آن الأوان لتدرك السعودية حقائق الامور
بعد ست سنوات من القطيعة السياسية بين ايران والسعودية مع وجود جهود متواصلة لرأب الصدع وان كانت طهران السباقة لمد يدها من باب دفع الضرر وابعاد القوى الاستكبارية عن المنطقة وقطع يدها من ثرواتها لكن وللاسف ان السعودية ووفقا لحساباتها الخاطئة واعتمادها على اميركا بصفتها القوة الاولى في العالم والاحتماء بها وهكذا اظهار قدرتها في شن الحرب على اليمن على ان تحسمها خلال اسابيع لتصبح السعودية القوة العظمى كل هذه الامور ستجعلها في موقع يؤهلها لتكون شرطي المنطقة كبديل لنظام الشاه المقبور الذي كان يتولى هذه المهمة في القرن الماضي.
بهذه العقلية ارادت السعودية ان تبسط هيمنتها على المنطقة وقد اخذتها العزة بالاثم لدرجة ان تنقل المعركة الى طهران وهذا ماجاء على لسان بن سلمان لصحيفة اميركية واذا به اليوم محاصر من قبل انصارالله والمعركة اصبحت في بيته.
وبعد ان تعثرت وفشلت كل المشاريع السعودية التدميرية والتخريبية والارهابية في العراق وسوريا ولبنان وليبيا وغيرها وخرجت مهزومة ذليلة وهكذا اليوم فهي في وضع لا يسحد عليه في اليمن وهي في حيرة من امرها كيف تنتشل نفسها من الرمال اليمنية.؟
ومازاد الطين بلة على آل سعود هو وصول الديمقراطيين الى البيت الابيض والمعروف عنهم تاريخيا لا ينسجمون معهم كثيرا لاسباب عديدة منها صلاتهم الحميمة بالجمهوريين وكان آخرها ترامب المعتوه.
اما العامل الاخر الذي دفع السعودية للاتجاه صوب طهران عبر الوسيط العراقي هو استئناف محادثات فيينا بين ايران ودول (4+1) لكن هذه المرة تختلف المعادلة، فلايران اليد الطولى في المفاوضات لامتلاكها الكثير من الاوراق وهي من تضع الشروط وتقدم المقترحات خلافا لما كان يحصل في الماضي اضافة على ان الطرف الغربي خالي الوفاض وهذا ما شكل صدمة اخرى للرياض مع انها تعلم مسبقا وحتى الكيان الصهيوني الحليف والابن المدلل لاميركا انهما فشلا في منع ادارة اوباما واقناعه بعدم توقيع الاتفاقية مع طهران.
وما زاد من التحرك السعودي تجاه طهران لسد الفجوة وتقليل الخسائر البحث عن مخرج لترتيب وتهدئة الاوضاع في المنطقة التي كلفت السعودية مئات المليارات من الدولارات دون ان تسجل اي مكسب على الارض.
اما ما عجل في الاندفاعة السعودية تجاه ايران الهزيمة الاميركية المدوية والمذلة من افغانستان وهذا كان بمثابة الكابوس الذي نزل على النظام السعودي وفلش كل حساباته وأفقد ثقته الكاملة بالاميركان اما الامر الحيوي والمصيري الذي يؤلم النظام السعودي هو قرار العراقيين والسوريين بطرد الاميركان من العراق وسوريا وهذه لم تكن مزحة بل قرار صارم ومبدئي بأن تغادر هذه القوات البلدين عموديا قبل ان يخرجوها افقيا ولهم الخيار.
لكن الامر الاخر والهام جدا والذي يؤرق النظام السعودي من تبعات سياساته الطائشة التي كلفت المملكة كثيرا من الخسائر المادية والمعنوية التي لا يمكن ان تعوض اضافة الى انها اسدلت الستار تماما على تاريخ المملكة التي كانت يوما تتبجح بانها مركز للعالم الاسلامي ولم يبق لها اي اعتبار لا في المنطقة ولا في العالم وهذا ما اجج الصراع المحتدم داخل العائلة الحاكمة الذي سينفجر في لحظة وفاة الملك سلمان.
فكل هذه العوامل مجتمعه دفعت النظام السعودي للتقرب من طهران عسى ان تنزلها من على الشجرة لكن ليس كما تتصور الرياض بل كما يقرره الشعب اليمني صاحب القضية الاساسية والجهة المعتدى عليها ظلما وعدوانا مع تعويضه جميع الخسائر التي لحقت به.
فهل آن الأوان ان تدرك السعودية حقائق الوضع وما طرأ من تطورات على الساحة الاقليمية والدولية وان تتعامل وفقا لذلك بثقة وصدقية بعيداً عن المناورات لحسم الخلافات الثنائية التي طالت اكثر من اللازم.