الزيارة العرجاء
بعد الضجيج الاعلامي الصاخب والخاوي حول زيارة الرئيس بايدن للكيان الصهيوني ومن ثم السعودية والتي بدأها امس الاربعاء، تهدف الى ما تهدف اليه هو لترتيب تحالفات جديدة في المنطقة تكون "اسرائيل" هي المحور والمركز فيها ومن ثم طمأنة الدول المطبعة التي اصيبت بخيبة أمل كبيرة من خطوتها الفاشلة التي لم تحصد من تطبيعها هذا مع العدو سوى المزيد من الكراهية والنفور من شعوبها وكذلك تعجل بسقوطها وهذا ما بدأت تشعر به فعلا وهذا ما اقلق الولايات المتحدة الاميركية والغرب وخاصة الكيان الصهيوني بشكل اكبر لانه يعرف قبل غيره ان عملية التطبيع الخيانية هي عند حدود العوائل الحاكمة ولا تتعدى لشعوب التي ترفض ذلك رفضا تماما وهذا ما اثبته الشعبان المصري والاردني على مدى اربعة عقود.
ان اميركا التي ارادت عبر خلق الازمة الاوكرانية احياء الناتو الذي وصفه الرئيس الفرنسي في السابق بانه ميت سريريا، اعادة الدول الغربية الى بيت الطاعة الاميركي من خلال ذلك تواجه اليوم اميركا فشلا كبيرا في مهمتها حيث صدمة بالقوة الروسية وسياسة الرئيس بوتين الذي يمسك بزمام العمليات العسكرية في اوكرانيا في وقت ورط بايدن الدول الغربية في اتون حرب خاسرة تدفع ثمنها اليوم، فاسعار الوقود المرتفعة في اوروبا والتضخم الفاحش الذي بلغ الـ 80% بدء ينهش الجسد، الاوروبي فيما الشتاء لم يصل بعد ليأخذ مأخذه ويضع النقاط على الحروف.
فاميركا التي فشلت في مُسعاها لاحياء الاتفاق النووي على طريقتها الخاصة ولتسجيل النقاط لصالحها اخفقت تماما وواجهت الانتكاسات تلو الانتكاسات في هذا الملف وكما في اوكرانيا وهكذا في تصديها للوساطة بين لبنان والكيان الصهيوني لحل الخلاف حول الغاز والنفط والذي حسمته مسيرات حزب الله واخرجته من يد اميركا والى الابد.
الادارة الاميركية الحالية التي تعاني اساسا من وجود رئيس عاجز عن ادارة شؤونها ويراقبه ثمانية مستشارين لئلا يجلب لها الفضائح لان هفواته اصبحت مادة للتندر الاعلامي اليومي لذلك نرى ان الدولة العميقة في اميركا هي اليوم تتولى ادارة الشؤون الاميركية وسياساتها وليس بايدن الذي وعد الاميركيين في الانتخابات بانه سيصلح الاخطاء التي ارتكبها سلفه ترامب الا اننا نرى العكس تماما حيث تكرر هذه الادارة سياسات ترامب الخاطئة بل اكثر من ذلك خاصة في فرض العقوبات ضد ايران وتملصها مما وعدت به لاحياءها للاتفاق النووي.
لقد قيل الكثير والكثير عن هذه الزيارة واهدافها وما تخفيه اميركا من وراء ذلك بهدف تسجيل نقاط لصالحها والتغطية على هزائمها في اوكرانيا وامام الملف النووي ومسيرات حزب الله التي انتزعت منها ملف الغاز والنفط اللبناني واصبحت فاضية اليدين لذلك ارادت اميركا عبر هذه الزيارة ان تبرهن على انها لازالت تتحكم بشوؤن المنطقة في حين انها هزمت واصبح ملف المنطقة بيد محور المقاومة وما يؤكد ذلك تصريحات رئيس وزراء الكيان الصهيوني "لابيد" خلال مراسم استقبال بايدن حيث يقول: "سنجري محادثات حول قضايا الامن القومي وبناء هيكلية امنية واقتصادية جديدة مع شعوب المنطقة بعد اتفاقيات ابراهيم وانجازات قمة النقب وضرورة اعادة تشكيل حلف عالمي قوي كفيل بوقف البرنامج النووي الايراني".
العارفون بشؤون المنطقة يعرفون جيدا ان الزيارة بمجملها زيارة اعلامية وعرجاء لا تغنى ولا تسمن من جوع. فالدويلة الصهيونية اساسا تعاني من الازمات المستفحلة ومنها تفكك المجتمع الصهيوني وانقسامه عموديا حيث تعددت التيارات والاحزاب اليمينية واليسارية المتخاصمة التي تخفق باستمرار في تشكيل حكومة ائتلافية ثابتة وانها تواجه ازمة حكم هي الاخطر منذ قيامها اما الدول المطبعة والاستبدادية التي هي في واد وشعوبها في واد آخر هي من الهشاشة والضعف تريد من يتكفل بحمايتها ويمنعها من السقوط، فكيف تريد اميركا منها ان تشكل حلفا ودرعا للكيان الصهيوني. اما اميركا المحاصرة في المنطقة والمضطرة لتركها كيف تنتظر من دول عاجزة عن حماية نفسها ان تشكل حلفا لتكون درعاً للكيان الصهيوني الذي كشف ظهره تماما في معركة "سيف القدس" وانه في مهب الريح بالتاكيد في اية حرب قادمة.
والله غالب على امره ولو كره المشركون.