kayhan.ir

رمز الخبر: 139086
تأريخ النشر : 2021October13 - 20:11

لماذا خرجت الكُتَل المُوالية لإيران الخاسِر الأكبر من الانتِخابات العراقيّة؟

 

 

 وكيف تحوّل مقتدى الصدر لـ”صانع مُلوك”؟ وهل سيُنَفِّذ تهديداته بسحب سلاح الحشد الشعبي والبشمرغة؟

 وماذا يعني رفض العامري والعسكري للنّتائج باعتِبارها “مُفبرَكةً”؟ ومن هو رئيس الوزراء القادم؟

 

نتائج الانتخابات البرلمانيّة العِراقيّة التي جرت يوم الأحد الماضي جاءت حافلةً بالمُفاجآت الصّادمة، “فرحًا” بالنّسبة للكُتل النيابيّة الفائزة بمقاعد أكثر، أو الصّادمة “حُزنًا”، وغضَبًا، وخيبة أمل، بالنّسبة لنَظيرتها التي تراجعت مقاعد بعضها إلى أكثر من 90 بالمِئة في بعض الحالات.

المُفاجأة الأكبر لم تكن بفوز التيّار الصدري الذي حصل على 73 مقعدًا حتى الآن، يُمكن أن تصل إلى 80 مقعدًا بعد اكتِمال الفرز وإعلان النّتائج رسميًّا، حسب تقديرات مُحايدة، وإنّما في تراجع مقاعد تيّار “الفتح” بزعامة هادي العامري رئيس الحشد الشعبي من 47 مقعدًا في انتخابات 2018 إلى 16 مقعدًا فقط.

التّراجع الصّادم حقيقةً تَمَثّل في تيّار “الحكمة” الذي يتزعّمه السيّد عمار الحكيم (مقعدان) وكُتلة النّصر بقيادة حيدر العبادي التي لم تحصل إلا على مقعدين أيضًا.

ولعَلّ فوز “تكتّل تقدم” بزعامة محمد الحلبوسي (سنّي) رئيس البرلمان المُنحَل بأكثر من 43 مقعدًا، والحزب الديمقراطي الكردستاني (مسعود البرازاني) بحواليّ 32 مقعدًا في تقدّمٍ لافت، سيجعل كُلّ منهما، سواءً فرادى أو مُجتمعين إلى “بيضة القبان” في أيّ مُفاوضات لتشكيل حُكومة قادمة خاصَّةً إذا انضمّت إليهما حركة “امتِداد” الاحتجاجيّة التشرينيّة المُستقلّة التي فازت بأكثر من 15 مقعدًا.

انخِفاض نسبة الإقبال على المُشاركة في الانتخابات التي كانت الأقل بالمُقارنة بنظيراتها السّابقة الأربع حيث صوّت تسعة ملايين من 25 مليونًا مجموع الذين يحق لهم التّصويت، (41 بالمئة فقط) تعكس يأس الشّعب العِراقي وعدم ثقته بالعمليّة السياسيّة ومُعظم الأحزاب والكُتل المُشاركة فيها بسبب تردّي الأوضاع المعيشيّة (35 بالمِئة من الشّعب العِراقي تحت خطّ الفقر)، وتدهور الخدمات العامّة من صحّة وتعليم وكهرباء ومُواصلات، علاوةً على تفشّي الفساد في مفاصل الدّولة.

الأمر المُؤكّد أنّ السيّد مقتدى الصدر زعيم تيّار “سائرون”، والفائِز الأكبر في هذه الانتِخابات سيكون هو “صانع المُلوك”، وهو الذي ستكون له الكلمة العُليا في اختِيار رئيس الوزراء القادم، هذا في حال إذا ما سارت الأُمور في الاتّجاه الطّبيعي الذي سارت عليه الانتِخابات السّابقة، وهُناك شُكوك كبيرة في هذا المِضمار.

تنديد الكُتل الشيعيّة الرئيسيّة المُوالية لإيران بنتائج الانتخابات ورفضها الكامِل لها، لحُدوث “تلاعب” و”احتِيال” على حدّ قول قِياداتها إنذار باحتِمال حُدوث صدامات سياسيّة وربّما عسكريّة، وانقِسامات حادّة عقائديّة وطائفيّة في الأسابيع والأشهر المُقبلة، خاصَّةً أنّ هذه الكُتَل هي التي تملك السّلاح والمعدّات العسكريّة الثّقيلة، وتُشَكِّل جيشًا مُوازيًا.

السيّد هادي العامري رئيس تكتّل “الفتح” “المصدوم” قال بالحرف الواحِد “لا نقبل بهذه النّتائج “المُفبركة” مهما كان الثّمن وسنُدافِع عن أصوات ناخِبينا ومُرشّحينا بكُلّ قوّة، أمّا حليفه أبو علي العسكري، المُتحدّث باسم كتائب “حزب الله” أحد أبرز فصائل الحشد الشعبي والأكثر نُفوذًا قال في بيانٍ “ما حصل في الانتِخابات يُمَثّل أكبر عمليّة احتِيال والتِفاف على الشّعب العِراقي في التّاريخ الحديث”.

لا نعرف ما إذا كانت هذه التّصريحات هي من قبيل التّهديد، وانعِكاس لخيبة الأمل من النّتائج، أم أنّها تعكس مُخَطَّطًا يجري إعداده حاليًّا لإلغاء النّتائج، وعدم الاعتِراف بأيّ برلمان جديد بقُوّة السّلاح.

السيّد مقتدى الصدر هدّد بسحب سِلاح كُلّ الفصائل، وحصره في جيش الدّولة فقط، أيّ سِلاح الحشد الشعبي، وقُوّات “البشمركة” الكُرديّة، فهل يمضي قُدُمًا في تهديداته هذه وينزع سِلاح هذه الفصائل، ممّا يعني حُدوث صِدامات دمويّة، أم يعتبره، أيّ التّهديد، مُجرّد ورقة مُساومة في المُفاوضات مع الكُتُل، لأنّ تخلّي هذه الفصائل (الحشد الشعبي خاصَّةً) التي تأسّست بفتوى من السيّد علي السيستاني يحتاج إلى فتوى أُخرى، خاصَّةً أنّ خطر الدولة الإسلاميّة (داعش) ما زال قائمًا.

صُورة مرحلة ما بعد الانتِخابات تبدو ضبابيّةً في العِراق، ومن الصّعب على أيّ مُراقب رسم ملامحها، لكن ليس من الصّعب التكهّن بأنّ الوضع الحالي قد يستمرّ مع تغييرات طفيفة، لأنّ أيّ صِدام عسكري قد يُؤدِّي إلى فوضى، وربّما حربٍ أهليّة، وتدخّلات خارجيّة، وجميع القِوى تُدرك هذه الحقيقة.

لا يُمكننا في هذه العُجالة تجاهل إنجار كبير حقّقته هذه الانتخابات يتمثّل في فوز 97 سيّدة بمقاعد في البرلمان القادم حقّقته بالعمل الدّؤوب وبالذّراع وبعيدًا عن الكوتا النسائيّة، ونافسن قامات سياسيّة كُبرى في الدّوائر الانتخابيّة وتفوّقن عليهم.

استِمرار السيّد مصطفى الكاظمي كرئيسٍ للوزراء، بمُباركةٍ “صدريّة” وكحَلٍّ وسط، غير مُستَبعد، على ضُوء القراءة السّريعة للمشهد العِراقي ومُتغيّراته الحاليّة، ولكن من العِراق تأتي المُفاجآت، والخُروج عن المعايير المعروفة، وكُلّ الاحتِمالات واردة.. واللُه أعلم.