7 أيار الروسي في كازاخستان يُسقط مخطّط ضمّ واشنطن لأوكرانيا!
محمد صادق الحسيني
كلّ الوقائع الميدانية في أوكرانيا تشي بأنّ واشنطن تراوغ وتحتال على الرأي العام لكسب الوقت لتأتي اللحظة المناسبة للانقضاض على أوكرانيا بحجة خطر الاجتياح الروسيّ لها واليكم الوقائع كما هي:
نشر موقع “بوليتيكو” الالكتروني الأميركي، تقريراً اعدّته وحدة: يوميات الأمن الوطني (National Security Daily)، بالتعاون مع جهات استقصائية أميركية متخصصة أخرى، حسب ما جاء في التقرير نفسه، نشر هذا الموقع بتاريخ 11/1/2022 تحقيقاً مهماً جاء فيه ما يلي:
أولاً: إنّ لدى الرئيس الأميركي، جو بايدن، خطة لتقديم أسلحة بقيمة 200 مليون دولار لأوكرانيا، بشكل عاجل، في نهاية شهر 12/2021. وانّ هذه الخطة لم تعرض على الكونغرس الأميركي، لإقرارها حسب الأصول الأميركية، وانما تمّ إبلاغ الكونغرس بها خلال جلسة استماع سرية، حيث أبلغ فريق الرئيس الكونغرس الأميركي بانّ الضرورة الملحة وغير المسبوقة لذلك (تزويد أوكرانيا بهذه الأسلحة) قد حتَّمت تقديم هذه المساعدة بشكل طارئ ومن مخزون وزارة الدفاع الأميركية الى دولة تعيش مأزقاً. (هذا يعني انّ الصفقة ليست بحاجة الى موافقة مسبقة لكونها ليست صفقة بيع عادية).
علماً انّ هذه المعلومات قد نشرت على موقع: Defense Security Cooperation Agency الأميركية، وهي وكالة رسمية متخصصة في شؤون التعاون الأمني الدفاعي، ما يضفي مزيداً من المصداقية على محتوى التقرير الذي نشره موقع “بوليتيكو” الالكتروني الأميركي.
ثانياً: إن مستشاراً للرئيس الأوكراني قد تحدث الى السيد پول ماكلارين Paul Mcleary، من محللي موقع بوليتيكو، وابلغه بانّ المساعدة العسكرية الأميركية لأوكرانيا تتضمّن منظومات رادار أميركية وتجهيزات (عسكرية طبعاً) بحرية وأضاف انّ هذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها الرئيس بايدن سلطاته لتقديم المساعدة لأوكرانيا، حيث قام بذلك سابقاً.
وأردف المستشار الأوكراني قائلاً بانّ السلطات الأوكرانية قد أُبلغت، وعلى أعلى المستويات، من قبل الطرف الأميركي، بموضوع هذه المساعدة قبل شهر من الآن، ايّ في شهر ١٢/٢٠٢١، حسب موقع “بوليتيكو”.
ثالثاً: وتابع تقرير الموقع قائلاً بانّ ناطقاً باسم الخارجية الأميركية قد أبلغ موقع “بوليتيكو” انّ توريد المساعدات الدفاعية الأميركية لأوكرانيا سيستمر خلال الاسابيع والأشهر المقبلة، وذلك عبر مجموعة من الآليات وعلى رأسها ما يطلق عليه (في واشنطن) اسم: مبادرة المساعدة الأمنية لأوكرانيا (The Ukraine Security Assistance).
وهذا، يعني في تقديرنا، انّ الأمر يتعلق بمخطط أميركي متكامل، لتسليح أوكرانيا، تمهيداً لخلق أمر واقع يجعل أوكرانيا دولة عضواً في حلف شمال الاطلسي، حتى دون إعلان الانضمام رسمياً لهذا الحلف، الأمر الذي يخلق تهديداً عسكرياً وأمنياً مباشراً للأمن القومي الروسي، من خلال بناء قواعد عسكرية أطلسية في هذا البلد، وهو ما تقوم به القوات البريطانية منذ أشهر، بالقرب من خطوط التماس في منطقة الدون باس، جنوب شرق أوكرانيا، الى جانب إجراءات دمج القوات المسلحة الأوكرانية في هيكليات حلف شمال الأطلسي، التي تسير على قدم وساق، من خلال مواصلة عمليات تسليح هذه القوات بالأسلحة الأميركية والأوروبية، وجعل أوكرانيا نقطة ارتكاز أساسيّة لتوسيع الحلف، ليشمل دولاً أخرى، من الجمهوريات السوفياتية السابقة، وهو ما يشهد عليه العدوان الإرهابي الدولي الشامل ضدّ جمهورية كازاخستان مؤخراً، الذي تمّ التخطيط له في غرفة عمليات أميركية أطلسية “إسرائيلية” في كييف، وأشرفت على تنفيذه غرفة العمليات الميدانية، في عاصمة كازاخستان الاقتصادية، مدينة الما – اتا.
رابعاً: وهنا تجب الاشارة الى الإعلان الرسمي، الذي صدر عن مكتب الخدمة الصحافية لوزارة الدفاع الأوكرانية، بتاريخ ١٢/١/٢٠٢٢، والذي جاء فيه: “انّ المستشارين العسكريين الأميركيين:
ـ كريس ريزو.
ـ تود براون.
قد بدءا العمل في إدارة السياسة الدفاعية، بوزارة الدفاع الأوكرانية، وبشكل دائم اعتباراً من ١١/١/٢٠٢٢ “، حسب ما ورد في تغريدة لمكتب الخدمة الصحافية اعلاه على منصة فيس بوك.
اي انّ السياسة الدفاعية الأوكرانية أصبحت تدار من قبل عسكريين أميركيين (حلف أطلسي) وليس من قبل وزير الدفاع الأوكراني. الأمر الذي يعني انّ عمليات:
ـ إعادة الهيكلة للقوات المسلحة الأوكرانية.
ـ إعادة تسليح هذه القوات.
ـ التخطيط الرسمي لـ “السياسة الدفاعية”، ووضع الاستراتيجية الدفاعية للبلاد، الى جانب التخطيط العملياتي التكتيكي، أصبح يُدار بشكل مباشر من قبل القيادة العسكرية الأميركية، التي تتولى الإشراف على عمليات الجيوش الأميركية في أوروبا، والتي تسمّى EUROCOM.
خامساً: من هنا فإنّ الواقع الميداني، على حدود أوكرانيا الجنوبية الشرقية، في منطقة الدون باس، وحدودها الشرقية ايضاً، الممتدة من شمال منطقة الدون باس وحتى نقطة التقاء الحدود، مع جمهورية روسيا البيضاء، أقصى شمال شرق أوكرانيا، هي المناطق التي تشهد تحديداً عسكرياً، للأسلحة والقوات المسلحة، مضافة الى ذلك الحشود العسكرية البولندية الأطلسية الضخمة، على حدود جمهورية روسيا البيضاء الغربية (مع بولندا) بحجة مواجهة موجات الهجرة “غير الشرعية”. تمهيداً لشنّ اعتداءات هجينة، ضدّ جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، المتحالفتين مع روسيا، جنوب شرق أوكرانيا، وضدّ روسيا البيضاء في الشمال.
كما لا بدّ من التذكير بانّ الولايات المتحدة، قد قامت وفي إطار مواصلة عمليات الحشود العسكرية الضخمة نفسه، ضد روسيا الاتحادية وروسيا البيضاء، حسب ما أعلنت إذاعة “أوروبا الحرة” ومركزها برلين، منذ إنشائها سنة ١٩٤٩، كمحطة دعائية ضد الاتحاد السوفياتي، نقول حسب ما أعلنت هذه الإذاعة بتاريخ ١١/١٢/٢٠٢١، بأنّ واشنطن وحسب تأكيدات البنتاغون (قول الإذاعة)، عبر رسالة الكترونية (إيميل) تسلمتها الإذاعة من البنتاغون، قد سلمت أوكرانيا منظومات صواريخ (منصات إطلاق) مضادة للدروع / عدد ثلاثون منصة / مع مئة وثمانين صاروخاً، من طراز جاڤلين، وذلك في شهر ١٠/٢٠٢١.
ومن الضروري ايضاً الإشارة الى ما نشرته وكالة “رويترز”، بتاريخ ٢٢/١٢/٢٠٢١، حيث أكدت الوكالة تنفيذ الجيش الأوكراني تدريبات عسكرية، مشتركة مع الجيش الأميركي، ومستخدمة صواريخ جاڤلين الأميركية المضادة للدروع، وذلك بالقرب من خطوط التماس في منطقة الدون باس المضطربة.
وهو ما يتعدّى مرحلة الحشد العسكري، ضدّ روسيا، الى مرحلة التطبيق المسبق لخطط الهجوم الأميركية الأطلسية، ضد حلفاء روسيا في جنوب شرق أوكرانيا. وهذا يعني انّ من يقوم بالترشيد الواسع النطاق والاستعدادات العملياتية، لشن عدوان مسلح، هي الولايات المتحدة وليست روسيا، على عكس ما تطرحه آلة الإعلام الغربي المضللة.
سادساً: وفي إطار مواصلة الحشد والتسليح العسكريين، من جانب الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، ضدّ روسيا وحلفائها، فقد صرّح السيد بيتر كيميت (Peeter Kuimet)، “مدير قسم التعاون الدولي في وزارة الدفاع الاستونية، خلال مقابلة إذاعية له، مع اذاعة: ERR News الاستونية الناطقة بالانجليزية، بتاريخ ٣٠/١٢/٢٠٢١، انّ حكومة بلاده ستقدم عدداً من المدافع الثقيلة، كجزء من المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
وأضاف السيد بييتر كويميت قائلاً، في المقابلة الإذاعية المذكورة نفسها أعلاه، ان هذه المساعدة ستشمل:
ـ مدافع ميدان، من طراز هاوتزر، المانية الصنع، عيار ١٢٢ ملم، عدد / ٤٢ مدفعاً / مع الذخائر والمستلزمات الأخرى طبعاً. وهي المدافع التي كانت مستخدمة في لواء المشاة الثاني في الجيش الأستوني (الاسم الرسمي هو: قوات الدفاع الاستونية… على شاكلة “جيش الدفاع الإسرائيلي”، وقوة الدفاع الألمانيّة في عهد أدولف هتلر.
وسيحلّ محلّ هذه المدافع، في اللواء المذكور مدافعK 9 – Thunder، من صناعة كوريا الجنوبية، حسب ما أكد الدبلوماسي الاستوني السابق: كاليڤ ستويتشيسكو / Kalev Stoicescu، الذي يرأس حالياً مركز أبحاث الدفاع والأمن الاستوني: (International centere for defense and Security (ICDS.
وتابع الديبلوماسي السابق، خلال برنامج إذاعي استوني، بانّ المساعدات العسكرية المقدمة لأوكرانيا لم تقتصر على استونيا، وإنما شملت ايضاً كلاً من الولايات المتحدة والمانيا وكندا وبولندا وبريطانيا وليتوانيا.
سابعاً: انّ جميع الحقائق، التي ذكرت آنفاً، تؤكد، بما لا يدع مجالاً للشك، بانّ الحملة الإعلامية الأميركية الأطلسية المفبركة، حول حشود عسكرية روسية ضخمة، على حدود أوكرانيا الشرقية، تمهيداً لغزو القوات الروسية لها، إنما هو قنابل دخانية وصوتية، للتغطية على الاستعدادات العسكرية الأوروبية الأميركية، التي أشرنا اليها سالفاً، استعداداً لتنفيذ اعتداءات متعددة الأشكال والوسائل، ضدّ روسيا وحلفائها.
اذ انّ روسيا ليست لديها النية للقيام بأية عمليات عسكرية، لا ضدّ أوكرانيا، ولا ضدّ ايّ من الدول المجاورة لروسيا او البعيدة عنها. حيث ان تغيير الوضع في أوكرانيا، وبالتالي قلب موازين القوى في أوروبا الوسطى بأكملها، هي مهمة سيقوم بتنفيذها الشعب الأوكراني بنفسه، والذي سيهب قريباً لإسقاط الزمرة النازية التي تحكم أوكرانيا منذ الانقلاب الذي نفذته هذه القوى، عام ٢٠١٤، والتي قادت البلاد والعباد الى أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة، أدّت الى سحق الطبقات الفقيرة والمتوسطة من الشعب الأوكراني وإيصال البلاد الى حافة الهاوية، وتقوية التيارات النازية الخطيرة والمتحجرة في أوكرانيا.
وخير دليل على ذلك سماح السلطات الأوكرانية المعنية بتنظيم مظاهرة نازية في العاصمة كييڤ، بتاريخ ٣١/١٢/٢٠٢١، بمناسبة عيد ميلاد الزعيم النازي الأوكراني، ستيفان بانديرا، عميل هتلر الذي قاتل الى جانب القوات النازية في الحرب العالمية الثانية.
هذه المظاهرة التي نظمها: القطاع الأيمن، وهو حزب نازي أوكراني، يقوده النازي الجديد: اندريه تاراسينكو، الذي دعا علانية لمحاربة روسيا على الجبهة، وما رافق ذلك من صمت تامّ، من قبل السلطات، وهو ما يعني موافقتها على هذه التحركات المشبوهة والمدعومة أميركياً وأوروبياً.
علماً انّ زعيم القوميين الأوكرانيين النازيين، ستيبان بانديرا، قد اعتقل من قبل قوات التحالف الغربي في المانيا الغربية بعيد الحرب العالمية الثانية. وقد رفضت تلك القوات طلباً سوفياتياً لتسليمه للسلطات السوفياتية، لمحاكمته على حرائق القتل والتعذيب، التي مارسها ضدّ الشعب الأوكراني خلال الحرب. وبدلاً عن ذلك بدأت السلطات الأميركية بالتعاون معه ضدّ الاتحاد السوفياتي حتى وفاته.
اذن، فانّ انتصار الشعب الأوكراني على هذه الزمرة النازية، التي تحكم كييڤ حالياً، هو حتمية تاريخية ستتحقق قريباً جداً. ولن تحتاج روسيا لاتخاذ اية إجراءات عسكرية ضدّ أوكرانيا، كما تدّعي واشنطن وبروكسل (الناتو). فالثمرة ناضجة وستسقط على المائدة الروسية كما سقطت ثمرة كازاخستان مؤخراً. الأمر الذي سيضع حداً لعبث واشنطن واذنابها الأوروبيون بالسلم والاستقرار العالميين ويقلص من الهيمنة الأميركية، ليس على أوروبا فحسب وانما على الصعيد الدولي ايضاً.
ولنا في نتائج المغامرة الأميركية الأطلسية في كازاخستان خير دليل وأحدث مثال.