الاجتماع الثلاثي في طهران.. هل سنشهد خرقا في الموقف التركي حول سوريا؟
حسام زيدان
ضبط الساعات بين أطراف استانا، هو شعار القمة الثلاثية التي تجمع الرؤساء الإيراني والروسي والتركي في طهران، والتي تعتبر الحدث السياسي الأهم، في ظل تأثيرات تدهور العلاقة بين روسيا والغرب على حدود القارة الأوروبية. حيث تصيب الحرب الأوكرانية بشظاياها ساحات النزاع المشترك بين واشنطن وموسكو، وسوريا إحداها، ما يجعلها في صلب المحادثات، والملف الأبرز في حقيبة الرؤساء الثلاث محاولة قطع الطريق على عملية عسكرية تركية في الشمال السوري.
تحمل هذه القمة معها أهمية مضافة، كونها تعقد لترتيب العلاقة البينية للدول الضامنة لاستانا، وسط تباين واضح في ملفات كثير، وقراءات متعددة ومواقف وتحالفات، بالإضافة الى توافق لإيجاد حل للحرب المفروضة على سوريا، بالرغم من عدم التزام تركيا الدائم بمخرجات هذه القمم، وتهديد انقرة بعدوانها الخامس على سوريا، بذريعة إقامة المنطقة الامنة على طول الحدود وبعمق 30 كلم. هذا الحراك يترافق مع رفض ايراني روسي للعملية العسكرية التركية، وتبذل الدولتان جهود استثنائية على المستوى السياسي والدبلوماسي، مترافقة مع تحركات ميدانية لإنهاء هذه التهديدات، لتكون قمة الفرصة الأخيرة قبل العدوان التركي، فأنقرة التي يرتبط موقفها بالموقف الأمريكي، تختبر من خلاله صراع الإيرادات، معتمدة على موقف امريكي غامض، في الوقت الذي يدرك التركي تماما، ان لديه احمال زائدة من وجود الإرهابيين، والتنصل من تعهدات كثيرة، والمماطلة بتنفيذ التزامات، ويعي تماما انه لن يستطع هذه المرة دفع ثمن العدوان على شمال سوريا، ولو على المستوى السياسي.
القمة الثلاثية في هذه الظروف، بالرغم من العلاقة الملتبسة التي تربط التركي مع الروسي والايراني، تحاول رتق العيوب التركية، واذابة جبل الجليد حول التباينات الحادة بين الأطراف، وبالذات فيما يخص الشمال السوري ومسار استانا، وتشكل اختبار حقيقي لهذا المسار الممتد لسنوات، ما يعني انها أكثر من لقاء الضرورة بين الرؤساء الثلاثة، وقمة اكثر من المتاح سياسياً، في ظل ادراك المشاركين فيها، ان ما يجمعهم في هذا الطروف السياسية الصعبة، في الإقليم والعالم، اكبر بكثير مما يفرقهم، ما يجعل هذه القمة التي اعد لها بشكل جيد، ستتيح المساهمة في انهاء ملفات شائكة، ومنها العدوان التركي والتزامات انقرة في ادلب، والجميع يعي ان عدم التوافق سيكون مكلفا هذه المرة على الأقل، خصوصا ان هناك الكثير من دول المنطقة تتربص فشل الجهود السياسية والدبلوماسية الروسية والإيرانية، تجاه الازمة السورية.
ليتبادر السؤال الى الاذهان، هل تحمل القمة بادرة حسن نية تركية لفتح افاق المصالحة بين انقرة ودمشق، ولأي مدى انقرة مستعدة لحل المشكلة الكردية مع دمشق، ام انها ستبقى مواقفها دون خرق يذكر واصطفاف غير منطقي الى جانب الامريكي، هل سيستمع الاتراك لمطالب الدولة السورية، بوقف دعم المجموعات المسلحة والانسحاب من الاراضي السورية، والخفاظ على وحدة اراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية؟.
وهنا لا بد ان نذكر ان الجميع في المنطقة ينتظر مخرجات هذه القمة، وان الرهان هو على مسار استانا بشكل كامل، وليس على اللقاء الثلاثي فقط، كون هذه القمة تحاكي اقصى الممكن في الالتزامات السياسية التي لا مفر منها في بعض الأحيان، ولا ينفع الا التعاطي معها بجدية، والرهان فعلا هو على الصبر الإيراني والروسي، الذي يعول عليه، والذي يعمل دبلوماسيا وسياسيا منذ اطلاق تركيا التهديدات، لمنع انزلاق المنطقة للحرب، بالإضافة الى محاولة محمومة للحفاظ على صيغة استانا، والابتعاد عن الافخاخ التركية الدائمة لتفجير هذه الصيغة، وان المرحلة هذه لا تتحمل التأجيل وترحيل المشاكل والخلافات الى وقت لاحق، بل المطلوب الفاعلية في حلها، بالذات هذا الجموح التركي في الحديث عن الامن القومي، والذي تقلد فيه الإدارة التركية، ما تتخذه الولايات المتحدة الامريكية ذريعة في كل عدوان تشنه على أي شعب او دولة.