رهانات الاميركان في العراق خاسرة
مهدي منصوري
بعد اجهاض الانتفاضة الشعبانية عام 1991 ضد الطاغية المقبور صدام من قبل اميركا وحليفاتها الدول الخليجية وقف على منصة الامم المتحدة امير الكويت الراحل جابر الاحمد الصباح واعلن ان "بقاء صدام ضعيف يحكم العراق خير لنا من القادم المجهول" وكما هو واضح ان القادم المجهول هو حكم الشيعة للعراق.
هذه الرؤية حملها الاميركان عند غزوهم الغاشم للعراق وعملوا عليها لان يبقى العراق بلدا ضعيفا مفككا مذهبيا وعرقيا وان لايصل الى مصاف الدول المجاورة له، ولابد ان نذكر ان احد امراء المشيخات الخليجية قد صرح من اننا نعمل على ان "العراق لا يستقر ولا يزدهر"، وفعلا اخذت هذه الفكرة تدخل في كل مفاصل الحياة العراقية السياسية والاقتصادية والاجتماعية من قبل الاميركان وحلفائهم وعملائهم في الداخل لتعميق هذا الوضع والذي تمتل بمحاولات عديدة ومختلفة قد لا يسع ذكرها مساحة هذا المقال. الا ان العراقيين قد عايشوها وبمرارة قاسية ولايمكن ان تمحى عن ذاكرتهم.
وواضح ان العراق وبعنوانه الشيعي يملك من طاقات وقدرات بشرية وثروات طبيعية هائلة وفيما تم استثمارها وبالاسلوب الذي يضعه تؤهله لان يكون في مصاف الدول المجاورة له ، مما سيكون له دور فعال وتاثير كبير في المنطقة وهو ما يمكن القبول به من قبل اميركا وحلفائها ولذلك تحركت ماكنتهم الاعلامية والسياسية الى افشال التجربة الجديدة بعد الاحتلال لاعادة الاوضاع الى المربع الاول لما قبل 2003. والاهم في الامر والذي يحظى بالاولوية لدى اميركا ومحورها الاقليمي والداخلي هو ان يركب العراق قطار التطبيع مع الكيان الصهيوني وان يكون جزءا من المشاريع والخطط التي تجعله ضمن اطروحة الشرق الاوسط الكبير وغيرها.
الا ان ومن خلال تجربة 16 عاما ونيف ورغم كل المحاولات الخبيثة والحاقدة والتي تجسدت بانواع الجرائم التي استهدفت الشعب العراقي من القتل والارعاب وغيرها من اجل اخضاعه لان يكون ضمن الفلك الاميركي الا ان النتائج جاءت عكسية بحيث بقي ولازال ولهذه اللحظة عصيا عليهم وبصورة اسقطت جميع رهاناتهم.
ومن الطبيعي ان يكون ذلك لان الشعب العراقي الذي ربط مصيره بتوجيهات المرجعية العليا الرشيدة الممثلة بالمرجع السيستاني والتي كانت ولازالت صمام الامان لهم في التصدي لكل الرياح السوداء العاتية التي تستهدف استقلال وسيادة ووحدة شعبه وارضه بحيث اصبحت سدا منيعا امام اعدائه المجرمين.
وبالامس وبعد ظهور نتائج الانتخابات التشريعية والتي جاءت نتائجها وبالتدخل الاميركي والاممي غير واقعية من خلال الدس والتزوير كما اكدته مصادر سياسية عراقية لتغيير المعادلة القائمة لكي تصب في صالح اهداف اميركا وحلفائها وعملائها للوصول الى حالة من الصراع الشيعي الشيعي والذي يفتح لاميركا الابواب بالتدخل والسيطرة اكثر على مصائر العراقيين وهو ما ذكرته بالامس احدى المواقع التابعة للسفارة الاميركية من ان "العراق مقبل على حرب شيعية شيعية".
وهذا الامر لم يكن جديدا بل عملت عليه اميركا منذ غزوها للعراق وباستخدام مختلف الطرق والاساليب للوصول الى حالة الاحتراب الا انه وكما اسلفنا فشلت في ذلك فشلا ذريعا وبقي العراقيون رغم كل المعاناة وبتوجيهات مرجعياتهم الدينية قوة صلدة وقوية امام هذه المشاريع. واللافت ايضا ما ظهر امس وعلى صفحات التواصل الاجتماعي والسوشيا ميديا من دعوات ايتام صدام من فلول حزب البعث المقبور بالتاكيد على هذا الامر وبصورة غير مسبوقة.
واخيرا والذي ينبغي ان تعلمه اميركا وكل المعادين للعملية السياسية انه وبوجود صمام الامان المرجعية العليا والدول الصديقة التي وقفت الى جانب الشعب العراقي في المحن التي مر بها لا يمكن ان يفلت الزمام ويضع رقبته في مقصلة اعدائه، بل سيقاوم مقاومة مستميتة بما لديه من قدرات من اجل ان يغير المعادلة لصالحه وبصورة تجعل من اعدائه اثرا بعد عين، واول هذه الاهداف هو قطع يد اميركا وبصورة مستمرة في التدخل بشؤنه من خلال طردها واخراجها ان لم يكن بالطرق الدبلوماسية فبالقوة التي لديهم. وعندها سينعم العراقيون بالامن والامان والاستقرار.