سبعة أسباب تُؤشِّر على انفِجار بالون “سلام أبراهام” وانهِيار مُعظم ما ترتّب عليه من مشاريع التّطبيع..
ما هي؟ ولماذا أكّد وزير خارجيّة سلطنة عُمان على أنّ دولته لن تكون ثالث المُطَبِّعين الخليجيين عشيّة زيارة السّلطان للسعوديّة؟
يبدو أنّ موجة “سلام أبراهام” التي فرضها الرئيس الأمريكي السّابق دونالد ترامب وروّج لها صِهره جاريد كوشنر في أواخِر العام الماضي وسَط ضجّة إعلاميّة مسرحيّة كُبرى بدأت تتكسّر وتَفقِد زخَمها بسُرعةٍ، وبعد أقل من عام على توقيعها، وما يُؤكِّد ما نقول سبعة تطوّرات رئيسيّة:
الأوّل: إغلاق “صندوق أبراهام” الذي أسّسه الرئيس ترامب، وبرأسمال أمريكي إماراتي لتَمويل مشاريع التّطبيع، حسب ما جاء في موقع “غلوبس” الاقتِصادي الإسرائيلي، وأكّدته مصادر أمريكيّة عديدة.
الثّاني: تأكيد وزير الخارجيّة العُماني بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي في حديثٍ أدلى به إلى صحيفة “الشّرق الأوسط” السعوديّة عشيّة زيارة السّلطان هيثم بن طارق للسعوديّة (الأحد) بأنّ بلاده عُمان لن تكون ثالث دولة خليجيّة تُطَبِّع عُلاقاتها مع إسرائيل، وأنّها مُتَمسِّكة بقرارات الشرعيّة الدوليّة وحلّ الدّولتين.
الثّالث: تراجع إدارة الرئيس جو بايدن عن الكثير من الوعود والسّياسات للإدارة الأمريكيّة السّابقة لكُل من المغرب والسودان على صعيد الاعتِراف بالسّيادة على الصّحراء للأولى (المغرب)، وحُزمة من الاستِثمارات الضّخمة للثّانية (السودان).
الرّابع: المُعارضة الشعبيّة الواسعة في مُعظم الدّول المُوقّعة على هذه الاتّفاقات (سلام أبراهام) بضَغطٍ أمريكيّ مصحوبٍ بإغراءاتٍ ماليّة وسياسيّة (رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب)، فالسودان شَهِدَ مُظاهرات شعبيّة واسعة ضدّ التّطبيع، والسّفير الإسرائيلي في المغرب ما زال يُقيم في فندق لأنّه لم يَجِد من يُؤجِّره سكنًا أو مقرًّا لسِفارته من أصحاب العقارات في البِلاد.
الخامس: تصويت السودان والبحرين لصالح قرار في مجلس حقوق الإنسان الدّولي يُطالب بفتح تحقيق أُممي في جرائم الحرب التي ارتَكبها الجيش الإسرائيلي في الحرب الأخيرة على قِطاع غزّة، وهو التّصويت الذي أحدث “صدمةً” في أوساط الحُكومة الإسرائيليّة.
السّادس: تَوتُّر العُلاقات بين أهم دولتين مُؤيّدتين لهذا السّلام، الأُولى وقّعت، أيّ الإمارات، والثّانية كادت أن تُوقّع وهي المملكة العربيّة السعوديّة، وانفِراط عقد تحالفهما سواءً في اليمن، أو ضدّ بعض الدول العربيّة، وضياع مملكة البحرين في الوسَط، حيت باتت مَعزولةً، ولا تَعرِف في أيّ خندق تَقِف، الخندق الإماراتي المُطَبِّع، أم الخندق السّعودي الذي أقام علاقات قويّة مع الخصم القطري، وبات يَنْسُج خُيوط تقارب قويّة مع سلطنة عُمان التي بدأت تُجاهِر برَفضِ التّطبيع.
السّابع: اتّخاذ الرئيس بايدن قرارًا بعودة جميع القوّات الأمريكيّة من أفغانستان، وسحب ثماني منظومات لصواريخ الباتريوت، ومنظومة ثاد من أربع دول عربيّة هي السعوديّة والأردن والكويت والعِراق، ونقل القوّات البريّة الأمريكيّة ومَعدّاتها الثّقيلة من قاعدة السيلية في قطر إلى الأردن، في إطار خطّته للتّركيز على مِنطقة شرق آسيا ومُواجهة القوّة الصينيّة المُتصاعدة عسكريًّا واقتصاديًّا.
باختصارٍ شديد اتّفاقات “سلام أبراهام” كانت “ثمَرةً مُرّةً” لما كان يُسمّى بـ”صفقة القرن” المَسمومة، ومن المُؤسِف أنّ بعض الحُكومات العربيّة وقعت في مِصيَدة أكاذيب ترامب وبنيامين نِتنياهو وهي مفتوحة الأعيُن.
الانتصار الكبير الذي حقّقته فصائل المُقاومة الفِلسطينيّة أثناء حرب غزّة الأخيرة، ونجاح صواريخها (4 آلاف صاروخ) في حِماية الأقصى وتدمير سُمعة القُبب الحديديّة من خِلال فضح فشلها عمليًّا، هذا الانتِصار لَعِبَ دورًا في إسقاط “سلام أبراهام” واتّفاقاته، وكُل ما يُمكِن أن يتَرتّب عليه من مشارع.
“رأي اليوم”