شكراً جعجع… خذ وقتك لتشكيل أغلبيّة جديدة… وسننتظر
ناصر قنديل
– من حسن حظ اللبنانيين أن القوات اللبنانية ومن يشبهها سياسيا في الدعوة لحكومة تضع أولوياتها للمواجهة مع سلاح المقاومة، لم ينالوا ما ناله مؤيّدو المقاومة وحلفاؤهم بنتيجة الانتخابات النيابية، فلو كانت حصيلة ما جمعته القوات وحلفاؤها الواضحون ستين نائباً، وكان نيل الأغلبية يستدعي تخفيض عدد النواب الى 120 نائباً وقتل ثمانية نواب لاحتساب الأغلبية على عدد الستين لشهدنا ما سبق وشاهدناه عشية انتخاب بشير الجميل رئيساً للجمهوريّة، يوم تعرّض كل من النائبين ألبير مخيبر وحسن الرفاعي لمحاولة اغتيال، ومن حسن حظ لبنان والمقاومة أن الأمين العام لحزب الله بعد نيل المقاومة وحلفائها 60 نائباً لم يقل سنسعى لإكمال العدد على الـ 65 عبر اتصالات نجريها لتشكيل أغلبية مع عدد من النواب المستقلين، الذين ظهر أن العدد المطلوب لتشكيل أغلبية مؤيدة للمقاومة موجود بينهم، بعدما حملت النتائج ثلاثة نواب في الشمال يمكن احتسابها من هؤلاء.
– الآن يقف اللبنانيون بين دعوة السيد نصرالله للحوار والتعاون لحكومة تضع أولويات مواجهة خطر الانهيار المالي، وبين إعلان رئيس القوات سمير جعجع بأن عدم نيل المقاومة وحلفائها للأغلبيّة يتضمن انتقال الغالبية إلى ضفة وصف حلفائه، وإعلانه البدء بمشاورات تهدف لبلورة هذه الغالبيّة وتوحيد خياراتها، وليس أكيداً أن فشل إحدى الدعوتين تعني فوز الأخرى. فكلام جعجع واضح برفض دعوة السيد نصرالله، لكن ذلك غير كافٍ لقبول صحة فرضية جعجع بتشكيل أغلبية، يستدعي تشكيلها أن ينضمّ 25 نائباً من غير مسيحيي قوى 14 آذار الى القوات والكتائب ومن يشاركهما العداء للمقاومة، ليصير القول عن انتقال الأغلبية من ضفة الى ضفة صحيحاً.
– لا يمكن لمزاعم جعجع أن تتحقق إلا إذا انضم 25 من أصل 30 هم مجموع نواب الحزب التقدمي الاشتراكي ونواب التغيير ونواب مستقلين ونواب منسحبين من تيار المستقبل، لكن يكفي أن يرفض رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط المشاركة في تكوين هذه الأغلبية، حتى تسقط الفرضيّة لأن ما تبقى لا يكفي لتشكيلها دون نواب الاشتراكي. والاشتراكي لا مشكلة لديه من حيث المبدأ بالمشاركة، لكنه لن يفعل ذلك إلا إذا تحقق حسياً هذه المرة من أنه لن يذهب ضحيّة خديعة شبيهة بما حدث في خديعة 5 أيار عندما صدق الوعود بتدخل خارجي يساند قرار حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بتفكيك شبكة اتصالات المقاومة، وعندما نسمع أن جنبلاط وافق على دعوة جعجع لتشكيل أكثرية جديدة، يجب أن نعرف اننا ذاهبون الى حرب أهلية تتبعها حرب خارجية، بغض النظر عن طبيعتها الانتحارية وثقتنا بفشلها في تحقيق أهدافها، فجنبلاط لن يفعلها إلا إذا تحقق من أن هذا ما سيحدث.
– قيمة كلام جعجع بأنه تمسّك بحديثه عن نقل الأغلبية من ضفة الى ضفة، لأنه أتاح لنا بسرعة التعرف على حجم القرار الخارجي ووجهته، من خلال أداة قياس تمثل دائماً بارومتر نوعيّاً، هي مواقف جنبلاط، الذي قرر الانتقال من ضفة الى ضفة عام 2000 وفقاً لمعطيات تقول إن حروباً إقليمية وداخلية مقبلة ستغيّر وجه لبنان وموقعه على الخريطة، وإن الزمن الأميركي مقبل، كما قال يومها للصحافي الراحل جوزف سماحة، هذا من جهة، لكن من جهة مقابلة فإن كلام جعجع، في حال لم يلق تأييداً جنبلاطياُ، فهذا يعني أن لا قرار دولياً بحجم جدّي يكفي لإقناع جنبلاط بجدّيته، بتفجير لبنان، لكن الأهم من جهة ثالثة أن جعجع الذي وضع مصيره السياسيّ مقابل زعم نيل الأكثريّة المناوئة للمقاومة مصرّ على هذه المقامرة، والحسم بين فرص النجاح والفشل بنتيجتها ليس بعيد الموعد، فيكفي رؤية كيفيّة تصويت جنبلاط في انتخابات رئاسة مجلس النواب لمعرفة الجواب.
– شكراً لله لأنه أراح المقاومة وحلفائها من عبء وقوعهم تحت ضغط مطالبتهم بتحمّل مسؤولية تشكيل حكومة، لو نالوا الأغلبية، وشكراً لسمير جعجع لأنه مكابر يُصرّ على تشكيل أغلبية معاكسة، فليأخذ وقته لتشكيلها وسننتظره، وفق معادلة يضحك كثيراً مَن يضحك أخيراً، ونتذكر ان جعجع وعدنا خلال الحرب على سورية بحلق شاربيه إذا لم يسقط الرئيس السوري خلال شهور صارت سنوات ولم يسقط الرئيس السوري ولم يحلق جعجع شاربيه.