الجولة الثامنة ستضع النقاط على الحروف
ما قطع مسار المفاوضات في الجولة السابعة في فيينا بين ايران ودول (4+1) يوم الجمعة الماضية واحيل الى الجولة الثامنة هو افتقاد دول ترويكا الاوروبية الصلاحيات الكافية للاستمرار في المحادثات في وقت كان الوفد الايراني يمتلك كافة الصلاحيات لتكملة المشوار وهذه دلالة واضحة على استقلال القرار الايراني.
وما كان لافتا في مسار المفاوضات ويتعين التوقف عنده واخذ العبرة منه هي المواقف المتقلبة للترويكا الاوروبية المنسجمة اساسا مع الموقف الاميركي الذي يتبع للمزاج الآني وليس للاصول والقواعد الدارجة لذلك لايمكن الاعتماد على اميركا او الوثوق بها وهذا ما ينجر على الاروبيين ايضا. فعندما بدأت مفاوضات الجولة السابعة كانت اجواء التفاؤل سائدة على سير المفاوضات وهذا ما اعترف به الجانب الاوروبي وكذلك الصين والروسي لكن سرعان ما تغيرت اللهجة مع استمرار المفاوضات وطرح ايران لمسودتين تتناغم تماما مع بنود الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015. وهنا اتضحت الصورة بان واشنطن التي كان وفدها في فيينا على اتصال دائم مع وفد الترويكا الاوروبية هي التي تقف وراء هذه الاستدارة التي كان اساسها الكيان الصهيوني المتضرر الاول من اية اتفاق يحصل في هذا المجال.
السؤال الذي يطرح نفسه لِم تتغير المقاربة الاميركية في حين انها وعبر انسحابها من الاتفاقية النووية هي التي اخلت بها وهي في الاساس مدعوة اليوم لتغير المسار وليست ايران التي نفذت بنود الاتفاقية والتزمت بها من جانب واحد في حين كان الجانب الاخر في حل من عقدها.
فتصريحات وزير الخارجية الاميركي لنيكن عقب الجولة السابعة توحي بان السلوك الاميركي غير مطمئن ويكرس انطباعا ان واشنطن متقلبة المزاج ويبدو من حقيقة الموقف ان الاوروبيين يراعون التقلب الاميركي كيف ما كان ومن بعدها يبررون موقفهم وفقا لذلك المزاج وهذا مما ظهر من تصريحات ماكرون الاخيرة رغم محادثاته التلفونية مع الرئيس رئيسي والتي استمرت لساعة ونصف الساعة.
فطهران لازالت تمسك باوراق اللعبة في المفاوضات ولها اليد الطولى فيها لما تمتلكه من اوراق ضاغطة في حين ان الطرف الاخر خالي اليدين بعد ان احترقت خياراته الوحدة تلو الاخرى ولم يعد في جعبته شيء من العقوبات ليستخدمها ضد ايران، لذلك ينبغي على دول الترويكا الاوروبية ان تأتي الى الجولة الثامنة بصلاحيات كافية وقرار سياسي مستقل بعيداً عن الضغوط الاميركية والصهيونية لاحياء الاتفاقية النووية التي وقعتها طوعا، وان اي تكلؤ في هذا المجال سيعود بالضرر عليها لان امام ايران من الخيارات الكثيرة والكبيرة التي تحتار في انتقائها سواء على صعيد تسخير مواردها وامكاناتها العظيمة او تعاملها التجاري والاقتصادي مع دول العالم.
فتصريح السيد محمد حسين حسيني نائب رئيس الجمهورية في الشؤون البرلمانية بالاتجاه نحو الشرق احدث هزة في الغرب وخاصة في اميركا التي احست بالخطر القاتل الذي ينتظرها لانها تدرك جيدا الاخطار الجسيمة والاستراتيجية التي ستنعكس عليها وعلى الغرب جراء توقيع ايران الاتفاقية الاستراتيجية مع الصين وهذا ما سيتلوه توقيع اتفاقية مشابهة اخرى مع روسيا وهكذا الهند وغيرها.
ان اميركا والغرب يدركان اليوم جيدا ان ايران دولة محورية واساسية في المنطقة فان لم يتعقلا ويذعنا لحقوق ايران النووية ويرفعا كامل الحظر عنها مع اعطاء الضمانات الكافية لتحققه فانهما سينزلقان نحو الهاوية، فايران ليست وحدها في المنطقة فان استدارتها نحو الشرق يعني استدارة اغلب دول المنطقة وعندها ماذا سيحل باميركا والغرب؟ وبمصالحهما؟! امام الصين الشعبية المتعاظمة في كل المجالات والاصعدة !