ماذا بعد تحرير جمهورية لوغانسك؟
عمر معربوني
بتحرير مدينة ليسيتشانسك وضاحيتها الشمالية – الغربية بيلوغوريفكا وضاحيتها الجنوبية – الغربية فوفتسوياريفكا تصبح كامل أراضي جمهورية لوغانسك الشعبية تحت سيطرة الجيش الروسي والقوات الشعبية لجمهورية لوغانسك، لتنتقل العمليات الى مرحلة ثانية مختلفة تماماً. من المؤكد ان النمط الذي أُستخدم منذ عمليات مدينة ماريوبول حتى اللحظة سيكون النمط المعتمد وهو التطويق والإطباق على المستوى التكتيكي في محاور مختلفة لينتج عنه نتائج عملياتية ستؤسس مع مرور الوقت لنتائج استراتيجية .
في البداية لا بد من التأكيد ان عناصر المعركة الثلاث لا تزال بيد الجيش الروسي منذ بداية العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا وهي :
1- المبادرة : حيث من الواضح وبشكل جلّي ان الوحدات الروسية هي التي تختار مكان وزمان المعركة وهو امر في غاية الأهمية لا تزال القيادة الروسية تمسك بزمامه في كافة مراحل القتال .
2- المفاجأة : سواء كان الأمر متعلقاً بعمليات القصف والإستهداف من الأسلحة المختلفة او بما يرتبط بالمناورات التي تنفذها وحدات الجيش الروسي .
3- الحركة : وهي ميزة واضحة في مختلف مراحل المعارك وان انتقلت الحركة من المستوى الإستراتيجي – العملياتي كما كان الأمر في بداية العملية الى المستوى التكتيكي كما هو الحال منذ سحب الجيش الروسي وحداته من مقاطعات كييف وتشيرنيغوف وسومي حتى اللحظة
مقابل امتلاك الجيش الروسي لكامل عناصر المعركة فقد الجيش الأوكراني منذ بداية العملية القدرة على المبادرة والمفاجأة والحركة، وتحول ولا يزال الى الدفاع السلبي دون ان يتمكن من تطوير أي عملية هجوم مضاد الا على وسائل الإعلام الغربي، التي سوّقت بعد انسحاب الجيش الروسي من الشمال والشمال الشرقي، ان الانسحاب حصل بنتيجة الهجمات المضادة الأوكرانية، وهو عكس ما حصل تماماً حيث يُدرك الخبراء ذوي الشأن ان دخول الجيش الروسي الى مقاطعات كييف وتشيرنيغوف وسومي لم يكن الاّ مناورة جذب وتثبيت للقوات الأوكرانية ومنعها فيما بعد من القدرة على المناورة والحركة وتقديم الدعم للقوات الأوكرانية في الشرق والجنوب حيث تدور المواجهة الرئيسية الآن .
وبملاحظة سير المعارك من ماريوبول الى ليسيتشانسك يبدو واضحاً تسارع تنفيذ العمليات حيث استغرقت معركة ماريوبول اكثر من شهر ، فان تحرير سيفيرودونيتسك لم يستغرق سوى 15 يوم ، بينما لم تستغرق عملية تحرير ليسيتشانسك اكثر من 4 أيام .
هذا التسارع في سير العمليات يدّل على مسألتين أساسيتين :
1-استفادة الوحدات الروسية من التجارب السابقة واعتماد أساليب ميدانية جديدة متناسبة مع المستجدات ووضع خطط اكثر مرونة في آليات التعامل مع القوات الأوكرانية والإستخدام الجيد للأرض والأسلحة انطلاقاً من التقدير الدقيق للموقف والسرعة في اتخاذ القرارات التي تم على أساسها منح صلاحيات ميدانية لقادة الوحدات مشروطة بالتنسيق العالي وضبط حركة القوات ومستوى عالِ جداً من السيطرة على مجريات الميدان .
2- سرعة دخول القوات الأوكرانية في الطوق يعجّل انتقالها الى مرحلة الإنهيار الإدراكي وهي مرحلة فقدان الروح المعنوية ومن ثم انتقالها الى مرحلة الإنهيار العسكري .
على المستوى السياسي يمكن اعتبار تحرير كامل أراضي جمهورية لوغانسك انجازاً كبيراً سيمهد لمرحلة الإنضمام الى الإتحاد الروسي وهو ما سيحصل ايضاً مع جمهورية دونيتسك .
على المستوى الميداني ستنضم وحدات لوغانسك من الآن فصاعداً الى عمليات تحرير أراضي دونيتسك والتي تبقى منها حوالي 11 الف كلم مربع أي ما يعادل 40% من أراضي الجمهورية، وهو ما يعني مضاعفة الجهد الميداني ، ومن المؤكد ان وحدات لوغانسك ستتولى الجهد الرئيسي للعمليات باتجاه الغرب والشمال الغربي، في حين ان وحدات دونيتسك ستبدأ بتطوير العمليات باتجاه الشمال انطلاقاً من نقاط الإرتكاز الرئيسية والتي تشكل جبهتي افيديفكا وارتموفسك ( باخموت ) أساسها في المراحل الأولى من العمليات .
في الإحاطة القادمة سنقوم بشرح مفصل للمحاور واتجاهاتها على محاور دونيتسك المختلفة وايضاً على محاور جنوب خاركوف لكن لا بد من الإشارة الى ان العمليات العسكرية لن تتوقف بتحرير أراضي جمهورية دونيتسك .
بالعودة الى تصريحات كل من رئيسي لوغانسك ودونيتسك كان الكلام ان العمليات ستستمر الى حين تحقيق حزام آمان يتجاوز 300 كلم شمالاً وغرباً لحماية أراضي الجمهوريتين من أي ضربات اوكرانية مستقبلية محتملة ، وهذا يعني ان نطاق العمليات سيشمل مقاطعات زاباروجيا وخاركوف ودنيبرو وصولاً الى بولتافا شمالاً ، وما يعني ايضاً ان ما سيحصل بالنسبة الى لوغانسك ودونيتسك سينطبق على شبه جزيرة القرم وهو ما يحتّم تنفيذ عمليات اندفاع مستقبلية نحو مقاطعتي نيكولاييف واوديسا .
بانتظار بدء العمليات القادمة سنكون بالتأكيد امام استراحة قصيرة لمنح القادة والوحدات بعض الراحة لكن هذا لا يعني ان العمليات ستتوقف بشكل نهائي اقلّه في القطاع التي مُنيت فيه القوات الأوكرانية بهزيمة كبيرة والتي انسحبت من ليسيتشانسك الى سفيرسك لبناء خطوط مدافعة جديدة لمجابهة الهجمات الروسية القادمة .