kayhan.ir

رمز الخبر: 138070
تأريخ النشر : 2021September22 - 20:31

إيران والتوجه شرقًا: مواجهة العقوبات الأميركية

 

د. محمود جباعي

تتعرض الجمهورية الاسلامية في ايران لعقوبات اقتصادية أميركية منذ عدة سنوات بفعل الضغوطات الأميركية المتواصلة على الشعب الايراني والتي تهدف الى تحقيق مكاسب تتعلق بالبرنامج النووي الايراني.

رغم شدة هذه العقوبات إلا أن ايران نجحت في التخفيف من وطأتها بفعل نظامها الاقتصادي المبني على سياسات استراتيجية ترتكز بالدرجة الأولى على تنمية القطاعات الإنتاجية من زراعة وصناعة بالإضافة الى تطور تكنولوجيا المعرفة والمعلومات في البلاد، دون التقليل من الأثر السلبي لهذه العقوبات على العديد من القطاعات الحيوية في البلاد لا سيما في المجال النفطي ومجالات توليد الطاقة على أنواعها.

تعوّل ايران في سياساتها الاقتصادية الأخيرة المعدة لمواجهة الغطرسة الأميركية على تعزيز التوجه شرقًا كخيار أساسي لكسر الأحادية الأميريكية في المجالات الاقتصادية كافة، ومن هنا سعت الى الانضمام والحصول على العضوية الدائمة في منظمة "شنغهاي" للتعاون التي تقودها روسيا والصين وتضم الى الآن 8 دول وهي: الصين، روسيا، أوزبكستان، باكستان، طاجكستان، الهند، قيرغستان وكازخستان. علمًا أن ايران حصلت سابقًا على صفة عضو مراقب عام 2005 في هذه المنظمة ورغم معارضة بعض الدول دخولها بسبب تعرضها للعقوبات الأميركية، إلا أن الرئيس الصيني شي جينبينغ أعلن يوم الجمعة الماضي في كلمته خلال القمة أن اجراءات إدخال ايران الى المنظمة قد بدأت بشكل فعلي، وهي خطوة لقيت ترحيب معظم قادة الدول المشاركة في الاجتماع وعلى رأسهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. واتمام إجراءات العضوية قد يتطلب بين عام وعام ونصف تقريبًا.

الأهمية الاقتصادية لعضوية إيران في المنظمة

تعتبر منظمة شنغهاي من أبرز المنظمات الاقتصادية العالمية حيث تمثل دول المنظمة نحو 60% من مساحة أوراسيا ويقطن فيها حوالي 50% من سكان العالم الأمر الذي يعطيها بعدًا ديمغرافيًا ضخمًا يتم استغلاله في التجارة الدولية والتسويق التجاري بين الدول الأعضاء. كذلك يشكل الناتج المحلي الإجمالي لدول المنظمة حوالي 20% من الناتج الاقتصادي العالمي مما يعطي أهمية اقتصادية ضخمة لعمل هذه المنظمة ويمكنها من تشكيل ورقة ضغط اقتصادية وسياسية في مواجهة الأحادية الأميريكية الساعية دائمًا الى السيطرة على التجارة العالمية والاقتصاد الدولي.

إن حجم التبادل الاقتصادي بين ايران ودول المنظمة بلغ حوالي 28 مليار دولار خلال الفترة الممتدة بين عامي 2020 و2021 وبالتأكيد بعد قبول عضوية طهران سيرتفع حجم التبادل الاقتصادي والتجاري بين ايران والمنظمة الى الضعف تقريبًا، وقد يرتفع أكثر في الفترة اللاحقة مما يمكن الجمهورية الاسلامية من كسر العقوبات الأحادية الأميريكية من خلال فرض التعددية التجارية مع هذه المنظمة ومع معظم دول العالم في المستقبل، دون أن ننسى الاتفاقية الثنائية الموقعة بين الصين وطهران والتي يصل حجم التبادل الاقتصادي والتجاري فيها بين البلدين الى مئات ملايين الدولارات على فترة 25 عامًا في المستقبل.

إضافة إلى البعد الاقتصادي، تنظر الجمهورية الإسلامية إلى عضويتها في المنظمة من خلال مقاربة سياسية أيضًا، فهي تسعى الى كسر الهيمنة الأميركية على سياسات الدول في التعاطي في ما بينها وفقًا للمصالح الأميركية. وبالتالي إن السعي لنشر التعددية في العالم سيخفف من سطوة الادارة الأميركية على القرارات السياسية والاقتصادية في معظم دول العالم.

يمكننا القول إن دخول ايران الى منظمة شنغهاي، بالإضافة الى الاتفاق الصيني الايراني وأيضًا اتفاقية آسيان بين الصين وعدة دول وكذلك الشراكة بين الصين والاتحاد الاوروبي عبر اتفاقات تجارية واقتصادية، يمهد الى تأسيس نظام عالمي جديد متعدد المعالم مبني على التجارة الحرة التي ترعى مصالح كل الدول وليس فقط مصلحة الولايات المتحدة الاميريكية، مما يؤسس كذلك حتمًا الى إمكانية تحرر الشعوب من الهيمنة الأميريكية على ثرواتها ومقدراتها.