الخلافات البينيّة تُرهق «الرئاسي»... وتعثر دمج الميليشيات
بعد مرور أكثر من شهر على تشكيله تحت شعار توحيد صفوف التيارات الموالية للتحالف السعودي - الإماراتي، يشهد «المجلس الرئاسي» تصدّعات داخلية عزّزتها الزيارة التي أجراها رئيسه، رشاد العليمي، وأعضاءه إلى الرياض وأبو ظبي نهاية الشهر الماضي.
وفشل العليمي في تحقيق رغبات أعضاء المجلس الذين لا يزالون جميعهم «نواباً للرئيس»، فيما يتّخذ بعضهم قرارات منفردة لا تخضع للنقاش داخل «الرئاسي».
هذه التصدّعات تمظهرت خصوصاً في ظهور العليمي، خلال الأيام الماضية، وحيداً في أكثر من لقاء أو برفقة نائبَين من نوّابه السبعة، وفي عدم انعقاد المجلس بكامل أعضائه. فعضو «الرئاسي»، فرج البحسني، غادر عدن ولم يَعُد إليها. ومثله، لايزال العضو المحسوب على حزب «الإصلاح»، سلطان العرادة، متغيّباً عن اجتماعات المجلس، بسبب وجوده في مدينة مأرب.
ووفقاً لمصادر ديبلوماسية يمنية، فإن غياب نائب الرئيس، عيدروس الزبيدي، الذي يسيطر على مدينة عدن ويتحكّم بملفّها الأمني عبر الميليشيات المنضوية في إطار «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي لأبو ظبي، ناتج عن خلافات داخل «الرئاسي».
هذه الخلافات البينية عزّزت أزمة الثقة التي تعيشها الميليشيات الموالية لكلٍّ من الإمارات والسعودية، وزادت من حدّة الانقسام الأمني والعسكري في المحافظات الخارجة عن سيطرة صنعاء. وعلى رغم إعلان مجلس العليمي توحيدَ صفوف الميليشيات المسلّحة الخارجة عن إطار «الشرعية» ودمْجها في إطار القوات التابعة لوزارة الدفاع، إلّا أن الخلافات والصراعات تصاعدت في صفوفها في عدد من المحافظات الجنوبية، كمحافظتَي الضالع وشبوة اللتين شهدتا، أخيراً، تصادماً عسكريّاً بين تيّارات موالية لـ«التحالف».
وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، قُتل عدد من القيادات العسكرية الميدانية الموالية لـ«الانتقالي» و«الإصلاح» في محافظة الضالع، حيث دارت مواجهات عنيفة في منطقة مريس بين عناصر من «الحزام الأمني» التابع لـ«الانتقالي» من جهة، وما تسمَّى «المقاومة الشعبية» التابعة لـ«الإصلاح» من جهة ثانية، أدّت إلى مقتل أكثر من 7 عناصر من الطرفَين، إضافة إلى مقتل نائب قائد قوات «الحزام الأمني» في الضالع، وليد الضامي.
وفي مواجهات دارت في محيط مقرّ هذه الميليشيا في منطقة حكولة في الضالع، قُتل قائد اللواء السادس في المحافظة، العميد محمد الشوبجي، كما تم الإعلان عن مقتل القياديَّين في «المقاومة»، سليم وصالح المسن.
وفي هذا الإطار، تشهد محافظة شبوة توتّراً عسكريّاً متصاعداً بين ميليشيات محسوبة على السعودية كـ«ألوية العمالقة» جناح حمدي شكري، وميليشيات «الانتقالي». ويأتي ذلك في ظلّ محاولة «العمالقة» السيطرة على منابع النفط والغاز في شبوة، وبسْط سيطرتها على المحافظة، وهو ما يعتبره «الانتقالي» حكراً على ميليشياته. وقالت مصادر قبلية في شبوة، لـ«الأخبار»، إن أطراف الصراع دفعت بتعزيزات عسكرية جديدة إلى أطراف مدينة عتق، قادمة من محافظة أبين.
من جهتها، عزّزت «ألوية العمالقة» وجودها في المناطق القريبة من حقول النفط كمرخة العليا وأطراف مديرية عسيلان، بعشرات الأطقم العسكرية خلال الساعات الـ72 الماضية. يأتي ذلك في أعقاب تعرُّض أنبوب النفط في شبوة لأكثر من عملية تخريبية خلال الأيام الماضية، نفّذها مسلّحون مجهولون.
وكانت مدينة عتق، مركز المحافظة، قد شهدت، أواخر الأسبوع الماضي، مواجهات عنيفة بين تيارات موالية لـ«التحالف».
وكخطوة استباقية، أجرى عضو «المجلس الرئاسي»، فرج البحسني، أواخر الأسبوع الماضي، تغييرات أمنية في ساحل ووادي حضرموت، وذلك لمواجهة نفوذ «الانتقالي»، الذي يحاول السيطرة على المحافظة. وشملت التغييرات التي أثارت سخط الموالين لـ«الانتقالي» في المحافظة، مدير أمن ساحل حضرموت، ومدير أمن الوادي والصحراء، وآخرين.
وفي ظلّ انقسام القوات التي كانت موالية لهادي، وتعدُّد ولاءاتها، لجأ العليمي، الأسبوع الماضي، إلى استدعاء شخصيات محايدة ووازنة في محافظة مأرب، في محاولة لترتيب صفوف تلك القوات.
وقالت مصادر قبلية إن «الرئيس» استدعى، الخميس الماضي، قائد «اللواء 26» الموالي لـما تسمى «الشرعية»، اللواء مفرح بحيبح، إلى مدينة عدن، إضافة إلى عدد من القيادات العسكرية التي أعلنت ولاءها للمجلس إلى مدينة عدن. وخلال لقائه بهم، كلّفهم العليمي بالعمل على إزالة التباينات في أوساط تلك القوات، وإعادة ترتيب الصفوف في جبهات جنوب مأرب.
العالم