kayhan.ir

رمز الخبر: 134895
تأريخ النشر : 2021July25 - 20:11

المملكة المأزومة تأكل حلفاءها

 

أحمد فؤاد

شواهد عديدة ومتتابعة، تكاد تقول إن أزمة متفجرة على وشك الوقوع، في مملكة آل سعود. وقعت المملكة بقيادة أمراء التجسس والخيانة في فخ فضيحة جديدة، بالشراكة مع قطبي الشر الآخرين، أبو ظبي وتل أبيب، بالتجسس على حلفائها وأعدائها، على السواء، من زعماء الطبقة السياسية العربية.

من العراق والأردن، وصولًا إلى مصر والمغرب، لا يبدو أن نظام محمد بن سلمان يتمتع برفاهية الثقة في أحد، حتى حليفه السيسي، جاء رئيس وزرائه مصطفى مدبولي، الذي لا يعرف حتى نصف المصريين اسمه كاملًا، من بين ضحايا برنامج التجسس الصهيوني لصالح الرياض وأبو ظبي، في مفارقة مضحكة، لكنها محملة بدلائل وعلامات لا يمكن إغفالها.

قصور الرياض حبلى بالمؤامرات، منذ زمن طويل، لكن الاستعداد لمرحلة ما بعد الملك الحالي، وهي قريبة على أي حال، جعلت من الأمير المندفع في خضم صراع لا ينتهي، وهو بالتأكيد غير واثق من خندقه، في ظل صراع آت داخل الأسرة الحاكمة، يخفت حينًا ويتصاعد حينًا. لكن مع غياب الملك بالموت مثلًا، فكل شيء مرشح للتصاعد، مع فتور الاهتمام الأميركي، الذي كان في عهد ترمب يرى في ابن سلمان أفضل حليف على عرش المملكة.

المملكة التي قامت ونمت واستمرت تحت الحماية الإمبراطورية لبريطانيا ثم الولايات المتحدة الأميركية -وهي مثل الكيان الموازي لها في تل أبيب- ترى التراجع الأميركي المتسارع، لكنها لا تستطيع التعامل مع عصر جديد يتشكل، ولديها من الأسباب ما يزيد من قلقها المستقبلي، ويضغط دومًا على أعصاب صانع القرار فيها.

باختصار، السعودية بقيادة ابن سلمان تواجه أزمة في ضبط واقعها، وحليفها الإمبراطوري لديه مشكلة في إدارة المستقبل.

لكن حتى في ظل أزمة المملكة العربية السعودية، فإنها تبقى رقمًا مهمًا لما يزيد عن ألف مليون مسلم، بسيطرتها على أقدس الأماكن الإسلامية، ثم هي مهمة كذلك لكل عربي، في ظل الدور الذي لعبته وتلعبه لمصالح مشغلها الأميركي، والذي يتصادم بالقطع مع مستقبل كل عربي، كما كشفته وثائق تجسس ما تعرف بـ "بيجاسوس".

أحد أهم أهداف برنامج التجسس الصهيوني بيجاسوس، والممنوح من شركة "NSO" للحليفين في الرياض وأبو ظبي، كان وزير الخارجية المصرية سامح شكري، وهو رجل كان من اللاعبين المهمين في ملف العلاقات المصرية الأميركية زمنًا طويلًا خلال توليه حقيبة السفارة المصرية بواشنطن من 2008 إلى 2012، ثم تولى حقيبة الخارجية في 2014، كتقليد متبع يستهدف إيصال رسالة للبيت الأبيض بحجم وعمق العلاقات مع حكام القاهرة.

شكري كان سفيرًا ناشطًا في العاصمة الأميركية، وضيفًا دائمًا في الأحداث المهمة والمحافل المنعقدة بالعاصمة النشيطة، كما كان صاحب توجه، أظهرته صورة لرئيسه وأركان حكمه خلف مكتب دونالد ترمب، في مشهد مذل ومهين، حين اختار شكري توجيه رأسه للناحية الأخرى، ربما كدفاع مستقبلي يقول: "كنت هناك لكني رفضت بطريقتي".

بين الشخصيات المصرية الأخرى المستهدفة بواسطة برنامج بيجاسوس، ربما يكون سامح شكري هو الأهم، رغم أنه ليس بالتأكيد الأعلى مقامًا بين الخاضعين للتنصت، فالرجل اعتاد في بعض اللحظات قول كلمة مختلفة، ويتمتع بقدر من التأثير، حتى لو كان هامشيًا في أهم الملفات التي تواجهها مصر، كدولة عربية لا تملك رفاهية الانكفاء الدائم والكامل، كما يريد لها حكامها.

وبالتحديد، فإن مهام شكري في الخارجية، تتضمن ملفي العلاقة مع الكيان الصهيوني، ثم الملف الأكثر أهمية سد النهضة، والأخير تلعب به الأيادي السعودية والإماراتية ضد مصلحة شعب عربي كامل، يزيد تعداده عن مئة مليون إنسان، ويواجهون خطر الفناء الكامل.

خلال العام الحالي تحديدًا، خرج سامح شكري موجهًا التهديد الأهم إلى إثيوبيا، قائلًا إن قيامها بعملية الملء الثاني لسد النهضة دون اتفاق قانوني ملزم، سيجبر مصر على التصرف كدولة تواجه تهديدًا وجوديًا، ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا التعنت الإثيوبي للنهاية، لكن الذهاب للحرب كان بعيدًا جدًا عن خيال النظام الحاكم، الخانع لدرجة تثير الغثيان، وهو أيضًا لم يكن موقف الرياض والإمارات، الراغبتين بشدة في شد الوثاق على المستقبل المصري، وإبقائها رهينة مشيخات الخليج الطارئة.

لن يعلم أحد الهدف وراء التجسس على حليف مثل النظام المصري، خرج رئيسه نفسه، في حديث لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية قائلًا بالنص: "مصر لن تكون دولة مؤذية أبدًا"، وهو يحافظ بكل ما أوتي من قوات وسلاح على تعهده المبكر، ربما هو ضمان للسير على الخط المرسوم، أو لمجرد تأمين المستقبل.