kayhan.ir

رمز الخبر: 135130
تأريخ النشر : 2021July30 - 20:27

الامام الكاظم (عليه السلام) والحفاظ على الاسلام المحمدي الاصيل

ولد الإمام موسى بن جعفر، يوم العشرين من ذي الحجة، في نهاية العهد الاموي سنة (128هـ) في ( الابواء ) بين مکة المکرمة والمدينة المنورة ، وهو البلد الذي توفيت ودفنت فيه آمنة بنت وهب أم الرسول صلی الله عليه وآله وسلم .

عن أبي بصير قال: كنت مع الامام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق في السّنة التي ولد فيها ابنه موسى فلمّا نزلنا الأبواء وضع لنا أبو عبد الله الغداء ولأصحابه وأكثره وأطابه، فبينا نحن نتغدى إذ أتاه رسول "السيدة" حميدة "ام الإمام موسى الكاظم" ....... فقام أبو عبد الله فرحا مسرورا، فلم يلبث أن عاد إلينا، حاسرا عن ذراعيه ضاحكا سنّه فقلنا: أضحك الله سنّك، وأقرّ عينك، ما صنعت "السيدة" حميدة ؟ فقال: وهب الله لي غلاما، وهو خير من برأ الله، ولقد خبرتني عنه بأمر كنت أعلم به منها, قلت: جعلت فداك وما خبرتك عنه "السيدة" حميدة ؟ قال: ذكرت أنه لما وقع من بطنها وقع واضعا يديه على الأرض رافعا رأسه إلى السماء، فأخبرتها أن تلك أمارة رسول الله وأمارة الامام من بعده.

عاصر الإمام عليه السلام سلاطين بني العباس كالمنصور والمهدي والهادي وهارون الرشيد وكانت أطول فترة من حياته الشريفة مع الاخير.

وطوى عليه السلام عشر سنواتٍ من إمامته في عهد المنصور، وكانت من أقسى أيام حياته، وأشدّ أيّام الإسلام ظلاماً وشدّةً، فقد كان المنصور يلقي القبض على أصحاب الإمام مجموعةً بعد أخرى، ثم يقضي عليهم بعد أن يسومهم صنوفاً من التعذيب، ويدفن أجسادهم في السّجون سراً، وقد اكتشف الأمر بعد موته، إذ فتحت السّجون، وعثر فيها على الجثث والعظام، وعرف الناس ما ارتكبه هذا الطاغية من مظالم، في معتقلاته الرهيبة.

وبعد هلاك المنصور، خلفه ابنه الغبيّ الماجن، المهدي العباسي، وكان هذا لا يخفي عداوته لأهل بيت الرسول (صلى الله عليه واله)، غير أنّه لم يبلغ مبلغ أبيه في القسوة والتنكيل. وقد تحسن وضع السجناء قليلاً في عهده.

حاول المهدي مرّة مضايقة الإمام عليه السلام، فاستدعاه إلى بغداد، ورمى به في السجن، لكنّه بعد حلم مرعب أبصره في إحدى الليالي، سارع إلى إطلاق سراحه، وأعاده إلى المدينة مكرّماً. وقد تعدّدت لقاءاته به خلال حكمه القصير، وجرى بينهما حوار حول قصة «فدك»، وهي المزرعة التي قدّمها الرسول (صلى الله عليه واله)لابنته نحلةً (أي هبةً)، لكنّها انتزعت منها بعد وفاته، وتناقلها الحكام فيما بينهم.

ويروى أنّ المهدي العباسي عرض على الإمام الكاظم عليه السلام. أن يردّ له مزرعة «فدك»، فرفض قبولها. ولما سأله عن سبب رفضه أجاب بأنّه لا يقبلها إلا بحدودها، فسأله: وما حدودها؟ فأجاب: إنّي إن حددّتها لم تردّها، فألحّ عليه المهدي، فحددّها عليه السلام كما يلي:

الحدّ الأول: عدن إلى الجنوب. فتغيّر وجه المهدي، ثم قال (عليه السلام): والحد الثاني: سمرقند إلى الشرق، فاربد وجهه، ثم قال: والحدّ الثالث: إفريقية إلى الغرب، فقال المهدي: والحدّ الرابع؟ قال: سيف بحر الخزر وأرمينية. عندها قال المهدي: لم يبق لنا شيء. فتحول إلى مجلسي. (أي تفضّل واجلس مكاني على العرش). فكان جواب الإمام (عليه السلام): لقد أعلمتك بأنّي إن حدّدتها، لم تردّها.

ويتبيّن من هذه الحادثة أنّ الإمام عليه السلام، كان يرمي إلى إفهام المهدي العباسي، أنّ البلاد الإسلامية كلّها في ذلك الحين، هي حقّ لأهل بيت الرّسول (صلى الله عليه واله)، وقد اغتصبت منهم، وليس مزرعة «فدك» فحسب، وأنّ المغتصبين لها هم الحكّام العباسيّون، والأمويّون من قبلهم. وهذا معنى قوله عليه السلام: إنّي إن حدّدتها، لم تردّها. لم يدم حكم المهدي العباسي طويلاً، حيث خلفه ابنه الهادي. وكان هذا رجلاً ضعيفاً، كما كان عهده قصيراً أيضاً، وخلفه من بعده ابنه هارون الرّشيد.

اعتقال الامام (عليه السلام) ومحاولة اغتياله

ألقى أزلام هارون الرشيد القبض على الإمام الكاظم (عليه السلام) ، وأرسلوه مُقيداً إلى البصرة ، وقد وَكّل حسان السري بحراسته ، والمحافظة عليه. وفي الطريق التقى به عبد الله بن مرحوم الأزدي ، فدفع له الإمام (عليه السلام) كُتُباً ، وأمره بإيصالها إلى ابنه الإمام علي الرضا (عليه السلام) ، وعَرّفه بأنه الإمام من بعده. وسارت القافلة تطوي البيداء ، حتى انتهت إلى البصرة ـ  وذلك قبل التروية بيوم ـ. فسلَّم حسّانُ الإمامَ (عليه السلام) إلى عيسى بن جعفر ، فحبسه في بيت من بيوت المحبس ، وأقفل عليه أبواب السجن.  وكان عيسى لا يفتحها إلا في حالتين ،  إحداهما خروجه  (عليه السلام ) إلى الطهور ، والأخرى لإدخال الطعام إليه (عليه السلام).وأقبل الإمام (عليه السلام) على العبادة والطاعة ، فكان يصوم في النهار ويقوم في الليل ، ويقضي عامة وقته في الصلاة ، والسجود ، والدعاء ، وقراءة القرآن. واعتبرَ تَفرّغَه للعبادة من نِعَم الله تعالى عليه ، فكان (عليه السلام )  يقول: (( اللَّهم إنك تعلمُ أني كنتُ أسألك أن تُفرِّغَني لعبادتك ، اللَّهُم وقد فعلتَ ، فَلَكَ الحمدُ )).

 

عِلم الإمام الكاظم عليه السّلام

1- سؤال هارون الرشيد للامام موسى بن جعفر عليه السّلام عن حقّ أهل البيت من الخمس:

كتاب الاستدراك: عن التلعكبري بإسناده عن الكاظم قال: قال لي هارون: أتقولون أن الخمس لكم ؟ قلت: نعم قال: إنه لكثير، قال: قلت: إن الذي أعطاناه علم أنه لنا غير كثير.

2- سؤال الامام موسى بن جعفر عليه السلام لأبرهة النصراني: كيف علمك بكتابك ؟

مناقب ابن شهرآشوب: هشام بن الحكم قال موسى بن جعفر لأبرهة النصراني: كيف علمك بكتابك ؟ قال: أنا عالم به وبتأويله قال: فابتدأ الامام الكاظم يقرأ الإنجيل فقال أبرهة: والمسيح لقد كان يقرأها هكذا، وما قرأ هكذا إلا المسيح، وأنا كنت أطلبه منذ خمسين سنة، فأسلم على يديه.

كرامات الإمام الكاظم عليه السّلام

1- عن سليمان بن عبد الله قال: كنت عند أبي الحسن موسى الكاظم قاعدا فاتي بامرأة قد صار وجهها قفاها فوضع يده اليمنى في جبينها ويده اليسرى من خلف ذلك، ثم عصر وجهها عن اليمين ثم قال: " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "

فرجع وجهها فقال: احذري أن تفعلين كما فعلت قالوا: يا ابن رسول الله وما فعلت ؟ فقال: ذلك مستور إلا أن تتكلم به، فسألوها فقالت: كانت لي ضرة فقمت أصلي فظننت أن زوجي معها، فالتفت إليها فرأيتها قاعدة وليس هو معها، فرجع وجهها على ما كان.

عبادة الإمام الكاظم عليه السّلام

1- الحسين بن سعيد أو النوادر: إبراهيم بن أبي البلاد قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: إني أستغفر الله في كل يوم خمسة آلاف مرة.

2- عن حفص قال: ما رأيت أحدا أشد خوفا على نفسه من موسى بن جعفر ولا أرجى للناس منه وكانت قراءته حزنا فإذا قرأ فكأنه يخاطب إنسانا.

زهد وحلم الإمام الكاظم عليه السلام

1- عن موسى بن بكر قال: ما أحصى ما سمعت أبا الحسن موسى عليه السلام ينشد:

فان يك يا أميم علي دين * فعمران بن موسى يستدين.

2- عن إبراهيم بن عبد الحميد قال: دخلت على أبي الحسن الأول في بيته الذي كان يصلي فيه، فإذا ليس في البيت شئ إلا خصفة وسيف معلق، ومصحف.

جود الامام (عليه السلام) وكرمه

كان الإمام الكاظم (عليه السلام) من أندى الناس كَفاً ، ومن أكثرهم عطاءً للبائسين والمحرومين.

ومن الجدير بالذكر أنه (عليه السلام) كان يتطلّب الكتمان وعدم ذيوع ما يعطيه ، مبتغياً بذلك الأجر عند الله تعالى.

ويقول الرواة: أنه (عليه السلام) كان يخرج في غَلَسِ الليل البهيم ، فيوصل البؤساء والضعفاء وهم لا يعلمون من أي جهة تَصِلهم هذه المَبَرّة.

وكانت صِلاته لهم تتراوح ما بين المائتين دينار إلى الأربعمائة دينار ، وكان أهله يقولون: عَجَباً لمن جاءته صرار موسى (عليه السلام) وهو يشتكي القلة والفقر.

وقد حفلت كتب التاريخ ببوادر كثيرة من الحاجة والسؤال ، ويجمع المترجمون له أنه (عليه السلام) كان يرى أنّ أحسَنَ صرفٍ للمال هو ما يَردّ به جوعُ جائع أو يكسو به عارياً.