الإعلام الأعور يركز على طفل سقط في بئر ويتعامى عن أطفال اليمن؟!
في الايام القليلة الماضية، ركز الاعلام وخاصة الاعلام العربي على قضية الطفل المغربي "ريان" الذي سقط في بئر ضيق، وتابع بدقة عمليات إنقاذه، ولكن الاعلام ذاته يتعامى منذ سبعة أعوام عن معاناة أطفال اليمن الابرياء.
ومن المؤكد أن الاهتمام بقضايا الاطفال أينما كانوا ومنهم الطفل "ريان" هي حالة إنسانية محمودة، وهي تجسد السلوك السوي لدى جميع البشر، لأن الأطفال كائنات بريئة لا تعرف الإجرام ولا تمارس النفاق، وتتصرف على الفطرة والغريزة.
لكن الذي يثير التساؤل والاستياء أيضا: أين هو الاعلام وخاصة الاعلام العربي من قضايا الاطفال في الدول الاخرى، وفي مقدمتهم اطفال اليمن الذين يعانون من آثار الحصار الجائر منذ قرابة سبع سنوات؟!
أين هؤلاء الذين أشعلوا منصات التواصل الاجتماعي بمتابعة قضية الطفل "ريان"، من أطفال اليمن ومعاناتهم؟
أين الشخصيات والنخب العربية والاسلامية من معاناة الطفولة في اليمن؟ أم أن أغلب هؤلاء يراعون لئلا يسيئون للسعودية والامارات؟ أم أنهم يخشون استياءها وقد يكون بعضهم يخشون ان تقطع عنهم بترودولاراتها؟!
طبعا لا ينبغي ان ننسى مواقف بطولية أطلقها بعض الشجعان في انتقاد العدوان الصهيوني – الاميركي – السعودي – الاماراتي على اليمن، ونتذكر هنا بإجلال موقف وزير الإعلام اللبناني السابق، جورج قرداحي، الذي وصف هذه الحرب بالعبثية وأكد ان "الحوثيين" يدافعون عن بلدهم. وشاهدنا أن مملكة الشر وأشقاءها الصغار اتخذوا هذا الموقف ذريعة للتنكيل بلبنان وإكمال حلقة المؤامرة الصهيوأميركية ضده، وإحكام الحصار الاقتصادي على شعبه، وكلنا نعرف ان الهدف هو سلاح المقاومة.
فما ذنب أطفال اليمن ليعانوا كل هذه المعاناة؟ نعم قد يكون ذنبهم وذنب آبائهم أنهم يريدون العيش بحرية وكرامة واستقلالية.
تفيد احصائيات منظمة "انتصاف" لحقوق المرأة والطفل في اليمن، أنه في بدايات النصف الثاني من شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2021، هناك حوالي 600 ألف طفل يمني من الخدج بحاجة الى إيصال الوقود لتشغيل الحضانات لإبقائهم على قيد الحياة، وأن هناك اكثر من 400 ألف طفل يمني يعاني من سوء تغذية حاد، 80 ألف طفل منهم معرض للموت في أي لحظة، وأن اكثر من 3 آلاف طفل مصابون بتشوهات بالقلب، وهم بحاجة الى أجهزة خاصة تمنعها قوى العدوان.
كما أكد وزير الصحة اليمني طه المتوكل، ان أعداد الاصابات بالسرطان قد تضاعفت في اليمن بسبب استخدام العدوان اسلحة محرمة، مضيفا أن هناك أكثر من 3000 طفل مصاب بالسرطان، فيما مطار صنعاء مغلق ولا يتمكن اي مريض من مغادرة البلاد لتلقي العلاج، وتمنع قوى العدوان من وصول الادوية والأجهزة إليهم.
وفي الفترة الاخيرة فقط، اي منذ بداية سنة 2022، تسببت الغارات التي شنها العدوان الاميركي السعودي الاماراتي بمقتل اكثر من 4 آلاف طفل، فما ذنب هؤلاء؟
إن دماء أطفال اليمن لن تذهب هدرا، وستغرق السفاحين المعتدين عاجلا أم آجلا.