من هو اللاعب الذي يعتبره غوارديولا أفضل مسدّد ركلات حرة في مسيرته؟
هناك مجموعة كبيرة من اللاعبين الذين يبدعون في تنفيذ الركلات الحرة، لكنَّ جيمس وارد براوس خطف عقل بيب غوارديولا وقلبه في تنفيذها. لماذا؟
لم يكن غوارديولا يُبالغ عندما وصف جيمس وارد براوس، قائد ساوثهامبتون، بأنَّه أفضل منفذ ضربات حرة شاهده في حياته في المؤتمر الصحافي الذي عقده في كانون الثاني/يناير 2021.
ما يؤكّد كلام غوارديولا هو أنّ جيمس يملك أحد أفضل معدلات تحويل الضربات الحرة إلى أهداف في أوروبا، بنسبة تصل إلى 14%، وهي أعلى من المعدل العام في الدوري الإنكليزي الممتاز، "البريميرليغ"، والتي تصل نسبتها إلى 6%.
وحسب صحيفة "The Athletic" البريطانية، سجّل جيمس 13 هدفاً من ركلات حرة منذ موسم 2016-2017، وهو ثاني أكثر عدد أهداف من ركلات حرة للاعب في الدوريات الخمس الكبرى بعد ليونيل ميسي، الذي سجّل 22 هدفاً.
لكنَّ قدرة جيمس على تحويل الضّربات الحرة إلى أهداف لم تكن محض صدفة، إنما جاءت نتيجة عمل متواصل لتحسين هذه المهارة لديه، إذ يتدرَّب باستمرار على لعب الركلات الحرة منذ صغره. وقد كان المتخصّص بلعب الضربات الحرة مع منتخب إنكلترا تحت 21 عاماً.
ماوريسيو بوتشيتينو، مدرب باريس سان جيرمان الحالي وساوثهامبتون السابق، كان أول من مَنح براوس الفرصة ليُصبح المنفذ الأول للضربات الثابتة للفريق في العام 2013.
بدوره، علق قائد ساوثهامبتون، وارد براوس، على هذا الأمر، وقال إنه يدرس كل حارس قبل كل مباراة، لكنَّ الأمر يرتبط بشكل كبير بتحضيره الذهني لتلك المواقف، والتكنيك الخاص به، إضافةً إلى حركة جسده أثناء التسديد.
"السر بالتقنية".. خليط من بيكهام وجيرارد!
"تكنيك" تسديد الضربات الحرة الخاص بجيمس وارد براوس هو خليط بين طريقة ستيفن جيرارد وقدوته ديفيد بيكهام، فما السر في ذلك؟
عند حصول وارد براوس على ركلة حرة، تكون الخطوة الأولى بالنسبة إليه هي تحفيز نفسه، أي أنَّه لا يُفكر سوى في رغبته في التسجيل ووضع الكرة في الشباك. بعدها، يقوم بالروتين المُعتاد، بحيث يحمل الكرة ويقوم بضربها مرتين على الأرض ويضعها في المكان المخصص لها.
بعدها، يقف أمام الكرة. وهنا يأتي دور عملية الكشف. يُدقق في "الحائط البشري" للخصم جيداً، ليعرف أين يقف اللاعبون الطِوال القامة وأولئك القصيرون، ويُحاول أن يقرأ تمركز الحارس وخيارات حركته، ويحدد المكان الذي سيسدد إليه الكرة. هذا ما شرحه براوس في مقابلة مع قناة النادي الرسمية.
ويتابع براوس الحديث عما يدور في عقله أثناء الوقوف لتنفيذ ضربة حرة، إذ يقول إنَّ التمركز أمام الكرة قبل التسديد هو أمر بغاية الأهمية لكي ينجح "التكنيك". يقف بزاوية 45 درجة تقريباً إلى جانب الكرة، ثم يتراجع 4 خطوات نحو الخلف، ويقوم بتحريك جسده حتى يستعد للتسديد.
في الخطوة الأخيرة، وهي تسديد الكرة أو لحظة "الإعدام"، كما يُحب جيمس أن يُطلق عليها عند تقدمه نحو الكرة، يضع قدمه اليسرى بجانبها، حتى تكون "سرعة الالتفاف أفضل لحظة تسديدها".
غالباً ما يُحبّ جيمس أن يقوم بالتسديد من الجانب الأيمن السفلي للكرة، لمنحها قوة أكبر، لتذهب إلى الزاوية المعاكسة للحارس بسرعة، تماماً مثل ضرب الكرة بطريقة "Backhand" في رياضة التنس؛ الضربة الخلفية أو الـ"Backhand"، أي عندما يضرب اللاعب الكرة بالوجه الخلفي للمضرب.
في مقابلة له مع "الغارديان" في العام 2020، قال جيمس: "رأيت بعض الصور لجسدي وللطّريقة التي أكون بها عندما أسدد الكرة، وهو ما يحيرني قليلاً. يعتقد المتابعون أنني أضغط على جسدي"، ويضيف ساخراً إنه يستطيع المشي بشكل طبيعي، حتى لو سدّد 10 ركلات حرة متتالية.
وأردف قائلاً: "قمت بتكييف جسدي للتعامل مع الأمر. أجد أنَّ هذه التقنية تسمح لي بالحصول على توجيه دقيق للكرة في الزاوية العليا أو السفلى. لكلّ شخص أسلوبه الخاص".
ويُكمل: "كلما مارست حركة ما، أصبح جسمك معتاداً عليها. انظر إلى الضربة الخلفية الشهيرة (Backhand) لروجر فيدرر أسفل الخط، وعدد المرات التي سدد فيها تلك التسديدة، أو انظر إلى جوني ويلكينسون. لقد قرأت كتابه عن الطريقة التي يتعامل بها مع الأمور. إذا مارست الكثير من التمارين، وقمت بالعديد من التكرارات، فإن جسمك سيتكيف مع الحركة، ويتعرف إلى "التكنيك"، ويُحسن جودة الضربة".
مثال تطبيقي
في الجولة الماضية من "البريميرليغ"، خطف وارد براوس الأضواء كالمعتاد، بتسجيله هدفاً من ركلة حرة ضد برايتون، ليُصبح على بُعد 4 أهداف من رقم ديفيد بيكهام كأكثر لاعب تسجيلاً للأهداف من ركلات حرة في تاريخ الدوري الممتاز.
طبَّق الروتين الخاص به قبل التسديد كالمُعتاد، لكنه حظي بمساعدة إضافية من زملائه في هذه الركلة بالتحديد. في لحظة التنفيذ، تحرك بيدناريك وروميو باتجاه مُعاكس (زميليه)، وقاما بعملية الإغلاق (block) على لاعبي برايتون، في محاولة لفتح "خط تسديد" أمام جيمس، حتى يركن الكرة في الزاوية بكل أريحية.
المثير للاهتمام أيضاً، أنّ براوس وزملاءه استطاعوا في هذه الركلة بالتحديد خداع حارس برايتون، روبرت سانشيز، إذ ظنّ سانشيز، بسبب توجه وارد براوس الجسدي، أنه سوف يُسدد الكرة على يساره فوق الحائط البشري، كما جرت العادة.
قراءة سانشيز الخاطئة دفعته إلى التحرك إلى الجهة المعاكسة، وَأخذ خطوة على يساره، ما أعطى أفضلية لجيمس على سانشيز الذي لن يستطيع بعد ذلك اللحاق بالكرة (الفيديو يوضح اللقطة).
بعد هدفه ضدّ برايتون، يكون جيمس وارد براوس قد سجّل 8 أهداف من ركلات حرة منذ بداية الموسم الماضي، وهو العدد نفسه لأهداف ليفربول وتشيلسي ومانشستر سيتي وأرسنال ومانشستر يونايتد وتوتنهام من ضربات حرة.