الولادة الجديدة!!
مهدي منصوري
البذرة الطيبة التي غرسها الامام الراحل الخميني (قدس سره) قد أخذت تؤتي أكلها وبصورة لم يتوقعها أحد حتى اعداؤها الذين وضعوا العصي في دواليب حركة الثورة الاسلامية المباركة لان لا تصل الى ما وصلت اليه اليوم.
ولو امعنا النظر فان بذرة الثورة التي غرست قبل خمسة عقود من الزمن ونيف والتي غذيت ورويت بدماء الشهداء وعلى مسار الدرب اللاحب التي سارت فيه هذه الثورة المباركة والجهود المضنية التي بذلت من قبل قبطان هذه السفينة والذي عرف بحكمته ووعيه ان ينقذها من غرق الطوفان العدائي الحاقد والتي اوصلها الى بر الامان بحيث اضحت وجودا ذا قيمة كبرى تمكنت ان تحتل موقعها يحسب لها حسابه ولا يمكن تخطيه في أي حال من الاحوال.
الامام الخميني الراحل (قدس سره) عرف وبحنكته السياسية والدينية الفائقة كيف يوصل مفاهيم ومبادئ الثورة الاسلامية ليس فقط لايران بل للعالم اجمع بحيث اصبحت عنوانا كبيرا لكل الثورات والانتفاضات التي تلت انتصار الثورة الاسلامية واصبح الامام (رحمه الله) ملهما كبيرا للاجيال في هذا المجال.
واليوم ليس فقط الشعب الايراني يحتفل بهذه الثورة بل ان كل الشعوب الحرة في العالم تشاركه في ذلك لانها استلهمت وبصورة تفصيلية اهدافها وقيمها من مبادئ هذه الثورة القائمة على الحرية والاستقلال ورفض كل انواع الاملاءات والهيمنة الخارجية وغيرها من المعطيات الاساسية لبناء مستقبل الشعوب والتي تمسكت في الثورات التي غطت المنطقة باكملها من اجل التغيير نحو الافضل. ولما كانت ايران الاسلامية التي اصبحت في وضع ينظر اليها بالتجليل والاحترام بسبب استقلالية قرارها وفي مختلف مجالات الحياة والتي طبقا للشعار الاساسي الذي انطلقت منه وهو "لا شرقية ولا غربية بل جمهورية اسلامية" فانها وبذلك اعطت لنفسها موقعا مهما خاصة بعد ان تمكنت ان تقطع كل السلاسل التي تؤسر شعبها من خلال الاعتماد على طاقاتها وقدراتها الذاتية بحيث وصلت في بعض المجالات الى مصاف الدول الكبرى ان لم نقل منافسا قويا لهذه الدول، وقد كان للامام الراحل الخميني الكبير (رحمة الله عليه) دورا كبيرا وفعالا في هذا المجال وهو الذي كان يؤكد على هذه الاستقلالية بل ويدفع بها كل الحكومات المتعاقبة لان تسعى نحوه وبجدية كاملة لانها وبذلك سيكون زمام المبادرة في ايديها وانها لم تكن في يوم ما اسيرة لارادات الاخرين.
هذا من جانب ومن جانب اخر لابد ان نستعيد الذكرى الى تلك اللحظات المؤلمة التي عاشها العالم اجمع وهو اليوم الذي نعي فيه الامام الراحل والتي وقعت كالصاعقة على الجميع الا ان مراسم التوديع والتي قل نظيرها بحيث اذهلت الدنيا والتي فاقت مراسم الاستقبال بحيث اثبت وبصورة قاطعة ان الشعب الايراني وبهذا اللون من السلوك قد ثبت وفاؤه واخلاصه لقيادته وانه وبهذا السلوك ايضا قد اخذ العهد على نفسه انه سيبقى مستمرا والذي شكل انعطافة جديدة في مسيرة الثورة الاسلامية المباركة.
واللافت في الامر ان بعض الاوساط الاعلامية الداخلية والخارجية قد عبرت وبوضوح انه وفي ذلك اليوم ورغم مرارته وآلامه الا انه يعتبر ولادة للثورة الاسلامية خاصة التلاحم الكبير بين ابناء الشعب والتي اوضحته تلك المراسم.
والذي اراح النفوس وطمأن القلوب هو اختيار القائد الخامنئي لان يقود سفينة الثورة ومن جديد وانها قد وقعت بايدي أمينة وحريصة على استمرارها ودوامها وفي نفس الخط والمنهج وهو الذي كان، وهاهي ايران اليوم وبقيادته الحكيمة تمكنت ان تصل الى ما هي عليه اليوم من مكانة عالمية كبرى ويحسب لها حسابها ولا يمكن تجاوزها او تخطيها الكثير مما يتعلق بمشاكل المنطقة والعالم.
ان الجمهورية الاسلامية وهي تعيش هذه الذكرى المؤلمة وفي ظل التحديات الكبيرة التي تحيط بالمنطقة نجد انها تقف شامخة وقوية ومقتدرة مما اصبحت محط انظار العالم وكذلك فان تأثيرها الذي تجاوز حدودها واصبحت في موقع يشار اليها بالبنان.
وقد تكون تصريحات امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح بعد لقائه القائد الخامنئي بالامس والذي عبر عنها بصدق الاحساس من ان "الامام الخامنئي ليس مرشدا لايران فقط بل هو مرشد لكل المنطقة" خير دليل لما تحظى به القيادة الاسلامية الايرانية من احترام وتقدير ومن الطبيعي ان هذا الامر قد عبر عنه الامام الراحل وفي وصيته من انه ارتحل الى بارئه بقلب مطمئن وروح مسرورة وضمير امل بفضل الله.وحقيق على الامام الراحل ان يعيش اليوم حالة من الاطمئنان وهو في عليائه من ان الغرسة التي بذرها قد أتت اكلها الطيبة وكما اراد لها ذلك.