سيف “الفيتو” وعنق الحق الفلسطيني!!
نواف أبو الهيجاء
هي أميركا.. إن كنتم لا تعلمون.. وسوط وسيف الفيتو بيديها في مجلس الأمن. تشهر السلاح لمنع مرور أي قرار تراه في صالح العرب عموماً وفلسطين خصوصاً. وهي تملك قدرة إبطال الحصول على أغلبية إقرار أي مشروع (عربي) في مجلس الأمن الدولي بشأن الدولة الفلسطينية والانسحاب الصهيوني من الأرض المحتلة في يونيو - حزيران 67 على الأقل. بمعنى بسيط أن هذه السياسة ما تغيرت - لا قبل عام 1948 ولا بعد ذلك التاريخ. الموقف الرسمي الأميركي يتقاطع دائماً مع الموقف الصهيوني - لذلك ليس جديداً أن تمارس الإدارة الأميركية الضغط والابتزاز ضد الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وتريد الاحتفاظ بالملف الفلسطيني ليسهل عليها الابتزاز والضغط. وأعجب من أي عربي أو فلسطيني يصدم من سياسات أميركا هذه، بل ويراهن على آخر الجياد المهترئة والمستهلكة أن تتغير هذه السياسة وإن بنسبة 10%. نصحنا بصورة متكررة أنظمتنا العربية بأن تفكر بالأمر، وأن تميز بين العدو والصديق. وطالبناها بضرورة اتخاذ موقف من العدو أو من يناصر هذا العدو ويمنعنا من تحقيق أهدافنا المشروعة حتى ما كان منها قد أقر من قبل هذا المسمى (المجتمع الدولي).
بوضوح على العرب أن يتفكروا. وعلى الفلسطينيين الآن أن يتفكروا وأن يحزموا أمورهم. ومن راهن منهم على الموقف الأميركي وإمكانية تغييره ليكون في صالح العرب أو الفلسطينيين عليه مراجعة أوراقه وملفاته.. بدءاً من طريق المفاوضات العبثية وانتهاء بضرورة اجماع فلسطيني على استراتيجية جديدة تعود بنا إلى أسس ثورة انطلقت منذ خمسين عاماً برصاصة موجهة إلى الاحتلال الذي قام عام 1948 والكيان العنصري المتمدد بعد عام 1967.
بمعنى العودة إلى الميثاق الوطني الفلسطيني قبل إجراء أي تعديلات عليه تمس حقوق الشعب الفلسطيني في الوطن من البحر إلى النهر ومن الناقورة إلى رفح.. وأن يعاد النظر في مسلسل الاختلافات والتناقضات وأن تبنى الاستراتيجية على أساس حقنا المشروع في مقاومة الاحتلال بالسبل كافة وفي المقدم منها (الكفاح المسلح). إلى أس القضية وجذورها. حين انطلقت الرصاصة الأولى في الأول من يناير - كانون الثاني 1965 لم تكن غزة محتلة ولا كانت الضفة محتلة، ولا كان الجولان محتلاً. كانت الرصاصة تعلن مرحلة الكفاح المسلح والفداء لتحرير فلسطين - الجزء المحتل الذي أعلن قيام الكيان الصهيوني عليه.
أما عربيا فالمفروض رفع العمل العربي المشترك إلى مرحلة لا تستثني إمكانية التصادم مع السياسات الأميركية ولا تبنى على أساس احتمال تغيير دراماتيكي في الموقف الأميركي المعادي على طول الخط لحقوقنا والمناصر على طول الخط للمحتل العنصري الصهيوني. في مراجعة لهذه السياسة سيكتشف العرب أنهم لن يكونوا الخاسرين بل إن أميركا هي التي ستكون الخاسرة.
أي تطور فلسطيني في اتجاه الوحدة وبلورة استراتيجية مواجهة التحدي سيكون رافعة للموقف العربي على عكس الراهن الذي يقول إن المواقف العربية الهشة والرخوة إنما هي انعكاس للواقع الفلسطيني المتردي والمنقسم والهزيل والحائر أو المتردد.
لنلاحظ أن آخر فيتو أميركي نهاية عام 2014 كان موجها ضد (دولة فلسطينية) في حدود 67 مع منح الاحتلال مدة سنتين لكي ينسحب من الأراضي التي احتلها في 67.. فلنتصور ماذا لو كان المشروع يتضمن حق العودة والقدس الموحدة العاصمة الفلسطينية؟
الرجوع عن الخطأ فضيلة فلتقر السلطة الفلسطينية بخطأ طريق المفاوضات ولتقر هي والأنظمة العربية بخطأ المراهنة على مجلس الأمن عموما والولايات المتحدة خصوصاً.. وأن تراهن فقط على فعل فلسطيني عربي يسهم في تغيير موازين القوى عالميا.. آنذاك ستفكر أميركا ألف مرة قبل رفع سيف الفيتو فوق عنق الحق العربي عموماً والعربي الفلسطيني خصوصاً.