kayhan.ir

رمز الخبر: 147693
تأريخ النشر : 2022March07 - 20:25

الإمام السجاد "ع" الصوت الاعلامي المدوي لديمومة ثورة كربلاء

 

أجمل التبريكات واحلى التحيات وافضل الامنيات نقدمها لكم بمناسبة ميلاد رابع انوار الهداية والولاء جعلنا الله واياكم من السائرين على نهجه الوضاء ، لم تعرف الدنيا في عمرها الطويل أناساً كالأئمة صلوات الله عليهم ، فقد جمعوا المكارم كلها ، وحازوا الفضائل بأجمعها ، ومن العجب أن لا تجتمع الأمة بأسرها على إمامتهم مع إجتماعهم على ما يرونه فيهم من آيٍ وحديث، وما يذكرونه لهم من علمٍ وعمل وعبادةٍ وزهادة وورع وأخلاق وكرمٍ وشجاعة وسيرةٍ مثلى، وأنّ الإمامة فيهم، قد نص عليهم الرسول الأعظم (ص) وسمّاهم واحداً بعد واحد، ولا هم رأوا الخلافة بالأفضلية، فهي حينئذٍ لهم ولا تتعداهم، فهم أفضل هذه الأمة نسباً، وأزكاهم حسباً، وأكثرهم علماً، وأحسنهم عملاً، وأسبقهم إلى مكارم الأخلاق.

وإهمال شطر الأمة عن الإقرار بإمامة الأئمة من أهل البيت (س) ظلم لهم وغمز لحقوقهم التي شرعها الله والرسول، كما هي بنفس الوقت ظلم من الناس لأنفسهم بجحدهم الحق، ونكوصهم عن الطريق السوي مع علمهم بفضلهم وجليل مقامهم , تماما كما جاء في سورة النمل المباركة (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً ) , ولكن ولله في خلقه شؤون.

لقد عاش الإمام زين العابدين (ع) في المدينة المنورة، حاضرة الاِسلام الاُولى، ومهد العلوم والعلماء، في وقت كانت تحتضن فيه ثلّة من العلماء ، فكان بشهادة أكابر أبناء طبقته والتابعين لهم، الاَعلم والاَفقه والاَوثق، بلا ترديد. فقد كان أحدهم يقول : (ما كان أكثر مجالستي مع علي بن الحسين، وما رأيت أحداً كان أفقه منه). وممن عرف هذا الاَمر وحدّث به الفقيه. هذا وقد كانت مدرسته تعج بكبار أهل العلم من حاضرة العلم الاُولى في بلاد الاِسلام، يحملون عنه العلم والاَدب، وينقلون عنه الحديث وعلوم الشريعة من تفسير القرآن الكريم والعلم بمحكمة ومتشابهه وناسخه ومنسوخه وأحكامه وآدابه , كما تأدبوا على يديه في مجالسه بآداب الاِسلام التي شحنها في أدعيته التي اشتهرت وانتشرت في عهده حتى أصبحت تشكّل لوحدها ظاهرة جديدة في تبني أسلوب روحي متين، ليس لاِحياء القلوب وشدّها إلى الله وحسب ؛ بل إلى إحياء معالم الشريعة وحدودها وآدابها الاَدعية التي حفظ المشهور جداً منها في الصحيفة المعروفة بالصحيفة السجادية نسبة إليه حيث عرف الإمام علي زين العابدين بالسجاد.

ولحكمة الهية باللغة بقی الامام علي بن الحسين (س) حيا بعد المجزرة الدموية الاموية التي حلت ببيت الرسالة في كربلاء ، في وضع مأساوي وصفه الامام السجاد (ع) ذاته في جوابه (للمنهال بن عمر) حين سأله ، كيف امسيت يا أبن رسول الله؟ قال (س) : (أمسينا كمثل بني اسرائيل في آل فرعون، يذبَحون أبنائهم ويستحيون نساءهم). ولقد نجا (ع) بقدرة الله تعالی، في حين كان عمره يومها ثلاثا وعشرين سنة ، فقد كان المرض الذي استبدَ به لاسقاط واجب الجهاد بالسيف عنه.

وقد قدر للإمام زين العابدين أن يتسلّم مسؤولياته القيادية والروحية بعد استشهاد أبيه عليه السلام، فمارسها خلال النصف الثاني من القرن الأول، في مرحلة من أدق المراحل التي مرّت بها الأمة وقتئذ، وهي المرحلة التي اعقبت مرحلة الفتوح الاولى، فقد امتدّت هذه المرحلة بزخمها الروحي وحماسها العسكري والعقائدي، فزلزلت عروش الأكاسرة والقياصرة، وضمت شعوبا مختلفة وبلادا واسعة الى الدعوة الجديدة، واصبح المسلمون قادة الجزء الاعظم من العالم المتمدن وقتئذ خلال نصف قرن.

وجاء دور الإمام السجاد عليه السلام بعد استشهاد أبيه الامام الحسين (س) مباشرة، ليقوم بما عليه في هذه المرحلة، والتي تمثلت بدوره الإعلامي من خلال إظهار الجانب المفجع والمأساوي لما حدث في كربلاء وما صنع الأعداء بأهل البيت (سلام الله عليهم) من ذبح وسبي، والإمام لم يقم بذلك من اجل العبرة فقط ولكن لكي يستطيع بعمله هذا ترسيخ الفاجعة في أذهان الناس ومن خلال ذلك يثير لدى الناس نتائج الطف السامية وترسيخ القيم الاسلامية التي جاهد من اجلها الامام الحسين عليه السلام.

لقد مر الامام السجاد (س) بعد واقعة الطف الاليمة بفترة وصفت بالحرجة، حيث انه عاش حياة الحصار والتكتم الاعلامي من قبل الامويين، فكان لا مجال للإمام لإبلاغ رسالته والسير على النهج الذي خطّه جده النبي (ص) وآباؤه (سلام الله عليهم)، ولذلك قاد الامام السجاد (س) وبعد حوادث الطف مباشرة، حركته الاصلاحية للأمة ويمكن المتتبع في هذا المجال، ان يلمح في قيادة الإمام عليه السلام ظاهرتين اثنتين ،

الاولى: استكمال الشوط الرسالي الذي بدأه الإمام الحسين (س)، حيث ان كان بنو أمية والضالعون في ركابهم مدركين تماما ما للحسين وآل البيت من مكانة لاتضاهيها مكانة في نفوس المسلمين وكانوا يعلمون ان قتل الحسين واصحابه في كربلاء سيثير سخط المسلمين عليهم، ومن أجل ذلك خططوا لتعميمه وبذلوا كل وسعهم لاثارة الضباب، لكي يمتصوا ايَ ردَ فعل متوقع، لاسيما في بلاد الشام حصنهم القوي.

الثانية: تبني منعطف جديد للحركة الاصلاحية في الأمة. ذلك لان المتتبع لطبيعة دور الإمام السجاد (ع) في الحياة الاسلامية بعد عودته ، يلمح انه قد رسم منهجه العملي بناء علی دراسة الاوضاع العامة للامة بعد ثورة الإمام الحسين ، وتشخيص نقاط ضعفها ومقومات نهوضها.

فلقد مارس الإمام عليه السلام، دوره من خلال العلم علی انماء التيار الإسلامي الرسالي الاصيل في الامة وتوسيع دائرته في الساحة وقد ساعد في انجاح عمله عاملان اساسيان هما : الاضطراب السياسي والاجتماعي الذي تفجر في اكثر مراكز العالم الاسلامي اهمية وتاثيرا بعد مأساة الطف مباشرة والثانية التجاوب مع اهل البيت عليهم السلام من قبل قطاعات واسعة من الامة وذلك نتيجة لشعور اسلامي عام بمظلومية أهل البيت عليهم السلام خصوصا بعد استشهاد الإمام الحسين (ع).

كما واصل الإمام السجاد عليه السلام ، حركته الاصلاحية للامة عن طريق الابلاغ والتبليغ بأسلوب الدعاء والتي جمعت بالصحيفة السجادية والتي عبّر عنها أهل البيت عليهم السلام، بإنجيل أهل البيت وزبور آل محمد عليهم السلام. فإن ما تمثّله هذه الأدعية من دور بنّاء ضروري في حياة الانسان وبناءه بناء انساني لما تحمله من أساليب ومعاني راقية في دعاء المولى سبحانه وبنفس الوقت هي دستور حياتي في المثل والأخلاق والفضائل يتربّى على مبادئها كل إنسان يريد الكمال وبلوغ الذروة في خط الإنسانية. فقد اعتبرت هذه الصحيفة المنهج الواضح لبيان الاسس الحقّة وطرق التقرب للمولى العزيز سبحانه وتعالى.