكثر من الاصوات التي حصل عليها جورج بوش، الا ان المحكمة العليا رجحت جورج بوش الابن كفائز في الانتخابات، وكأن شيئا لم يكن!

4 ـ ورغم ان جميع مهام مجلس صيانة الدستور لها ضرورة اساسية الا انه من بين التكاليف والمهام التي حددت في الدستور لمجلس صيانة الدستور هنالك مهمتين تحوزان اهمية اكبر ولهما الدور المصيري  في حفظ وحماية اصل النظام، الاولى؛ الاشراف على القوانين والقرارات من جهة عدم تقاطعها مع الدستور والاحكام الشرعية، الثانية؛ دراسة أهلية المرشحين لرئاسة الجمهورية، ومجلس الشورى الاسلامي ومجلس خبراء القيادة.

ان مجلس صيانة الدستور بانجازه لهاتين المهمتين يسد الطريق امام دخول عناصر  غريبة غير منسجمة مع المبادئ  الاساس للنظام الى مراكز صنع القرار وسياسة الجمهورية الاسلامية، وهذا لوحده ضمان وحرز لاستمرارية النظام، وهو لا يتوقف على مجلس صيانة الدستور في الجمهورية الاسلامية الايرانية وانما في جميع الانظمة الحكومية  كاصل بديهي  لا يقبل المساس  به.

تأسيسا على ذلك فان إيكال المسؤوليات المحورية لنظام حكومي  الى اشخاص (لاي سبب) يتقاطعون مع اصول النظام، او لاسباب اخرى  غير مؤهلين لتسنم هذه المسؤولية، هي بحد ذاتها تخلق ارضية لاسقاط  النظام. واذا ما حصل ذلك عن تعمد فتوصف بالخيانة وفي غير ذلك هي حماقة، ولا احتمال ثالث في البين.

5ـ ان مجلس صيانة الدستور احد اكثر الجهات الحكومية شعبية في هيكلية الجمهورية الاسلامية الايرانية كأمانة شعبية، وثانيا انه بدراسة وتاييد او رفض  أهلية  المرشحين يساعد الشعب في انتخاب  الخيار المطلوب، والحؤول دون صعود اشخاص غير مؤهلين الى المراكز الحساسة للنظام.

وان بيان التعرف  على هوية المرشحين من قبل جميع الناس امر غير ميسر، اذ لا يتوفرون على المعلومات اللازمة لمعرفة هوية هؤلاء، ومن جانب آخر فان هذه المعلومات لا يمكن ولا ينبغي ان يُعلن  عنها علناً اذ سيتعرض ماء وجه المرشحين للمساءلة، كما ويمكن ان لا يتأهل المرشح الفلاني لرئاسة الجمهورية، ومجلس الشورى الاسلامي،  او مجلس خبراء  القيادة، ولكن في نفس الوقت هو مناسب لشغر بعض المسؤوليات الاخرى، او ان المرشح الكذائي  يستبطن في ملفه السلوكي أمر غير مقبول، فسيكون الاعلام عنه ذهابا لماء وجهه، فهنا ما الحيلة اذن؟

في هذه الجهة ينبري مجلس صيانة الدستور كتشكيلة من اعضاء مؤمنين واعين  يتحلون بالتقوى، في مساعدة المواطنين، فيحصلوا على المعلومات الضرورية حول المرشحين من الجهات المعنية، وبدراسة ميدانية من قبل مشرفين مرشحين يشكلوا مجلسا ليكسبوا معلومات اكثر لتؤول الى حزمة من المعلومات بعد فلترتها وتصديقها لقبول او رفض اهلية المرشح.

وننتهي هنا الى ان الشعب لا يشككون في اهلية المرشحين المقدمين  فيما تبقى الاذواق السياسية المختلفة في انتخاب هذا او ذاك المرشح.

ولا باس ان نلفت الى توجيهات سماحة القائد بهذا الخصوص حين قال؛ "ان السهو والنسيان والخطأ محتمل في جميع الامورن ويمكن صدوره من اي شخص انها قضية ثانية، ولكن جسد النظام والتطابق مع الاسلام وتماهيه مع المعايير  الاسلامية والدستور فهذا كله رهن حضور  ودقة مجلس صيانة الدستور  وهو عمل جبار".

6 ـ يذكر ان 70% من الاشخاص الذين واكبوا انتصار الثورة الاسلامية قد فارقوا الحياة وعليه فيدعون ان الاستفتاء لتحديد نوع الحكومة لا يتمتع بمقبولية اول الثورة! وهنا يكثر الحديث، ونكتفي بما قل ودل:

الف: ان حضور عشرات الملايين من ابناء الشعب في ذكرى انتصار الثورة الاسلامية ونماذج مشابهة اخرى تعكس بوضوح انه اذا كان الناس يوجهون الانتقاد لبعض الاعمال ـ وهو امر طبيعي ـ إلا انهم  اوفياء لاساس النظام.

باء: لقد حضر في تشييع جنازة قائد القلوب الشهيد قاسم سليماني عشرات الملايين من الناس في ايران الاسلامية  بكافة مدنها، واذا كان من المقرر ان يستجاب لطلب جميع المدن لتشييع منفصل لجثمان الشهيد المطهر، لتأخر  دفن ذلك العزيز لعدة اشهر بعد شهادته فالحاج  قاسم سليماني رمز الثورة  الاسلامية والجمهورية الاسلامية والاعتقاد الراسخ بالامام الراحل وخلفه الحالي.

جيم: خلال الاشهر الاخيرة، ما الذي يعنيه اداء انشوده "سلاماً ايها القائد"  لما لها من موسيقى ناعمة وشائج مستحكمة تدفعنا للقول انها ورقة من هوية الثورة الاسلامية وبطاقة تعريف للشعوب الاسلامية عبرت بسرعة فاقت التصورات وبتعجيل اعجازي ليس كل انحاء ايران الاسلامية وحسب بل  تعدت الحدود الجغرافية واينما حل مسلم وارتحل.

فاسرت القلوب بانغامها، فما يعنيه هذا التفاعل الذي لا مثيل له؟

دال: و... عشرات الامثلة الاخرى التي لا تنكر عن هذا النفوذ المطرد للتأسي بالجمهورية الاسلامية الايرانية يطول الحديث عنه، كل ذلك في ظل رعاية وحفظ مجلس صيانة الدستور لهذه الامانة القيّمة للشعب الايراني، وبعبارة اتم لهذه الامانة القيّمة للعالم الاسلامي وجميع الشعوب المسلمة.

7 ـ وبعد هذا الشرح في حضرتكم  لمجلس صيانة الدستور ومكانته المصيرية، صار لزاماً ان نذكر بعبارتين من بين عشرات الرؤى والتوجيهات التي تلاها سماحة الامام وقائد الثورة المعظم بخصوص مجلس صيانة الدستور،

* "ان مهمة مجلس صيانة الدستور حفظ نظام الجمهورية الاسلامية، وهي ما لا تعارضها اي حكم او امري تنفيذي" الامام الخميني (ره)

*"ان وجود وعدم وجود مجلس صيانة الدستور بمثابة وجود وعدم وجود الجمهورية الاسلامية، وفي هذا ينبغي ان لا يعترينا ادنى شك" قائد الثورة المعظم

وهنا قارنوا بين هذه الرؤية تجاه مجلس صيانة الدستور وبين الرؤية الحكيمة تجاه مكانة حرس الثورة الاسلامية، فما  الشبه العجيب بينهما... " لولا حرس الثورة الاسلامية لما كانت الدولة" و"وجود وعدم وجود  مجلس صيانة الدستور بمثابة وجود وعدم وجود الجمهورية الاسلامية".