مفهوم الانتظار للإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)
عمار كاظم
في كلّ عام، تتجدد ذكرى مولد الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجل الله فرجه الشريف)، وهو الساكن في قلب الزمن الذي تمرّ أعوامه وشهوره، منتظراً من كلِّ جيل أن يلتفت إلى ما تعنيه ذكراه من رمزية دينية وإنسانية عالية، تفتح المجال أمامنا على مزيد من المسؤوليّة والوعي.
علينا أن نعرف أنّ معنى انتظارنا للإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)، ليس هو الانتظار السلبيّ، كمن يجلس حائراً قلِقاً ينتظر إنساناً يأتي إليه، ولكنَّه الانتظار الإيجابيّ الذي يقول فيه الإنسان لنفسه، ويقول فيه المجتمع لأفراده: إنَّ الإمام سوف يظهر من أجل أن يعيد الإسلام جديداً، ومن أجل أن يعيد الحقَّ قويّاً، ومن أجل أن ينشر العدل الشّامل في الأرض كلِّها.
إنّ الانتظار ليس معناه الجمود عبر تأكيد روحيّة الخنوع والاستكانة والخضوع للظّالمين، والعيش على أمل مجيء المخلّص، وهو الإمام الحجّة، فذلك غاية الجهل والسلبيّة التي تقتل الفرد والجماعة وتحاصر عقولهم، بل الانتظار هو الدافع الإيجابي والحافز للإنسان أن ينهض بنفسه، فيفتحها على كلّ قيم الرّسالة والدّعوة بالشّكل الواعي والحكيم، وأن يفهم دوره ومسؤوليّاته تجاه الحياة.
إنّه مفهموم إيجابي ثوري على النّزوات والشهوات والمصالح والأهواء، فعندما تريد أن تنتظر الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) وتكون من جنده، فعليك أن تنقّي قلبك وروحك من القذارات والأمراض والعقد، وأن تُعمل عقلك في آفاق الوجود، بما يترك لحركة العقل نتائج تنعكس وعياً لفهم الوجود والمسؤوليّات فيه.
إذاً، إنّ انتظار الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)، يفرض علينا أن نعدّ أنفسنا على أساس المواصفات التي يتميّز بها أنصاره وأتباعه والسّائرون في طريقه. فمع الإمام المنتظر (عجل الله فرجه الشريف)، ونحن ننتظره لا انتظار الغافلين، ولا انتظار المرتاحين، بل انتظار الرساليّين، لأنَّه في معناه في وجداننا الإسلاميّ، رسالةٌ نعيش روحانيتها في الحاضر، وننتظر حركتها في المستقبل. ونردِّد على الدوام: «اللّهمّ أرنا الطلعة الرشيدة والغرّة الحميدة، واجعلنا من أتباعه والمستشهدين بين يديه والسّائرين في طريقه».