وقفة اجلال لبلد المليون شهيد
ما حصل في قمة الاتحاد الافريقي الذي انعقد امس الاول الاحد في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا من اجماع لالغاء منح عضوية مراقب للكيان الصهيوني في الاتحاد كان امرا غير متوقع لاسباب كثيرة بسبب التشابك التجاري والتسليحي الموجود في العلاقات الاسرائيلية - الافريقية حيث تزعم «اسرائيل» انها تمتلك علاقات مع اكثر من 40 دولة من اصل 55 دولة افريقية وهذه قضية ليست عادية ان تستطيع دولة او دولتان ان تحشد هذا الاجماع لصالح القضية الفلسطينية في وقت ان الاغلب ليسوا عرب وان بعض هذه الدول تعاني من مشاكل ومعاناة اقتصادية تسلل اليها اسرائيل بذريعة تقديم التكنولوجيا والبعض الاخر يرتبط بعلاقات تسليحية وحتى تجارية متقدمة معها كدولة جنوب افريقيا؟! لكن الاخيرة لم تنس المواقف العنصرية والعدائية الاسرائيلية الداعمة لنظام الابارتايد في ظل حكم البيض في جنوب افريقيا ورغم كل هذه العوامل والمغريات واجواء التطبيع والضغوط الغربية لم تستطع ثني قمة الاتحاد الافريقي من اتخاذ قراره بالاجماع لتعليق عضوية هذا الكيان بصفته كمراقب في الاتحاد الافريقي.
لذلك كما اشرنا سلفا ان التحشيد الثنائي للجزائر وجنوب افريقيا لهذا الكم الهائل من الاصوات الافريقية التي للبعض منها مصالح مع الكيان الصهيوني المتغلغل في صفوفها ليست بهذه البساطة ولو لا الدولة الجزائرية ودبلوماسيتها الفعالة والعمق التاريخي والارث النضالي الذي تمتلكه بلد المليون شهيد في مقارعة الاستعمار الفرنسي الذي يعتبر من أقذر أنواع الاستعمار في قمع الشعوب، والدولة الثانية التي لعبت دورا بارزا في هذه القضية هي دولة جنوب افريقيا التي هي الاخرى قد عانت الويلات والكوارث والمجازر في التصدي لمواجهة نظام التمييز العنصري الذي حكم هذا البلد.و بالطبع لا ننسى الموقف المبدئي للدول الاعضاء في الاتحاد الافريقي باحترامها لمبادئ الاتحاد في مقارعة الاستعمار و سياسة التمييز العنصري الذي كان دخيلا في اتخاذ هذا القرار.
ولا ننسى ان نقف وقفة اجلال للدولة الجزائرية التي قادت هذا التحرك بمساعدة من جنوب افريقيا ونيجرية وتونس وغيرها ونحييها على جهودها المكثفة التي بذلتها لتسجيل انتصارات متعددة ومدوية واولها واهمها انتصار القضية الفلسطينية والجزائر معا لالغاء عضوية الكيان الصهيوني الغاصب للقدس والتي مارس الارهاب الحكومي وليس في فلسطين فقط بل في المنطقة والعالم والشواهد كثيرة على ذلك ولابد ان يعزل ويطرد من المحافل الدولية.
اما الانتصار الثاني الذي سجلته الدول الجزائرية وعبر رئيسها استطاع بالتعاون مع ستة رؤساء افريقيين تشكيل لجنة سباعية لا تضم وللاسف الشديد اي رئيس عربي خوفا من الغضب الاميركي.
وبالتالي ان هذه الخطوة هي انتصار لكل العرب والمسلمين والبشرية عندما يعزل نظام عنصري قاتل للاطفال ويطرد لاحقا من المحافل الدولية ويقطع ايديه لكي لا يعبث بمقدرات الشعوب من خلال خبثه وتأزيمه للاوضاع في القارة السوداء بهدف الاختراق وتشتيت صفوفها حتى يسهل عليها الهيمنة على مقدراتها.
لكن المؤسف هو من اوصل الدول لافريقية الى هذه الدرجة بتوسيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني، هو انكاف مصر عن دورها العربي والتزامها بمعاهدة كامب ديفيد الخيانية التي وقعها السادات المقبور وواصلها الرؤساء بعده وهكذا معاهدة اوسلو التي وقعتها السلطة الفلسطينية مع هذا الكيان قدم ذريعة للافارقة على اقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني.
فما نأمله من الجزائر الشقيقة ان تبذل نفس الجهد بالتعاون مع دول محور المقاومة لاعادة سوريا الى مقعدها فورا واعطاء دور اكبر للفصائل الفلسطينية الممثلة الحقيقية للشعب الفلسطيني لمحاصرة وتقييد دول الخيانة المطبعة التي قفزت على الحقوق الفلسطينية زورا وبالتالي اعادة الجامعة العربية الى حضنها العربي بعد ان ارتمت في الحضن الصهيوني عبر ادوات اميركا.