ايها السادة، هذا الزقاق كذلك مغلق
حسين شريعتمداري
الموضوع الذي امامنا يختص بالبيان الاخير للحزبين المدعيين للاصلاح؛ جماعة العلماء المجاهدين وجماعة المدرسين، والتاكيد على ان البيان المشار اليه على عكس مما تعنونت به لم يصدر لمناسبة الذكرى السنوية لانتصار الثورة! وانما كما قال الشهيد سليماني "فتح الطريق للاعداء"، وتمثلوا فصول المقال كحجاب مسبحة وستلتقي الخرز بغزل العبارات التي نقرأ كالآتي؛
1 ـ في الآية 73 من سورة الاسراء، جاء الخطاب لرسول الله (ص)؛ {وان كادوا ليفتنونك عن الذي اوحينا اليك لتفتري علينا غيره واذا لا تخذوك خليلا} وبعبارة ثانية يحذر الله رسوله بان المشركين في حالة واحدة يعتبرونك صاحبهم بتخليك عن ما اوحينا لك، وان تنسب لله غير الذي رسمنا لك وشددنا عليه! ومن البديهي ان هذا التحذير موجه للامة الاسلامية وإلا فان الساحة المقدسة لرسول الله(ص) منزهة عن هذا الخطل، فهو مصداق لكلام الله "وما ينطق عن الهوى* ان هو إلا وحي يوحى".
2 ـ اعلى الله من درجات الشهيد قاسم سليماني اذ بفطانة كان يحذر، بان اياكم ان ترسلوا للعدو خطاب ود مع ما لكم من مكانة ونهج، وبحرف مبادئ وخط الثورة تدعون العدو ليطمع فيكم وتفتحوا لهم الطريق نحو جبهتكم. ففي حرب صفين تماهت الانفس الملوثة مع مكر معاوية وعمر بن العاص، مما نجم عنه فشل جيش الاسلام وانبثقت فتنة الخوارج جراء ذلك.
3 ـ في خضم المواجهة المحمومة لجبهة المقاومة قبال الجبهة المشتركة المؤلفة من اميركا وحلفائها الغربيين والعبريين وعرب اميركا، بعث "مايكل بومبيو" وزير خارجية ترامب والذي كان يشغر حينها رئيسا للسي آي ايه، بعث رسالة خاصة معنونة بالسري للغاية الى الشهيد سليماني، و حين وصل ممثل بومبيو لدى الشهيد سليماني امتنع الشهيد عن تقبل استلام الرسالة. فقال مبعوث بومبيو والذي تفاجأ من تعامل الشهيد سليماني معه باهانة؛ انها رسالة من ثاني شخصية في اميركا فيرد عليها الحاج قاسم ان لا حاجة لي به. واضاف مبعوث بومبيو بلغة المتظلم؛ ما عليك سوى فتح الرسالة و قرآتها، وان لم تشأ فارسلها. فكان رد الشهيد نفسه الذي ذكر. وهنا ما يجدر ذكره ان تعامل الشهيد سليماني العزيز مع المبعوث الاميركي يذكر بواقعة ليلة عاشوراء، ورسالة الامان التي ارسلها شمر بن ذي الجوشن لابي الفضل العباس(ع)، فكان الرد بالرفض القاطع... وكم هو صادق عبارة الحاج قاسم الخالدة "نحن امة الامام حسين".
4 ـ خلال زيارة الرئيس السابق السيد خاتمي الى ميركا، قال رئيس جمهورية اميركا حينها "جورج بوش" في تصريح لصحيفة "وول ستريت جورنال"؛ ان تأشيرة دخول خاتمي وقعتها بنفسي اذ اردت ان اسمع عن ايران حديثا مختلفا من حاكم هذا البلد! في هذه الاثناء وقع امران مشابهان،
الاول؛ وصف جورج بوش في حديث لصحيفة وول ستريت جورنال، وصف ايران بالارهابية وقارنها بالقاعدة. والثاني؛ ان خاتمي بتأسيسه مؤسسة "باران" قد اكد على ان الاسلام الذي يفهمه هو "الاسلام الوسطي"! وهو (الاسلام الليبرالي). بالضبط هو نفس الاسلام الذي اقترحته المؤسسة الاميركية "رَند" لساسة اميركا كخارطة طريق لانهاء الجمهورية الاسلامية الايرانية.
ان تصريحات خاتمي حول الاسلام الذي يفهمه قوبلت بترحيب واسع من الاعداء في الخارج معتبريه حائط صد لخاتمي مع نظام الجمهورية الاسلامية وتماه مع الغرب... فما كان جورج بوش خاطئا في زج خاتمي الى الصف الاميركي.
5 ـ قبل اشهر من انتخابات 2009 والتي رافقتها الفتنة الاميركية الاسرائيلية، ابلغت مجاميع جبهة الاصلاحات عن ترشيحها للسيد خاتمي لرئاسة الجمهورية وحينها دونت لصحيفة كيهان بان السيد خاتمي ليس المرشح الاساس لادعياء الاصلاحات، مما اثيرت له حفيظة العديد من الاصلاحيين. وبعد فترة انسحب خاتمي عن ترشحه لرئاسة الجمهورية واعلنت جبهة الاصلاحات عن مرشحها الجديد لرئاسة الجمهورية "مير حسين موسوي". وبعد فشل الفتنة الاميركية الاسرائيلية عام 2009، سألني مراسل صحيفة "نيويوركر" الاميركية؛ كيف عرفت بان خاتمي ليس المرشح الاساس لجبهة الاصلاحات؟ اذ كانت جميع تيارات الجبهة متحدة في رايها على ترشيح السيد خاتمي.. وفي معرض ردي اشرت الى اجتماع "استنفورد" والذي فيه كانت السيدة "غيل لابيداس" المتخصصة في شؤون الاتحاد السوفياتي خلال اعوام انهيار الاتحاد، قد قالت؛ ان خاتمي يشبه غورباتشوف ولا قدرة له في تولي رئاسة جمهورية ايران مستقبلا. فنحن بحاجة في ايران الى شخصية مثل "يلتسين" يتجاوز كل القوانين، وهذه الشخصية تنطبق على مير حسين موسوي الشخصية التي خمرتها اميركا.
6 ـ ولنلقي نظرة الى ما ادرجناه من امثلة هي غيض من فيض؛
"ان افكار الامام الخميني ينبغي ان توضع في متاحف التاريخ"! " ان قوانين الاسلام تعود الى 14 قرناً خلت وهي ليست حلولاً للمشاكل المعاصرة التي تعاني منها البشرية"!
"ان الثورة الاسلامية اشبه باستبداد العهد القاجاري"! "ان الفكر الشيعي ادى الى تدمير البلد والحائل دون توصلنا الى نظام ديمقراطي"! "ان عدم نجاح الحكومة الدينية واضح للجميع"! "ان الظواهر الدينية مثل الحجاب وحياء المرأة، هي عاكسة للتخلف"! "ان الناس وحتى المعصومين (ع) معرضون بشكل طبيعي ومن دون اشراف الشعب الى الانحراف"! "ان تلك الفئة من الشبان التي عكفت على المساجد او على الكتب الدينية هم ضعفاء من ناحية الهيكلية الفكرية والنفسية"! و... انها نماذج من سيل من الرؤى والافكار الملوثة، التي روجت لها ادعياء الاصلاحات في وسائل اعلامها، وان السادة رجال الدين اعضاء "جماعة رجال الدين المجاهدين و"جماعة المدرسين" واذا لم نقل انهم غير موافقين عن هذه الاسرائيليات! في الاقل كان المتوقع ان يلتزموا بموقف ضد هؤلاء الذين اقبلوا على الجبهة المعروفة بالاصالاحات فلم ينبسوا ببنت شفة. ويذكر ان احد الاعضاء الاساس وتقريبا الكل في الكل في الجماعة التي يطلق عليها برجال الدين المجاهدين قد صرح حول اهانة اصحاب الفتنة للساحة المقدسة لابي عبدالله الحسين عليه السلام، قائلا، اردت ان اعترض ولكن خشيت ان يستغل هذا الاعتراض! اي ان يعتبروا شخصيتي اعلى من مكانة الامام الحسين عليه السلام!...
7 ـ ان السيد خاتمي قد زار اميركا عام 2006 بتأشيرة سفر خاصة من قبل جورج بوش واستضافة جيم كارتر، والتقى مرتين بجورج سوروس (الرأسمالي الصهيوني الاميركي والداعم المالي للفتنة الاميركية لعام 2009). (واضافة الى الوثائق التي لا يعتريها الشك والتي توثق هذه اللقاءات، بان "كيان تاجبخش" قد رشح من قبل جورج سوروس لتسهيل فتنة 2009 وزار ايران لهذا الغرض. وبعد الاعتقال في لقاء تلفزيوني كان قد اقر بهذه اللقاءات).
ان جورج سوروس من اعداء الجمهورية الاسلامية الايرانية اللدودين، ومن الممولين الماليين للانقلابات الملونة في دول عدة معارضة لاميركا. فهو بعد فشل فتنة 2009 قد تعهد خلال لقاء مع "سي ان ان" باسقاط الجمهورية الاسلامية الايرانية الى نهاية العام نفسه (2010)! وباعتماد هذه النماذج وهي غيض من فيض يمكن بوضوح ان ندرك انه لماذا اعتبر رئيس الوزراء الصهيوني "نتنياهو" هذه الجماعة بانها الرأسمال الاكبر لاسرائيل في ايران!
8 ـ ان تغيير شاشات العرض هي واحدة من المكائد المعروفة في الحرب النفسية، اذ تعمد من خلال هذه الخطة جماعة او تيار سياسي وبعد ان تنفضح هويتها، وهي تستلزم عادة كره الشعب لهم، تعمد الى اتهام الجهة المقابلة بخلق المشاكل التي هي السبب في ايجادها ويحاولوا تغيير مكان الظالم بالمظلوم والمجرم بالشاكي. فان جماعة رجال الدين وجماعة المدرسين فئتان تدعي الاصلاحات والداعمتان والمتعاونتان بقوة مع السيد روحاني. الحكومة التي اورثت الشعب لثمان سنوات مئات المشاكل الكأداء في المجالات الاقتصادية والسياسة الخارجية و... والآن تقومان باصدار بيانات تندد بالمشاكل التي هم اوجدوها للشعب!
9 ـ ان التدقيق في البيانات المشار اليها ومقارنتها مع ما كانت وسائل الاعلام الاميركية والصهيونية تثيرها ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية، يبين لنا مدى مواكبة هاتين الجماعتين مع اعداء الخارج مما يقوي احتمال اخذ بعض ادعياء الاصلاح هذه المرة كذلك (عن دراية ام بغير دارية) دور اذناب الاعداء ساعين لفتح الطريق امام اعداء النظام! وهنا نقول ان سعيهم لشتى! اذ ان اميركا وحلفاءها قد ادركت اليوم بوضوح ان هذا الطريق مغلق! كالطريق الذي فتحه اصحاب الفتنة الاميركية الاسرائيلية عام 2009 بامر وادارة اميركية اسرائيلية فتحوه للاعداء... ولكن مع ملحمة التاسع من "دي" نكثت خيوط الغزل جميعها.