kayhan.ir

رمز الخبر: 147710
تأريخ النشر : 2022March08 - 20:10

عن إنفانتينو.. الذي كرَّمه بوتين وظَلَم روسيا!

حملة شرسة على روسيا من بوابة الرياضة بسبب عمليتها العسكرية في أوكرانيا، لكن يجدر الحديث هنا عن شخص محدد هو جياني إنفانتينو. هذا ما فعله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع رئيس "الفيفا"، وهكذا تصرّف الأخير الآن تجاه روسيا.

كلام كثير يمكن أن يُقال عن الحملة الشرسة على روسيا من بوابة الرياضة، في محاولة لعزلها ومعاقبتها بسبب عمليتها العسكرية في أوكرانيا. ورغم أنَّ الروس أكدوا تحييدهم المدنيين الأوكرانيين في عمليتهم العسكرية التي تهدف إلى حماية روسيا من تهديد حلف شمالي الأطلسي، فإنَّ فصول الحملة الشرسة على روسيا من بوابة الرياضة لم تنتهِ، إذ تحولت الصحف والمواقع الرياضية الأوروبية إلى منصات سياسية ضد روسيا، لتنقل وجهة النظر الأوكرانية والغربية، مع ما يترافق ذلك من عقوبات تطال الرياضة الروسية، من خلال استبعادها من البطولات الرياضية.

لكن لا بدَّ من الحديث هنا عن شخص أكثر من غيره، هو السويسري جياني إنفانتينو. لماذا إنفانتينو؟ لأَّنَّ رئيس أهم اتحاد رياضي في العالم، وهو الاتحاد الدولي لكرة القدم، خالف شعار اتحاده بفصل الرياضة عن السياسة، وقرَّر استبعاد روسيا من تصفيات مونديال 2022.

لماذا الحديث عن إنفانتينو؟ لأنَّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقبل رئيس "الفيفا" وكرَّمه على غرار ما يفعل مع كبار زعماء العالم. إنفانتينو حلَّ ضيفاً على بوتين أكثر من مرة في قصر الكرملين خلال التحضيرات لكأس العالم 2018، حتى إنه ركل الكرة معه في الكرملين في مشهد لا يُنسى. كان إنفانتينو حينها دائم المديح لبوتين وروسيا. وبعد مونديال 2018، قال: "لقد كانت أهم بطولة كأس العالم في التاريخ"، وقال أيضاً: "لقد أحببنا جميعنا روسيا".

وبعد كأس العالم، في شهر حزيران/ يونيو الماضي، استضاف بوتين إنفانتينو في الكرملين، واستذكرا المونديال الروسي. ومجدداً، كان المديح من إنفانتينو لبوتين وروسيا وتلك البطولة.

تلك الحفاوة من بوتين بإنفانتينو رفعت بالتأكيد مكانة رئيس "الفيفا" في العالم، وهو مكسب شخصي له بأن يحظى بالتكريم الدائم من رئيس مثل بوتين ودولة مثل روسيا.

لكن ما هي النتيجة الآن؟ ها هو إنفانتينو يتناسى كل التكريم الذي حظي به، ويتناسى كل ما قاله عن روسيا ومونديالها الذي أبهر العالم، والذي عاد بالفائدة على "الفيفا" وإنفانتينو، وها هو يعاقب روسيا، في تداخلٍ واضحٍ بين السياسة والرياضة.

ها هو إنفانتينو يكشف الآن عن وجهه الحقيقي،لتظهر أنَّ مصلحته حينها كانت تتمثل بكيل المديح لروسيا حتى ينجح مونديالها، ليُقال إن تلك البطولة كانت في فترة رئاسته، وها هو يرضخ للسياسة معاقباً الرياضة الروسية.

الاستفزاز بدأ قبل الحملة العسكريّة

ما يمكن قوله بكلّ وضوح أنّ روسيا كانت تتعرّض دائماً للهجوم والاستفزازات على مرأى "الفيفا" والعالم قبل عمليّتها العسكريّة، ما يؤكد استهدافها بشكل دائم، ويكشف المؤامرة ضدها،إذ اتّخذت العملية العسكرية الحالية مطيّة زائفة لمهاجمتها.

في بطولة كأس أوروبا الصيف الماضي، لم يتوانَ المنتخب الأوكراني عن وضع خريطة أوكرانيا، ومن ضمنها شبه جزيرة القرم التي أصبحت تحت السيادة الروسية منذ العام 2014 باستفتاء شعبي، مع شعارَين مرتبطين باليمين الأوكراني المتطرف، لتعتبر روسيا تلك الخطوة "استفزازاً سياسياً"، ويقول بوتين حينها: "إنَّ الأوكرانيين يحتقرون الإرادة الشعبية لمواطني القرم".

حينها، لم يحرك العالم ساكناً، بخلاف ما يفعل الآن ضد روسيا، ولم تنتقد الصحف والمواقع الرياضية الأوروبية الخطوة الأوكرانية المستفزة للروس، والتي أقحموا فيها السياسة في الرياضة في بطولة من أهم البطولات في العالم، هي كأس أوروبا.

ازدواجية المعايير

كثر الحديث حالياً مع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا عن ازدواجية المعايير في فصل الرياضة عن السياسة. الأمثلة لا تُعد ولا تحصى هنا، وخصوصاً عندما يكون الأمر مرتبطاً بالحق الفلسطيني وتضامن اللاعبين معه، مثل ما حصل مثلاً في أيار/مايو الماضي خلال اعتداءات الاحتلال على المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح والعدوان على غزة.

لكن لنبقَ عند "الفيفا" الذي قرّر حالياً معاقبة روسيا، لنسأل: ما كان موقفه قبل عدة أعوام إزاء مطالبة الفلسطينيين بأبسط حقوقهم؟ في العام 2016، توجَّه الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بطلب إلى نظيره الدولي لمعاقبة أندية المستوطنات التي تلعب في الضفة، بما يخالف قوانين "الفيفا"،ووقف نشاطها، لكن كل المحاولات الفلسطينية باءت بالفشل، إذ إنَّ الاتحاد الدولي رفض اتخاذ قرار في المسألة، وأبقى الأمور على حالها، رغم الحق الفلسطيني الواضح، وحق الفلسطينيين بالتأكيد لا يتوقف عند هذه المسألة بل بتحرير كل فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي.

حينها، كان يجب أن ينصف إنفانتينو و"الفيفا" الفلسطينيين، لكنَّهما لم يفعلا. أما الآن، فإنَّ إنفانتينو و"الفيفا" لم يتوانيا عن الوقوف ضد روسيا. أهكذا يكون الحقّ!