kayhan.ir

رمز الخبر: 153969
تأريخ النشر : 2022July20 - 20:29

زيارة بايدن الشرق أوسطية كسرت أحادية بلاده

ريما فرح

الولايات المتحدة الأميركية تبدو في وضع "خسارة الأحادية". يعكس هذا المشهد رئيسها جو بايدن الذي سيكون حزبه الخاسر الطبيعي في انتخابات الكونغرس النصفية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

يقول توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق: "إن عصر الهيمنة الغربية الأميركية على العالم يقترب من نهايته، ونحن نتجه إلى عالم متعدد الأقطاب". كلام بلير هو توصيف واضح لمرحلة ما بعد انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلتها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والبلدان المحسوبة عليها بشكل غير مباشر، وهي في الوقائع والاصطفافات السياسية والمتغيرات الاقتصادية حرب عالمية ثالثة ستعيد رسم خريطة التحالفات وموازين القوى.

وبانتظار حلول شهر أيلول/سبتمبر، وهو موعد عودة الشتاء إلى أوروبا، تنشط المحادثات في الكواليس بين موسكو وواشنطن من جهة، وموسكو والعواصم الأوروبية من جهة أخرى، لإنقاذ العالم الغربي من الصقيع وإيجاد مخارج كفيلة بعدم سقوط رؤساء وحكومات، وهو ما بدأ مع بوريس جونسون في بريطانيا.

ولعل التحذيرات من تظاهرات يجري التحضير لها في العواصم الأوروبية، وأخرى تجري بعيداً من أي تغطيات إعلامية، كفيلة بالقول: ربحت روسيا الحرب، ودخلنا فعلاً في عالم متعدد الأقطاب.

تبدو الولايات المتحدة الأميركية في وضع "خسارة الأحادية". يعكس هذا المشهد رئيسها جو بايدن الذي سيكون حزبه الخاسر الطبيعي في انتخابات الكونغرس النصفية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

ويواجه بايدن انتقادات حادة في أميركا تصف أداءه بأنه "مخيب"، نتيجة عدم وفائه بالالتزامات التي تصدّرت برنامجه الانتخابي. ولعل زيارته إلى الشرق الأوسط منذ أيام لم تضف إلى إدارته سوى الهشاشة، فالزيارة كانت خيبةً لـ"إسرائيل"، وتتويجاً لمحمد بن سلمان ملكاً للسعودية وراعياً للبحرين والكويت ومصر والأردن.

في محصلة زيارة بايدن، لم تعطِ أميركا حليفتها "إسرائيل" أي دفع في المنطقة، فهي لم توقف مفاوضاتها مع إيران، ولم تعلن الحرب عليها، لا سياسياً ولا بالمناورة العسكرية، ولم تنجح في إهدائها حلف "ناتو عربياً" في وجه طهران، وكيف يحدث ذلك ومحمد بن سلمان أكد استحالته، "وخصوصاً مع الجارة إيران"!

فشل بايدن أيضاً في انتزاع تطبيع السعودية مع "إسرائيل"، ولم تشفع له دموعه أمام حائط البراق بإرضاء "إسرائيل" المشتتة حكومياً. أما في المملكة، فقد حل الرئيس الأميركي بصورة "الملاك" الذي بايع محمد بن سلمان ملكاً في حضرة الشهود من دول الجوار.

لم يأخذ بايدن بالنصيحة العلنية التي قدمها له الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام الإعلام، حين نصحه بعدم التحدث إلى السعودية والإمارات في موضوع زيادة إنتاج النفط تعويضاً عن النفط الروسي، لأن الجواب تلقته فرنسا: لن تكون هناك زيادة، ما يعني في السياسة أن خيار البلدين حُسم بأن العداء لروسيا لن يحصل.

أما لبنان، فلا تزال الولايات المتحدة تنشط فيه، لكونه على الحدود مع فلسطين المحتلة، من خلال الجمعيات وبعض الأطراف السياسية والأمنية، ولكنه لا يبدو ضمن أولوياتها. وقد عبّر الموقف الفرنسي عن الجو الدولي عبر سفيرته في لبنان آن غريو، التي قالت إن لبنان خارج الأولويات الدولية.

ما تريده الولايات المتحدة هو إراحة "تل أبيب"، فهي تحاول تأمين كل ما يساهم في ذلك، وتسعى لإيجاد مخرج للنزاع البحري، لأن فكرة التصادم مع لبنان ليست واردة بالنسبة إليها، فـ"إسرائيل" لا ترغب في ذلك، في ظل انهيار التوازنات الدولية وإعادة تنظيم الاشتباك في الشرق الأوسط، وخصوصاً بين السعودية وإيران.

طهران أيضاً، غير المستعجلة على توقيع الاتفاق النووي، لم تغرِها التقديمات الأميركية التي اشترطت فك التحالف مع روسيا عبر تعويض نفط موسكو بنفطها.

في لبنان، لم تنجح الولايات المتحدة في حماية "إسرائيل" وفي تشكيل لوبي سياسي يواجه حزب الله فعلياً وعملياً. لقد نجحت في اختراق النظام فحسب، وفي ضمان طاعة النافذين لها، حفاظاً على ثرواتهم خارج لبنان ومصالحهم الخاصة، لكنها لم تقطف في السياسة شيئاً، وهي على قناعة في المقابل بأن الانتخابات النيابية لم تفرز مجلساً قادراً على إيصال رئيس للجمهورية محسوب عليها.