لا بديل عن المصالحة
مما لا شك فيه ان بقاء اي صراع او ازمة مفتوحة في المنطقة هي مضرة للجميع ولا تخدم شعوبها ولادولها ولابد من بذل الجهود والمساعي لانهائها لان ذلك يخدم اعداء المنطقة ويصب في مصالحها اللامشروعة.
فما تبذله اليوم طهران من جهود ومن خلال السيد وزير الخارجية امير عبداللهيان لرأب الصدع بين انقرة ودمشق هو في الواقع ينطلق من حرصها على امن واستقرار البلدين بشكل خاص والمنطقة بشكل عام. وما يشجع طهران على القيام بهذه المبادرة هي الظروف الاقليمية والدولية الجديدة بعد العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا وما نتج عنها من تطورات وتوازنات جديدة القت بظلالها على المستويين الاقليمي والدولي. لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا تحركت طهران الان وبعد عقد كامل من تفجير الازمة التركية _ السورية؟ فالجواب هي الارضية التي توفرت الآن اثر المتغيرات التي طرأت على المنطقة والعالم خاصة على العلاقات التركية التي قامت بخطوات مهمة في ترتيب علاقاتها مع دول كالامارات ومصر والسعودية التي بلغت الذروة في خصوماتها مع انقرة، الا اننا رأينا انها عادت لاسلوبها القديم في تصفير مشاكلها، اضافة لتداعيات الحرب الاوكرانية التي وجدت طهران الفرصة سانحة لفتح باب المصالحة وفتح صفحة جديدة لتسوية علاقات البلدين تركيا وسوريا اللتين ترتبطان بعلاقات جيدة مع طهران.
لكن هناك من يتخوف بان هذه المصالحة لن تكن سهلة لوجود الفيتو الاميركي. اما ما حصل في العلاقات التركية ـ المصرية ـ السعودية ـ الاماراتية من تطور رغم تعقيداتها الكبيرة بانها كانت ضمن الخيمة الاميركية الواحدة.
فما شجع طهران على ان تبادر لاطلاق مشروع المصالحة بين تركيا وسوريا وجود هذه المتغيرات التي فرضت نفسها على دول العالم بسبب التحديات التي تواجهها.
فطهران في الوقت الذي تتفهم الهواجس الامنية التركية تدرك جيدا مدى ابعاد انتهاك السيادة السورية ووحدة اراضيها الاعتداء عليها.
طهران تسعى بشكل شمولى لانهاء عقد كامل من الازمة بين البلدين لكن اليوم تدخل على خط الشمال السوري كاولوية لمنع التصعيد ومن غير المنطقي ان نستبدل المخاوف الامنية بتفجير الوضع لتعقيد الازمة بل الحل يكمن في العقلانية والحكمة لتبديد هذه المخاوف من خلال الحوار والحل السلمي.