kayhan.ir

رمز الخبر: 146543
تأريخ النشر : 2022February15 - 20:10

لا تصدّقوهم عن أوكرانيا إنها روسيا الأرثوذكسيّة ونحو نصف ثروات العالم

محمد صادق الحسيني

ليست المرة الأولى في التاريخ التي تطفو فيه الأزمة الأوكرانيّة على صفيح المسرح الدولي… ولأنّ ثمة ما هو أعمق من السياسة في خلفية الأزمة الأوكرانية، فضّلنا أن نستحضر قليلاً من العناصر الأخرى المهمة في الأزمة من خلال العودة قليلاً الى التاريخ لعله يفيدنا بما خفيَ من أبعاد…

إليكم بعض ما حققناه والحكم لقارئنا الحصيف:

1 ـ ذكر اسم أوكرانيا للمرة الأولى في التاريخ سنة ١٣٨٠ عندما تمّ تعيين المتروبوليت في منصب متروبوليت موسكو ونووغرود (تقع هذه المدينة في شمال غرب روسيا قرب الحدود مع إستونيا حالياً).

2 ـ هذا التعيين قامت به الكنيسة البيزنطية التي كانت لها الولاية الدينية على مسيحيّي روسيا. ولم تكن لها ولاية سياسية.

3 ـ كلمة أوكرانيا في اللغة الروسية والأوكرانية المحكية في ذلك الزمن كانت تعني: منطقة حدود. وكانت تطلق على أكثر من مكان في روسيا آنذاك. لم يكن لها أي معنى سياسي او قانوني.

4 ـ كانت أوكرانيا في ذلك الزمن تسمّى روسيا الصغرى فيما كانت موسكو وما تبعها تسمّى روسيا الكبرى، ضمن دولة واحدة طبعاً. وكانت أوكرانيا تقع تقريباً في موقعها الجغرافي الحالي، أي جنوب غرب روسيا.

5 ـ بدأ الحديث عن «الشعب الأوكراني أو شعب روسيا البيضاء في القرن التاسع عشر فقط.

6 ـ تشكلت حركة «قومية» أوكرانية نهاية القرن التاسع عشر/ بداية العشرين والتي بدأت تنادي باستقلال او انفصال أوكرانيا عن روسيا.

7 ـ خلال الحرب العالمية الأولى قامت ألمانيا القيصرية بدعم الانفصاليين الأوكرانيين وذلك بهدف إضعاف الامبراطورية الروسية من الداخل.

وقامت ألمانيا القيصرية، بدعم من الفاتيكان وامبراطورية النمسا، بإخضاع خمسين ألف أسير حرب، من أصول أوكرانية، لدورات غسيل دماغ وتعليمهم النظريات الاشتراكية لزجّهم في روسيا لنشر هذه الأفكار الجديدة لإضعاف الحكم القيصري في روسيا.

لكن ذلك كان متأخراً لأنّ ألمانيا هزمت في الحرب. وللمفارقة وضعت الحرب أوزارها بزوال الحكم القيصريّ في روسيا.

8 ـ عقدت شخصيات قومية (كانت مدعومة من ألمانيا القيصرية) اجتماعاً بتاريخ ١٧/٣/١٩١٧ وقرّر المجتمعون إجراء انتخاب لرئيس الجمعية: ميخائيلو هروشيسكيي Mychailo Hrushewskyi. وتمّ انتخابه كرئيس للبرلمان (رادا  Rada) الأوكراني بتاريخ ٢٠/٣/١٩١٧.

9 ـ بتاريخ ٢١/٤/١٩١٧ أنهت الهيئة البرلمانية المذكورة أعلاه اجتماعاتها في كييڤ بالمطالبة بالاستقلال الذاتي/ الحكم الذاتي لأوكرانيا.

الحكومة الروسية المؤقتة (مؤقتة لأنها شكلت بعد الثورة البلشفية وخلع القيصر) لم تعترف بحكم ذاتي لأوكرانيا…

10 ـ بتاريخ ٧/١١/١٩١٧ (حسب الروزنامة الروسية (٢٠/١١/١٩١٧ حسب الروزنامة العربية) أعلن «البرلمان» الأوكراني قيام جمهورية أوكرانيا الشعبية، كجمهورية ضمن روسيا السوڤياتية الجديدة، يعني ليس كدولة منفصلة وإنما كجزء من الدولة الروسية الجديدة والتي أصبح اسمها جمهورية روسيا السوڤياتية.

طبعاً هذه الخطوات تمّ اتخاذها بالتوافق مع الحزب الشيوعي الروسي وقائد الثورة البلشفية: لينين.

من جهة أخرى لا بدّ لأيّ متابع متعمّق للأزمة الأوكرانية أن يعلم بأنّ…

٢٣% فقط من مساحة روسيا تقع في القارة الأوروبية، بينما يعيش في هذا الجزء من روسيا ٦٥% من سكان روسيا كاملة، ويقدّر عدد هؤلاء السكان بِـ ١٠٠ مليون نسمة، حيث تقع موسكو ولينينغراد في هذا الجزء الأوروبي من روسيا.

الأغلبية الساحقة من المواطنين الروس، والذين يدينون بالمسيحية الأرثوذكسية، يرفضون التقاليد الأوروبية، ما يعني أنهم يرفضون ان تكون روسيا جزءاً من أوروبا او المدنية الأوروبية.

وإذا ما علمنا أنّ ٨٠ في المئة من الثروات الطبيعية الروسية تقع في الجانب الآسيوي من روسيا الاتحادية والتي تشكل ٤٠ في المئة من ثروات العالم.

وانّ أكثر من ٩٠ في المئة من الروس هم أرثوذكس في الديانة ولا يعترفون بتسلط الفكر الديني الأوروبي والغربي عليهم، سنعرف لماذا تدخلت ألمانيا القيصرية وامبراطورية النمسا قديماً بغطاء من الفاتيكان بتحريك الأقلية الكاثوليكية الضئيلة جداً في غرب أوكرانيا في أوائل القرن الماضي، وأخيراً أميركا لشقّ الأرثوذكسية الروسية من خلال خلق مرجعية (كنيسة) أرثوذكسية مستقلة عن موسكو في كييف…!

انها الأطماع الغربية الاستعمارية التي رأت في كلّ روسيا منذ فجر التاريخ مجرد فضاء وأرض وجغرافيا للتوسّع والسيطرة على مقدراتها لصالح شركات الغرب المتعددة الجنسيات!

بعدنا طيّبين قولوا الله…