kayhan.ir

رمز الخبر: 138300
تأريخ النشر : 2021September27 - 20:43
زفرة من أعماق الصدر؛

غير مقدر لي!

حسين شريعتمداري

1 ـ اوردنا العام الماضي في مقال مدى تاثير فايروس كورونا على مشتاقي زيارة ابي عبدالله (ع) في اربعينيته؛ "العشرون من صفر عام 61 للهجرة، بعد اربعين يوما من شهادة ابي عبدالله الحسين (ع) و72 من اصحابه، حيث واصل جابر بن عبدالله الانصاري  الصحابي  الجليل لرسول الله (ص) الذي فقد بصره وكهولة سنه بمعية "عطية العوني" وهو من التابعين ومن مريدي امير المؤمنين (ع) ومن رجال العلم والحديث ومفسر القرآن، واصلا سيرهما فحطا  كربلاء لزيارة التربة المطهرة لسيد الشهداء واصحابه الشهداء.

وبعد ساعات تعود قافلة الكربلائيين الاسرى من الشام ليشاركوا جابر وعطية العزاء... يبكون غربة، يشكون رسول الله المظالم على آل الله.

فالزمان ديجور بلغ منتهى ظلمانيته، فابناء هند آكلة الأكباد والتي عمدت في معركة اُحد  بشق صدر حمزة عم الرسول ومضغت كبده باسنانها حقدا على الاسلام، وجلسوا منبر رسول الله(ص) يدعون الخلافة الالهية!

فاتكأ السراق على كرسي الحكم، وكما قال امير  المؤمنين لبسوا الاسلام  لبس الفرو مقلوبا.

فكانت الاوضاع كما تصفها سورة الروم: "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس" و... فلم يتصور احد حتى في اقصى اُفق تفكيره ان يصل المستوى الظلماني لهذه الدرجة.

ويمر اليوم 1382 عاماً  على تلك الواقعة ومرة اخرى نعيش ذكرى الاربعين. وعجلة الزمان تدور وتدور لنصل الى عصر يطلق عليه "عصر الخميني". فلا خبر عن غربة آل الله في اربعين عام 61 هـ، فقد احتشد الملايين من انحاء العالم لزيارة شهداء كربلاء.  يقطعون المسافة بين كربلاء ونجف والتي تقدر بـ 89 كيلومتراً سيراً  على الاقدام، نساءاً واطفالا وشيباً وشباناً و... فهذه واقعة لم تكن قد تحدث فحدثت اليوم".

2 ـ وينبري "الكساندر دوغين" المنظر الروسي الشهير والذي سافر الى العراق قبل اربع سنوات بعد ان سمع عن اخبار الاربعين فجاء ليشهد المراسم العظيمة عن قرب وشارك في المسيرة الاربعينية، وشرح حضوره بهذا الشكل: "ان حدث مسيرة الاربعين والذي يأخذ دوليا ابعاداً واسعة ويشترك في المسيرة من كافة الاطياف والاديان ومنهم المسيحيون، هو مقدمة لتغير اساس على المستوى العالمي.

وارى ان العالم المتحضر بايديولوجيته وليبراليتيه ونظامه الرأسمالي قد ولى، ولا يحمل للبشر سوى خلق الازمات، والبشر اليوم بحاجة الى انطلاقة معنوية والهية، تستمد جوهره من الثورة الاسلامية ونهضة الامام الخميني".

3 ـ ونعرج على تقرير مراسل الصحيفة الاميركية "هافينغتون بست" حول مسيرة الاربعين العظيمة، اذ كتب: "جانب آخر من مراسم العزاء، يبهت كل زائر هو مشاهدة هذه الواقعة فألاف الخيم بصفة مطابخ مؤقتة من قبل قرويي المنطقة الى جانب طريق الزوار. فيقف اصحاب المواكب امام الزوار يلتمسونهم ليقبلوا دعوتهم وهي تشمل مجموعة كاملة من الخدمات المناسبة للامراء؛ فابتداءاً يدلكون اقدام الزائرين ثم يقدمون الطعام اللذيذ، ويدعون الزائر ليستريح فيما يغسلون الثياب ويكوونها كل ذلك يقومون به بلطف دون اي مقابل".

ثم يشير مراسل "هافينغتون بست" في تقريره الى ظاهرة "كثرة الحشود" وكيفية ادارة هذه الحشود، فيكتب: "بعد زلزلة هايتي، تمكنت النقابة العالمية للاطعمة بمساعدة ودعم دولي بتوفير الغذاء لـ 500 الف شخص. فتدخل الجيش الاميركي وخدمات الوكالات الفدرالية وبالتالي اعلنوا انه خلال الاشهر الخمسة الماضية تم ايصال 4/9 مليون طبق طعام للمتضررين من الزلزال الذي اعتبر كارثة انسانية. وقس الآن هذا بما يزيد على خمسين مليون طبق طعام في كل يوم من ايام الاربعين، وقبال 700 مليون طبق طعام للزوار خلال هذه الفترة والذي لم يوزع عن طريق اميركا والمؤسسات الخيرية العالمية بل عن طريق العمال الفقراء وفلاحين يعملون طوال العام ليوفروا رضا الزائرين".

4 ـ قبل سنوات جاء مراسل احدى الصحف الاميركية المعروفة لاجراء مقابلة مع صحيفة كيهان. وجر الكلام الى التطرق للارهاب التكفيري الداعشي، فقال: هنالك قضية اسردها لاننا نشترك بكوننا اعلاميين، ولكن اذا ذكرت اسمي ساُكذب الخبر من اساسه!

فاجبت بالرضا بهذا القيد بان لا اذكر الاسم والعنوان. فقبل عني وقال: ان حركة داعش وعلى العكس مما نتوقعه منها قد تبدلت الى عامل قوي ومؤثر في نشر الثورة ومبادئكم الدينية، موضحا ان داعش من جهة ترتكب جرائم مهولة تخدش الضمير الانساني ومشاعر كل انسان وصديق في العالم وفي نفس الوقت تعتبر ايران والمذهب الشيعي اعدى اعدائها. فان داعش عن هذا الطريق توجه افكار العالم الى الاسلام الذي يطبق في ايران وما هو هذا الاسلام الايراني الذي يعاديه مجرمون مثل عصابات داعش وآل سعود و...

وبعد أشهر من اللقاء وفي خبر نقل عن مراسل اميركي شارك في مسيرة الاربعين (مع عدم ذكر الاسم كذلك) جاء فيه:

"لو كان العالم تعرف على الحسين وتضحياته لتمكن الجميع من العثور على جذور الفكر الداعشي ويفهموا من اين تستمد عقيدة هذه الفرقة في الموت والابادة.

لقد شهدت الانسانية قبل قرون في كربلاء اساس التوحش والجريمة. والوحشية تلخصت في قتل الحسين. فهذه الواقعة تمثل مواجهة الظلمة المطلقة للنور الوضاء ومواجهة الفساد للفضيلة. وعلى هذا كان روح الحسين خالدا لليوم، وامتزج في جميع جوانب حياته مع هؤلاء الاشخاص...

ولايمكن لاي حظر اعلامي ان يخمد نوره. فمن هو الحسين؟ سؤال بهذا العمق يمكن ان يبعث على تغيير الاشخاص لدينهم، ويمكنهم ان يجيبوا في وقت حين يسيروا حفاة الى حرم الحسين"... ولا ندري هل هو نفس المراسل الاميركي ام لا؟!

فالحديث يتطابق بالتمام معه.

5 ـ ولنلتفت الآن الى الكلمة الحكيمة لقائد الثورة؛ "في عالم تقدم عدة من مصاصي الدماء بعيدة عن الانسانية، بسلب اسم الاسلام، وباسم الدين نشروا الحقد والوحشية وكل ما هو غير انساني في العالم، وصاروا مثالا لانتكاسة الاسلام والمسلمين. فهذا الخبر ينتشر في العالم بان عشرين مليون مسلم عاشق، من الشيعة والسنة، تملؤهم العاطفة الانسانية وفي قمة الجمال والعظمة والسماحة، يحضروا كربلاء وفي حرم الحسين(ع)، ليبهتوا لعالم في حضورهم. فحينها يثار هذا السؤال في ذهن غير المسلمين، بان من هو الحسين(ع) الذي استمال الجميع حوله، ولماذا لم يحدثونا عن هكذا اسلام، ولطالما تم نشر اسلام الوهابية والسلفية والبعد عن الانسانية في الاعلام الغربي"؟!