kayhan.ir

رمز الخبر: 150308
تأريخ النشر : 2022May11 - 20:20

النفط والغاز بين برّي ونصرالله: مهلة شهر

 

 ناصر قنديل

– خرجت الحملات الانتخابيّة من قتامة البؤس والسواد، التي خيّمت على قلوب الناس بشحوب، فشلت جماعات التغيير بإزالته بعدما فقدت أيّ بريق للتميّز والتحقت كلياً بالمعسكر الداعي لأولوية مواجهة المقاومة وسلاحها، وصارت مجرد صوت في سرب المغردين تحت مظلة السفارات الملوّنة، وقد وضعت البلاد بين خيارين لما بعد الانتخابات، كل منهما أشد قتامة من الآخر: الأول استمرار المناوشات السياسيّة تحت عنوان السلاح، كما كان عليه الحال قبلها، وربما وصول المناوشات إلى ما هو أسوأ، من تهديد للاستقرار الأمني، بالفوضى إن لم يكن بخطر الفتن والحرب الأهليّة، والثاني هو هدوء جبهات المناوشات لصالح السير ببرنامج الحكومة الاقتصادي والمالي، وما يتضمنه من رفع للضرائب وحسومات على الودائع وانتظار عائدات التسول الدولي والإقليمي، واستمرار أزمات الكهرباء وتفاقم أزمات الاستشفاء وارتفاع أكلاف التعليم، ما يضع أغلب اللبنانيين أمام خيار الهجرة الحتميّة لمن يتيسر له ذلك، وبقاء الباقين للعيش في الجوع والذل.

– هذا المشهد القاتم بدأ الانقشاع لصالح كوة ضوء مع كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، عن معادلة الغاز والنفط بوليصة تأمين لبنان ضد الجوع والتسوّل والانهيار، وعن موقع قوة المقاومة المالي والاقتصادي في الاستعداد لضرب اليد على الطاولة بمقدرات تملكها المقاومة، وهي جاهزة لاستخدامها، لفرض تسريع التنقيب وصون الحقوق كاملة، شرط أن تخرج الحكومة من العبودية العمياء للمشيئة الأميركية، التي تقوم على مواصلة التفاوض المديد بلا جدوى، مع زيادة الضغوط على الدولة ورموزها لانتزاع تنازلات من حقوق لبنان في ثرواته البحرية، ربما تكون حاضرة في المساومات التي سيجريها الأميركيّون مع مرشحي رئاسة الجمهورية، وبالتوازي مواصلة الحملات على المقاومة لتحييد تأثيرها وقدرتها الرادعة عن ملف الغاز والنفط، لكن كلام السيد نصرالله بقي أملا صعب المنال، لأن صناعة القرار في الدولة تحكمها حسابات ومصالح تقع في أغلبها في خانة الخشية من الأميركي وما يهدّد به من عقوبات تطال أموال المسؤولين وعائلاتهم وحاشياتهم.

– جاء كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري ليضع خريطة طريق لكلام السيد نصرالله، فيقول سنمنح التفاوض مهلة شهر، وإذا لم يتم التوصل الى نهاية مرضية تضمن الحقوق اللبنانية، التي يبدو أنه بات محسوماً التوافق على اعتبارها محددة بالخط الـ 23 وفقاً لكلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم أمس، فعندها يطلب من الشركات التي تم تلزيمها التنقيب في البلوكات الحدودية التي يفترض أنها تختزن ثروات طائلة، أن تبدأ التنقيب تحت طائلة تلزيم شركات أخرى إذا تخلفت عن ذلك، وقيمة كلام الرئيس بري أنه أولاً يصدر عن رئيس السلطة التشريعية الذي يعتبر عراب المفاوضات وراعيها، وثانياً لكونه وضع معادلة مهلة الشهر التي سيسمعها الأميركيون والإسرائيليون ويقيمون لها حساباً، يعلمون أنه سيصعب رفضها من سائر أركان الدولة بعد مضي سنوات على المسار التفاوضيّ، وأكثر من سنة ونصف على الاتفاق على الإطار التفاوضي، وثالثاً لأن الأميركيين والإسرائيليين يضعون في حسابهم إذا امتنعت الشركات التي رست عليها التلزيمات عن التنقيب أن يكون البديل إما شركة روسية تستفيد من لحظة التصادم الروسي الغربي الراهنة، أو شركة إيرانية وفقاً لما سبق وأعلنه السيد نصرالله حول جهوزيتها للمهمة، وفي الحالين لفرصة وضع المقاومة لمعادلة الردع قيد التنفيذ، تمنعونا نمنعكم، وما يمكن أن تؤول إليه الأمور في هذه الحالة.

– خلال الصيف يبدو أننا سنكون على موعد مع تطورات متسارعة في ملف التنقيب عن الغاز والنفط، سواء عبر نهاية إيجابية أو سلبية للمسار التفاوضيّ. وهذا يفتح الباب لارتفاع منسوب الأمل لدى اللبنانيين بأن تشكل الانتخابات النيابية نقطة تحوّل نحو مرحلة جديدة يكون فيها للحلول الاقتصادية والمالية، التي تحفظ لهم البقاء في بلدهم، بكرامة العيش، بدلاً من خياري الهجرة أو التسول والذل.