kayhan.ir

رمز الخبر: 153602
تأريخ النشر : 2022July12 - 20:26

خضة غازية زلزلت اوروبا

 

ما كان مستغربا وغير متوقع وهذا ما اثار دهشة الجميع ان اوروبا على مكانتها وقوتها واقتصادها، ان تظهر بهذه الهشاشة امام حدث فني مؤقت اقدمت عليه شركة "نورد ستريم 1" الروسية باجراء صيانة لخطها الذي يربط اوروبا بالغاز لفترة قصيرة تستمر عشرة ايام وقد بدأت منذ الاثنين الماضي، لكنها تركت آثارا مرعبة وقد تكون مزلزلة لاوروبا التي تخشى يوما قطع هذا الغاز عنها ردا على عقوباتها ويبقى هذا الهاجس قائما لدى المسؤولين الاوروبيين وسط دعوات الراي العام الاوروبي لهم بايقاف العقوبات ضد موسكو حفاظا على المصالح الاوروبية.

وبالطبع اذا ما تعمقت هذه الازمة فان اوروبا ستتخبط في سياستها وستعرض اقتصادها واستقرارها الى الخطر وستقع على مفترق طرق. ومع بدأ عمليات الصيانة المبرمجة سنويا لاكبر خط انابيب ينقل الغاز الروسي لالمانيا. وهي مجرد خضة، فكيف اذا تزايدت المخاوف الغربية من قطع امدادات الغاز الروسية وارتفعت التحذيرات من تمديد هذا الاغلاق اذا ما استمر النزاع في اوكرانيا واستمرت تداعيات العقوبات الغربية ضد روسيا.

واكثر ما يخشاه الاوروبيون باستمرار النزاع في اوكرانيا ان تمدد موسكو عمليات الصيانة المقررة للحد بشكل اكبر من امدادات الغاز لهم مما يؤدي الى تعطيل خطة تخزين كميات من الغاز لفصل الشتاء وبالتالي تفاقم ازمة الغاز التي توجب على الحكومات الاوروبية اتخاذ تدابير صعبة تثقل كاهلهم. هذا الوضع يدفع اوروبا للاسراع بتحقيق الاستقلالية للطاقة خاصة فرنسا التي يتعين عليها الاستعداد لمعركة التنظيم والتقشف وخفض الاستهلاك لتلافي الموقف.

وباعتراف الاوساط الاوروبية ان الغرب يعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة الاميركية وهذا هو خطأها في انتهاج سياسة تصب لصالح اميركا وخلافا لمصالحها وهذا يدفع بها وخاصة المانيا ان تتبع مسارا جديدا للعلاقات المحايدة في الوسط الدولي بعيدا عن التكلات الشرقية والغربية غير المجدية التي افرزتها الحرب الاوكرانية لانها في الواقع عقلية خاطئة تماما حيث يعتقد الغرب ان سلاح العقوبات يحل لهم المشاكل في حين انه يقعد القضايا ويدفع الامور الى التأزيم والتصعيد.

واليوم بات الاعتقاد سائدا في الغرب بان سلاح العقوبات هو ضد مصالحها وهذا ما تعمل عليه واشنطن لتأمين مصالحها على حساب الغرب ولا يهمها ما سيواجه غرب من مصاعب ومتاعب في هذا المجال.

فما يحدث اليوم في مسار امدادات الغاز لاوروبا هو مجرد حدث فني موقت جلب لها كل هذه الضجة والمخاوف وزيادة غير مسبوقة في اسعاره لدرجة انها هزت الاوروبيين ووضعتهم امام المجهول مما اضطر المستشار الالماني "شولتس" ان يعقب على ذلك بقوله "سأكون كاذبا اذا قلت انني لست خائفا من هذا"، فكيف اذا قررت موسكو وامام تعنت اميركا وحلفائها في ارسال العتاد والسلاح الى اوكرانيا لاستنزاف روسيا في الحرب، استخدام سلاح الغاز ضد  هذه القارة وامامها الشتاء القارص الذي لا يرحم.

ان هذه الخضة الغازية  تحتم على اوروبا ان تبحث عن مخرج لاتخاذ سياسة محادية عن اميركا تكفل  لها قرارها  واستقلالها ومصالحها وان لا تدور اكثر من هذا في فلك غباءها وجهلها لتكون كبش فداء خدمة للمصالح الاميركية.