انها عصا موسى وليست مما يتعصى!
حسين شريعتمداري
1 ـ جاء في محكم كتاب الله الآيات 117 ـ 123 من سورة الاعراف {واوحينا الى موسى ان الق عصاك فاذا هي تلقف ما يأفكون* فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين * واُلقي السحرة ساجدين * قالوا آمنا برب العالمين * رب موسى وهارون}.
السحرةُ الذين جاءوا بأمر من فرعون لمواجهة النبي موسى(ع) كانوا على اعتقاد بان موسى هو كذلك من السحرة، ولما لا يرون احدا امهر منهم في اساليب السحر لم ينتابهم ادنى شك بغلبتهم في هذه المواجهة مع موسى ويخرجون منتصرين من ساحة التنافس.
ولكنهم حين شاهدوا عصا موسى وقد تحولت الى حية تسعى وابتلعت كل ما يأفكون ولم تبق منهم باقية، انارت قلوبهم بصدق موسى عليه السلام فآمنوا برب موسى رب العالمين وخروا له ساجدين.
لماذا؟ وذلك لانهم خبروا فنون السحر وادركوا ان ما جاء به موسى ليس ما يصنعون وشخصوا ان هذا هو الاعجاز والامر الغيبي وليس بالسحر.
2 ـ عندما بلغ التصنيع الصاروخي الدقيق لحرس الثورة الاسلامية منتهاه، صرح جنرال رفيع المستوى في الكيان الصهيوني وهو من خبراء التصنيع العسكري، قائلا: رغم ان حرس الثورة يعتبرون اعداء لاسرائيل ولكني كمتخصص ومتمرس في هذا المجال، فان ما توصلوا اليه بمثابة انجاز كبير وانا ارفع قبعتي اجلالا لهذا الانجاز. وهناك امثلة اخرى من هذا القبيل وعلى صعد مختلفة؛ علمية وتكنولوجية و... يطول الكلام عنها ما لا مجال لذكره هنا.
3 ـ ان زيارة رئيس الجمهورية السيد رئيسي الى روسيا والتي حصلت بعد دعوات متكررة من بوتين، والمواقف التي اتخذها والتي تنبع من اقتدار يعكس بوضوح بداية مرحلة جديدة من سياسة جديدة تنتهجها الجمهورية الاسلامية الايرانية فكانت ضربة موجعة لجسد اميركا وحلفائها من الغربيين والعبريين والعرب، مما تعبر عن رسالة مفادها ان ايران الاسلامية لا تتحجم في اُطر الحظر ولا تنعزل بفرض العقوبات، وانما تحولت الجمهورية الاسلامية الى قطب مقتدر ليست غير مقروءة في خارطة الاخرين وحسب بل هي التي رسمت للطريق الخارطة التي تكمل مسيرتها حسبها و...
ان اميركا واسرائيل وحلفاءها الاوروبيين والاقليميين كانوا يعلمون ان زيارة السيد رئيسي وما يستتبعها نقطة عطف في السياسة الخارجية للجمهورية الاسلامية ونهاية نهج منفعل، والذي {وللاسف} كان يُعمل به في مجالات من قبل بعض المسؤولين، فاعتبروه ضربة موجعة، وجهت لحيثيتهم وكتحد جاد لابتزازهم في المنطقة.
4 ـ ونلقي الآن نظرة لتصريحات ومواقف اميركا وحلفائها حيال زيارة السيد رئيسي الى روسية فماذا نرى؟ حشدا من الامتعاض وسيلا من مشاعر القلق وتعابير اليأس والاندحار من فشل الاستمرار بالضغوط على ايران و... فلماذا؟ انهم يعلمون ما الذي حصل وبان محورا مقتدرا بدأ يتشكل مما يعرض وجودهم لخطر شديد وجاد و...
وبنظرة عابرة لمواقف تيار داخلي متأثر بالغرب (وبعبارة اخرى مستجد لاميركا)، بات يصدع بانواع الاكاذيب والتهم ومتحديا ثمار هذه الزيارة الستراتيجية! ولا غرابة ان ينزل هذا التيار الذيلي الى ساحة التشهير والتدجيل بتصريحات وكتابات نظرا لهويته وتابعيته وانما هو امر يثير السخرية، تنسجم مع ما ينتمي اليه وامعيته، ولذا فان ما اثاروه يبعث على السخرية. بانه لماذا الطاولة التي جمعت السيد رئيسي مع بوتين كانت طويلة؟! ولماذا لم تؤخذ ضمانات من بوتين على شراء S400؟! وان الشعب الايراني لا يرحب بالقياصرة الروس سواء القيصر نيكولاي او القيصر بوتين! فالثوريون صاروا يكررون بخصوص روسيا والصين، آراء حزب "توده" والماويون و... وادعاءات اُخرى تنم عن منتهى الحقد والجهل.
ان زيارة السيد رئيسي وبالنظر لشخصيته وما يحمله من خصوصية، اذ يعتبر نفسه الابن البار والتلميذ لزعيمي الثورة، انما هي لوحة عكست آثار البركة الناجمة من الخوض في مسار الثورة، الثورة التي حسب رئيس وزراء الكيان الصهيوني حينها "أبا إيبان" بانها الحدث الذي هز العالم.
آمل ان ندرك مكانة هذه الثورة لنضعها دائما في مقدمة اولوياتنا.
وبالتالي من المناسب ان نستذكر توجيه سماحة القائد بخصوص البرامج التلفزيونية، حيث قال؛ ان التلفزيون بمثابة عصا موسى تصدر الامور الاعجازية منه والحري ان لا نحوله لما يتعصى عليه.