انضمام إيران إلى «شنغهاي»… والتوجه نحو الشرق
د. علي سيّد
يوماً بعد يوم تتبلور معالم السياسة الجديدة لإيران مع انطلاق ولاية الرئيس رئيسي، والتي أعطى فيها الأولوية بالتوجه نحو دول الجوار بدلاً من غربٍ محفوفٍ بالمخاطر ونظرة الاستكبار، وعلى ما يبدو فإنها سياسة قد لاقت ترحيب الشرق الذي احتفى بانضمام إيران كعضو دائم إلى منظمة شنغهاي خلال اجتماعها العشرين في العاصمة الطاجيكية. قمة شكلت منصة للسيد إبراهيم رئيسي للتعريف بإمكانيات بلاده وما لديها من طاقات لدعم نظام عالمي جديدٍ قائمٍ على التعددية القطبية.
إنّ انضمام الجمهورية الإسلامية قد فتح الأبواب أمام جميع هذه البلدان لتصدير سلعها وبضائعها عبر الموانئ الإيرانية، هذا التكتل سيساهم في الحقيقة سيساهم بتعزيز التعددية القطبية ليس فقط على الصعد التجارية والاقتصادية، وإنما على الصعد السياسية أيضاً حيث سيتمكن أعضاء منظمة شنغهاي من إفشال جميع المؤامرات والخطط المستقبلية التي تفكر بها الولايات المتحدة الأميركية لفرض حظر على الدول التي تخالفها أو تتصدى لهيمنتها.
انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي وصفته الخارجية الإيرانية بالخطوة الكبرى، فهي علاوةٌ على أنها ستربط السوق الإيرانية بسوق يصل حجمه إلى ثلاثة مليارات نسمة، فإنها ستجعل من إيران أيضاً حلقة وصل لأوراسيا من خلال ممر يربط الشمال بالجنوب، والأهمّ من ذلك أنّ الخطوة جاءت بعد وثيقة الشراكة الاستراتيجية التي وقعتها إيران والصين لربع قرن، وهذا ما سيفتح المجال أمام الاقتصاد الصيني للتمدّد إلى مناطق كانت محظورة عليه كما سيمنح إيران في المقابل بوابةً للتحرر من الحصار المفروض عليها.
تقول إيران بأنّ اتجاهها نحو الشرق جاء كردّ فعلٍ لسوء تعامل الغرب معها، ولا شك بأنها ستكون بعد انضمامها للمنظمة أمام تكتل دولي جديد، وهذا سيضع حداً للأحادية القطبي،ة لكن هذا لا يعني أنّ إيران ستغضّ النظر عن الغرب لأنها ستكون بوابته نحو الشرق إذا ما رفض الهيمنة الأميركية.
اللافت أنّ أهمّ الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي هي دول من الوزن الثقيل كروسيا والصين التي تتعرّض لعقوبات أميركية كإيران، لذلك فإنّ تعاون دول كهذه تحت مظلة منظمة شنغهاي التي تجمع في عضويتها أكثر من ثلاثة مليارات نسمة سيضع بلا شك حداً للأحادية القطبية وسيمهّد لظهور نظامٍ عالميٍ متعدد الأقطاب.
أخيراً، مما لا شك فيه بأنّ انضمام إيران كعضو دائم في منظمة شنغهاي في وقتٍ بدأت فيه الولايات المتحدة بجرّ أذيال الهزيمة في منطقتنا دليل بحسب الكثيرين على أنّ الهيمنة والأحادية السياسية في طريقه إلى الزوال، وأنّ نظاماً عالمياً جديداً في طريقه نحو التبلور عنوانه العريض لا للأحادية ونعم للتعددية القطبية.