kayhan.ir

رمز الخبر: 137213
تأريخ النشر : 2021September08 - 20:00

ملعقة غور بيسان تحفر في قبر بن غوريون

 

محمد صادق الحسيني

قد لا نضيف جديداً، في كلامنا التالي، في خضمّ هذا البحر من التحليلات والتوقعات والقراءات، المتعلقة بالعملية الفدائية الفلسطينية الأسطورية، التي اخترق بها ستة فدائيين فلسطينيين قلب بن غوريون في قبره، إضافة إلى قلوب كافة قادة أجهزة الأمن «الإسرائيلية»، العسكرية منها والأمنية الاستخباراتية.

لذا فإننا سنقتصر على الإضاءة على بعض الحقائق وتوجيه بعض الأسئلة لقادة العدو الأمنيين والعسكريين والسياسيين.

ولنبدأ بالإضاءات:

الأمر الأول: هو أن هذه العملية المحكمة التخطيط والتنفيذ، تتفوق بآلاف المرات، على كلّ العمليات الإجرامية التي نفذها جهازي الموساد والشاباك «الإسرائيليين»، منذ إعلان قيام الكيان وحتى الآن. بخاصة أن إمكانيات هؤلاء الشباب الستة اقتصرت على ملعقة طعام فارغة تم تهريبها لهم إلى داخل السجن، بينما تبلغ موازنة تشغيل العملاء، في جهاز الموساد وحده 15 مليار دولار سنوياً.

الأمر الثاني: هو أن عملية تحرر الفدائيين الفلسطينيين الستة هذه أكثر تعقيداً بما لا يقاس من عملية الموساد «الإسرائيلي»، التي نفذت لاغتيال العالم النووي الإيراني المدني، فخري زاده. إذ إن فخري زاده كان يستخدم سيارة عادية جداً، غير مصفحة، ولا تخضع لأي إجراءات أمنية عسكرية خاصة. بالتالي فإنّ استهداف مثل هكذا سيارة مدنية واغتيال من بداخلها لم يكن لا بالعمل الخارق ولا البطولي.

الأمر الثالث: إن عملية الفدائيين الفلسطينيين، الذين حرروا أنفسهم من سجن أو حصن جلبوع المدرع، كانت عملية فائقة الدقة في التخطيط والتنفيذ وفي حصن عسكري أمني «إسرائيلي» أرضيته مصفحة بصفائح الميركافا، شارك في بنائه «أشهر» المهندسين الأوروبيين المتخصصين في بناء السجون الحصينة. وكانوا للأسف إيرلنديين، من أذناب الاستعمار البريطاني.

فهل يستويان..!؟

الأمر الرابع: هل أنتم متأكدون أنّ المجندة «الإسرائيلية» العشرينية، روتَم روزين هيك، كانت نائمة أثناء نوبة حراستها، كما اتهمها مسؤولون «إسرائيليون» بالمسؤولية عن نجاح الفدائيين في تحرير أنفسهم، أو أنها كانت تعيش لحظات أونلاين، وهي تغازل عشيقها «آڤي بوحطوط»، الموجود في مدينة راس العين الفلسطينية المحتلة عام 1948.

وهذا يعني أنها كانت في عالم غير عالم السجن، الذي يُفترض فيها أن تحرسه، وهو سجن جلبوع القريب من مدينة بيسان الفلسطينية المحتله عام 1948 (في الغور الشمالي) حيث تصل درجات الحرارة هناك إلى أكثر من 40 درجة مئوية في مثل هذا الوقت من العام.

وعليه فإنّ ما كانت تقوم به تلك المجندة أخطر بكثير من النوم خلال مناوبة الحراسة الليلية…!

 إنها حقيقة تظهر انعدام أي دافع، لدى عناصر العدو العسكرية والأمنية، للقيام بواجباتهم المكلفين بها. وهو ما يعبّر عن حالة عدم اكتراث لا بالدولة ولا بأمنها، وعن حالة انهيار شامل في الروح المعنوية لجيش الاحتلال ومنتسبي أجهزته الأمنية. وهذا ما أكده مفتش الجيش «الإسرائيلي» السابق، الجنرال إسحق بريك، في حديث له مع موقع ميدا «الإسرائيلي» قبل يومين فقط.

أما الأسئلة الموجهة، إلى قادة العدو العسكريين والأمنيين، فهي كثيرة جداً نختصرها بالأسئلة التالية:

أولاً: بعد مرور 48 ساعة على نجاح الفدائيين الفلسطينيين في تحرير أنفسهم، من سجن جلبوع الإسرائيلي، هل تعرفون ما إذا كانت عملية التخطيط والتنفيذ هي عملية اقتصرت على جهود الأسرى الستة فقط أم أن جهات «عليا» قد ساعدتهم في التخطيط والتنفيذ (أونلاين) من الخارج؟

ثانياً: بعد مرور كلّ هذا الوقت هل تعرفون كيف تمكن هؤلاء الفدائيين من استخدام الهاتف النقال، الذي تم تهريبه لهم إلى داخل السجن؟

أليس لديكم أجهزة تشويش إلكتروني، لمنع استخدام الهواتف المهرّبة إلى داخل السجن، تلك الأجهزة التي تم تركيبها حول سجنَي جلبوع وشطة المتلاصقين، قبل أكثر من عام، فلماذا لم تتمكن هذه الأجهزة من تعطيل استخدام الهاتف الفدائي النقال؟

ثالثاً: هل أنتم متأكدون من أنّ «إسرائيل» هي دولة رائدة في الصناعات الهندسية الدقيقة (هاي تيك)؟ وهل تذكرون أن حزب الله، وقبل 24 عاماً، قد تمكن من قرصنة مسيّرة القيادة التي كنتم تستخدمونها لتحضير عملية الإغارة البحرية على موقع في أنصارية/ جنوب لبنان؟ اعتقدتم خطأً أنه موقع لحزب الله؟

وهل تذكرون ما الذي حصل للقوة التابعة لوحدة ميثكال (قوات خاصة تابعة لهيئة الأركان الإسرائيلية)؟ كان مقاتلو حزب الله بانتظارهم وأبادوا القوة كاملة في ما عدا فرداً واحداً ترك على قيد الحياة ليخبرهم بتفاصيل ما حصل مع تلك القوة.

رابعاً: كان ذلك قبل ربع قرن… فكيف هو الوضع الآن؟ وهل من فارق بين إمكانيات حزب الله وإيران وسورية وحركة حماس والجهاد، في ذلك الزمن، وإمكانياتهم اليوم؟

خامساً: هل سمعتم عن الأسلحة الكهرومغناطيسية، يا أرباب الهاي تيك وأجهزة التجسس، وهل سمع قادتكم بهذه الأسلحة؟ وهل تعرفون شيئاً عنها وعمَّن يملكها؟ هل تعرفون أن النسخة المتنقلة منها (الموبايل) تحمل في حقيبة مدرسية صغيرة؟ وأنها قادرة على إرسال موجات كهرومغناطيسية، عالية الدقة؛ أيّ نقطية؛ قادرة على تدمير قاعدة جوية كاملة أو قطعة بحرية كبيرة أو موقع قيادة وسيطرة أو مركز عمليات واتصالات وما إلى ذلك…

فهل يا ترى كانت هي السلاح الذي قام بتعطيل أجهزة التشويش الإلكتروني المزروعة حول سجن جلبوع؟

سادساً: وهل أنتم غافلون عن قدرة المقاومة، من خلال امتلاكها وسائل قتالية جديدة، قد لا تكون تملكها أجهزتكم العسكرية والأمنية، يا أرباب الهاي تيك وأجهزة التجسس البائسة؛ كونها كشفت في كل أنحاء العالم؛ نقول: هل أنتم غافلون عن قدرة المقاومة على حماية أسراها المحررين؟

وهل تعتقدون أنكم ستحققون نصراً في ما لو نجحتم في اغتيالهم أو أسرهم مجدداً؟

اعترفوا من الآن… لقد خسرتم المعركة والبقية تفاصيل.

ولكن السؤال الأهمّ هو:

سابعاً: هل أنتم جاهزون لتلقي مفاجأة من العيار الثقيل، في القريب العاجل، على الأرجح؟

يوم تشهدون ما لا عين رأت ولا أذن سمعت؟

بانتظار المزيد من المفاجآت من جغرافيا آخر الزمان!

نترككم في خيبتكم تعمهون.

بعدنا طيبين قولوا الله…