محور المقاومة غيّر ساحة ونوع اللعبة في المنطقة.. أمريكا في طريقها إلى مغادرة سوريا
الوقت- خلال السنوات العشر الماضية من عمر الحرب في سوريا، ظلت المسألة السورية متأزمة وتراوح مكانها ولم تشهد أي تقدم ملحوظ باتجاه بلورة حل سياسي ينهي الأزمة المتواصلة منذ العام 2011.
لكن الحكومة السورية وبمساندة من إيران وقوى المقاومة وروسيا تمكنت خلال تلك السنوات الماضية من أن تستعيد مساحات كبيرة من الأراضي التي كانت خارج سيطرتها، ما ساعدها في فرض شروطها بالمفاوضات التي كانت تجري برعاية الأمم المتحدة في جنيف.
وتمكنت الحكومة أيضا من تقليص سطوة الإرهاب على أراضيها ومحاصرته في مناطق محددة، ما عزز من موقفها في المفاوضات مع الدول الإقليمية لاستعادة ما تبقى من تلك الأراضي عبر الدول الضامنة لاجتماع أستانا وهي ايران وتركيا وروسيا.
وفي ضوء ذلك وخلال الأشهر القليلة الماضية من العام الجاري، بدأت بعض التحركات العربية نحو سوريا بعد سنوات من القطيعة، في مؤشر على أن هناك محاولات لفتح أفق باتجاه بلورة حل سياسي يفضي إلى إنهاء الأزمة المستعصية والمتشابكة.
ففي الثالث من أكتوبر الماضي جرى اتصال هاتفي بين الرئيس السوري بشار الأسد والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، تناول بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين، كما أعاد البلدان فتح الحدود بينهما.
وبعد شهر من هذا الاتصال، قام وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، بزيارة إلى دمشق التقى فيها الرئيس السوري.
ويرى خبراء ومحللون سياسيون في سوريا في هذه الخطوات أن بعض الدول العربية أدركت في الآونة الأخيرة فشل سياساتها التي ربطتها بسياسة الولايات المتحدة الامريكية المهزومة في المنطقة وتأكيدات المسؤولين السوريين على استكمال الانتصارات وطرد المحتلين.
ففي هذا السياق، أكد سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سوريا مهدي سبحاني، أن محور المقاومة غيّر اليوم ساحة اللعبة ونوع اللعبة.
حيث قال السفير مهدي سبحاني في تصريح لموقع العهد اللبناني إن طهران تدين بشدة احتلال سوريا من جانب أي دولة أو قوة.
وحول التواجد الأميركي في سوريا أضاف سبحاني أن هذه القوات ستضطر إلى مغادرة الأراضي السورية وسيحدث الأمر.
كما قال السفير الإيراني لدى دمشق إن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على تحديد مصير المنطقة، ولكنه ظهرت قوى جديدة وإحدى هذه القوى هي محور المقاومة ، الذي غيّر اليوم ساحة اللعبة ونوع اللعبة."
وشدد سبحاني على أن "التعاون الاقتصادي والتجاري بين إيران وسوريا ومشاركة إيران في إعادة إعمار سوريا، مسألة مهمة للغاية وبسبب العقوبات الشديدة يواجه البلدان حربا اقتصادية، لذا يتم التركيز الآن على القضايا الاقتصادية والتجارية.
بدوره اكد نائب وزير الخارجية السوري بشار الجعفري أن "سوريا أحرزت انتصاراً كبيراً على الإرهاب رغم أن الحرب لم تنته"، وقال أن "قرار القيادة السورية كما قرار الشعب هو عدم وجود أيّ محتل على الأراضي السورية".
الجعفري الذي أكّد أن "الاحتلال الأميركي يتلاعب بورقة داعش حتى اليوم، رأى أنه ليس هناك أي رسالة واضحة من واشنطن لدمشق بالانسحاب من سوريا على أرض الواقع"، مؤكداً أن "الإدارات الأميركية تستخدم الإرهاب والإرهابيين في سوريا والعراق، وأن "قرار القيادة السورية كما قرار الشعب عدم وجود أيّ محتل على الارض السورية".
وفي السياق، كان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قد قال، إن “الوجود العسكري الأمريكي في سوريا سينتهي عاجلًا أم آجلًا”.
وأضاف لافروف أن “الأمر معروف للجميع، الأهداف الحقيقية للوجود الأمريكي في سوريا واضحة، فقد سيطروا على الحقول النفطية والأراضي الزراعية في شرق الفرات، وشرعوا في التشجيع على الانفصالية الكردية”.
وبحسب ما قاله لافروف، “يدرك الأمريكيون أن وجودهم العسكري في سوريا ليس مريحًا لهم، لكن ما داموا يوجدون هناك، يجري بيننا حوار فعال إلى حد كبير على مستوى العسكريين لتفادي الحوادث العرضية، ومشاورات لتبادل الآراء بخصوص العملية السياسية وأفق تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي”.
وأشار إلى أن “الأمريكيين في نهاية المطاف سينسحبون، وهم يواجهون هناك حاليًا مشكلات بما في ذلك مخيم (الركبان) ومنطقة بعرض 55 كيلومترًا حول قاعدة (التنف)، حيث يحاولون فرض قواعدهم، لكنهم عاجزون على أرض الواقع عن ضمان استمرارية عمل هذه الهياكل”.
وبحسب معلومات وسائل الاعلام تمتلك الولايات المتحدة (بشكل رسمي) 900 جندي في شمال شرق سوريا وحتى جنوبها في قاعدة التنف، وتتمثل مهمتهم في مساعدة ميليشيات قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد.
وتم إرسال القوات الأمريكية لأول مرة إلى سوريا في 2014-2015 في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، بذريعة محاربة داعش.
لكن في أكتوبر/تشرين الأول 2019، أعلن الرئيس السابق ترامب انسحاب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا، وبعد انسحابها من أفغانستان، وفي ظل تعرض قواتها لضربات قوية في الفترة الأخيرة، طرح بعض المراقبين تساؤلات بشأن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا.
حيث يرى مراقبون أن الولايات المتحدة يمكن أن تتخذ قرارا بسحب قواتها من سوريا بصورة مفاجئة كما فعلوا في أفغانستان، وهذا الأمر يعد إشارة واضحة للأكراد للحوار مع دمشق، هذا الحوار ليس ضروريا فحسب، وإنما يجب إنهاء هذا الحوار بالتوصل إلى حل وسط والخروج باتفاقات محددة مع الدولة السورية.
ويرى المحللون أن الوجود الأمريكي في سوريا لن يستمر طويلًا لعدة أسباب، أهمها المقاومة والضريات المتتالية على اماكن تواجد الامريكين اذ أن الولايات المتحدة الأمريكية عندما تواجه أي مقاومة تنهزم وتنسحب، و لا يمكن التعويل على الأكراد الانفصاليين، خصوصا وأن الوضع الإقليمي ضد هذه المجموعات الانفصالية سواء في تركيا أو سوريا أو العراق، ولا يمكن لهذا المشروع أن يكتمل.
ويؤكد متابعون أن المقاومة الشعبية تظهر من حين لآخر وتستهدف القواعد الأمريكية في حقل العمر ومخيم الركبان شمال شرقي الحسكة، وغيرها من المناطق، ولهذا من المتوقع أن تقرر الولايات المتحدة قريباً الانسحاب من سوريا، لا سيما وأن ترامب أعلن أكثر من مرة أنه سوف ينسحب من سوريا وأنه لم يحقق أي شيء.
ويشددون على أن المشروع الأمريكي فشل في سوريا، وبات اتخاذ داعش شماعة للتدخل في الشؤون السورية ذريعة غير مجدية، فالأيام قادمة ستحمل لنا اخباراً سارة، لا سيما في ظل التعاون ووحدة قوى المقاومة في المنطقة وخروج القوات الامريكية من العراق.