kayhan.ir

رمز الخبر: 149250
تأريخ النشر : 2022April18 - 19:37

لماذا يجب أن يأتي الرّد الروسي على “العُقوق” الإسرائيلي “عمليًّا” و”سريعًا” وبالصّواريخ وليس بالبيانات فقط؟

عبد الباري عطوان

بعد سنواتٍ طويلة من “العسَل” و”الانسِجام” بدأت العُلاقات الروسيّة الإسرائيليّة تدخل مرحلةً من التأزّم على أرضيّة تصويت “إسرائيل” في الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة لصالح مشروع قرار أمريكي بتجميد عُضويّة روسيا في مجلس حُقوق الإنسان التّابع للأمم المتحدة، واتّهام يائير لبيد وزير خارجيّتها روسيا بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

الخارجيّة الروسيّة أصدرت بيانًا شديد اللّهجة ضدّ هذا الموقف الإسرائيلي، الذي قال إنه “جاء مُحاولةً مكشوفةً لاستِغلال الوضع في أوكرانيا لصرف انتِباه المجتمع الدّولي عن الصّراع العربي الإسرائيلي الذي يعد من أقدم الصّراعات التي لم يتم تسويتها”، وانتقد البيان بشدّة “قضم الأراضي في الضفّة ومُواصلة الاحتِلال غير القانوني، وعزل أكثر من 2.5 مِليون فِلسطيني في جُيوبٍ معزولةٍ عن العالم في الضفّة وتحويل قِطاع غزّة إلى سجنٍ مفتوح”.

هذا الموقف الروسي تأخّر كثيرًا في رأينا، لأن الصّداقة الروسيّة الإسرائيليّة التي استمرّت لأكثر من عقدين كانت طريق من اتّجاهٍ واحد، وصبّت في المصلحة الإسرائيليّة، ولم تستفد منها روسيا على الإطلاق، والأخطر من ذلك أنها عرّضتها لانتقاداتٍ عديدة من قِبَل أصدقائها العرب، خاصَّةً صمتها على الاعتِداءات الإسرائيليّة الاستفزازيّة في عُمُق الأراضي السوريّة.

يصعب علينا أن نفهم هذه “الصّحوة الروسيّة” المُتأخّرة، التي اتّسمت بالشّعور بالمُفاجأة من هذا الموقف الإسرائيلي العُدواني الانتهازي تُجاهها في الأمم المتحدة وغيرها، فيائير لبيد وزير الخارجيّة الإسرائيلي أعلن مُنذ اليوم الأوّل وقوف كيانه في خندق أمريكا في الأزمة الأوكرانيّة، وأدان ما أسماه بالغزو الروسي، وأرادت حُكومته التّغطية على هذا الانحِياز الفاضِح بادّعاء الحِياد من خِلال عرض نفسها كوسيطٍ لحل هذه الأزمة الأوكرانيّة سلميًّا، واستِضافة المُفاوضات الروسيّة الأوكرانيّة في تل أبيب.

العداء الإسرائيلي لروسيا لم يقتصر على تأييد قرار طردها من مجلس حُقوق الإنسان الأُممي، بل ذهب إلى ما هو أخطر من ذلك، عندما تحوّلت “إسرائيل” إلى مَلاذٍ آمِن للمُعارضين الروس، ولكُل المِليارديرات الذين سرقوا عَرَقَ الشعب الروسي وفرّوا من وجه العدالة، وحموا أنفسهم بالحُصول على الجنسيّة الإسرائيليّة.

الرّد الروسي على هذه الطّعنات الإسرائيليّة المسمومة جاء باهتًا للأسف، وأقل بكثير من المُتوقّع، وتنكّروا لجميلها، وانحازوا لأعدائها في هذا الظّرف الأصعب في تاريخها، حيث باتت تقف على حافّة حربٍ عالميّة ثالثة، وتُواجه عُقوبات اقتصاديّة أمريكيّة وأوروبيّة شَرِسَة.

بيان وزارة الخارجيّة الروسيّة الانتِقادي لهذه الطّعنات الإسرائيليّة المسمومة لا يكفي في رأينا ونأمَل من روسيا التي تقف في مُواجهة الإرهاب الإسرائيلي ومجازره في سورية وفِلسطين المُحتلّة ولبنان، وقبلها مِصر والأردن، أن يكون الرّد في حدّه الأدنى بتزويد الجيش العربي السوري ببطاريّات الصّواريخ “إس 400″، والطّائرات الحديثة، للتصدّي بفاعليّةٍ للغارات الإسرائيليّة العُدوانيّة المُستمرّة مُنذ أعوام.

روسيا التي لم تتسامح مُطلقًا مع كتائب النازيّة الأوكرانيّة، وأرسلت قوّاتها لاجتِثاثها، عليها أن لا تتسامح أيضًا مع هذه الخِيانات والطّعنات الإسرائيليّة، وأن يكون ردّها عمليًّا وحازمًا، خاصَّةً في سورية والأراضي العربيّة المُحتلّة، أو هكذا نأمل، فالإرهاب الإسرائيلي تجاوز كُل الخُطوط الحُمر، ولا يجب السّكوت عنه، خاصَّةً من روسيا التي من المُفتَرض أن تكون حليفة العرب الأبرز تُجاه أولئك الذين وقفوا معها دائمًا في مُواجهة الغطرسة والهيمنة والمُؤامرات الأمريكيّة.