kayhan.ir

رمز الخبر: 132646
تأريخ النشر : 2021June13 - 20:24

"مسيرة الأعلام" المثيرة للجدل؛ قد تفجر الأوضاع مجدداً

الوقت- رخص كيان العدو "مسيرة الأعلام" المثيرة للجدل لليمين المتطرف على أن تقام الثلاثاء المقبل في القدس، وفق ما أعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو. وتأتي هذه الخطوة، وسط تحذيرات فلسطينية من قبل فصائل المقاومة، وكذلك من جانب حركة فتح التي أعلنت النفير العام بين منتسبيها لمواجهة المستوطنين، الأمر الذي ينذر بمواجهات جديدة.

من جهتها دعت واشنطن كلا من الإسرائيليين والفلسطينيين إلى تجنب "الاستفزازات" على خلفية التوتر المتصاعد في مدينة القدس المحتلة بشأن تنظيم ما يعرف بمسيرة الأعلام للمتطرفين الصهاينة التي تأتي للاحتفال بإعلان إسرائيل القدس عاصمة موحدة لها إثر احتلالها وضمها سنة 1967.

قرار الترخيص الجديد جاء بعد قرار الإلغاء الأخير الذي اتُّخذ الإثنين 7 يونيو/حزيران 2021، بعد تهديدات قوية أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، حذَّرت فيها "الاحتلال، والوسطاء، وكل العالم" من اقتراب مسيرة الأعلام من المسجد الأقصى، حيث كان من المفترض أن تتم يوم الخميس القادم.

وكانت شرطة الاحتلال الإسرائيلي قد ألغت مسيرة الأعلام لأول مرة في القدس المحتلة يوم 10 مايو/أيار 2021، بعد إطلاق المقاومة الفلسطينية صواريخ باتجاه القدس المحتلة أثناء تنفيذ المسيرة، تنفيذاً لتوعدها في حال لم يتراجع الاحتلال عن قراره، وهو ما أدى إلى هروب المستوطنين المشاركين فيها بعد إطلاق صفارات الإنذار عقب استهداف صواريخ حماس للقدس.

وطلبت القائمة العربية المشتركة ومنظمة "تاغ مئير" (شارة مضيئة) من وزير الأمن الداخلي والمفتش العام للشرطة منع المسيرة.

وكان معارضو رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد رأوا أن الموافقة على تنظيم هذه المسيرة تهدف إلى إثارة موجة جديدة من العنف مع استعداد الحكومة الجديدة المناهضة له أداء اليمين الدستورية أمام الكنيست، وهي حكومة تضم حزباً عربياً لأول مرة، هو الحركة الإسلامية الجنوبية التي تقود القائمة العربية الموحدة في الكنيست.

فإذا أشعل نتنياهو القدس من جديد فلن تكون هناك ذرّة من الشك، فيما يخص الدافع والهدف، وهاجم رئيس حركة "ميرتس" اليسارية، نيتسان هوروفيتس، نتنياهو قائلاً: "لن نسمح لهما بإحراق البلد في طريق الخروج من بلفور".

فمن الواضح أن هدف المسيرة هو تفجير الأوضاع سواء بين إسرائيل وحماس أو داخل الحكومة الجديدة التي تستعد لحلف اليمين وتضم حزباً عربياً ذا جذور إسلامية.

كيف نشأت مسيرة الأعلام؟

مسيرة الأعلام أو "يوم القدس" هي احتفالات جديدة وليست قديمة، إذ يحتفل اليهود سنوياً بيوم القدس، بحسب التقويم العبرى، الموافق يوم 5 يونيو/حزيران والذي يشير إلى التاريخ الذي احتلت فيه القوات الإسرائيلية مدينة القدس بالكامل خلال حرب يونيو/حزيران عام 1967.

وفي كل عام يحيي المستوطنون هذا اليوم بعدد من الأحداث والمناسبات، إذ ينظمون مسيرة احتفالية قبل يومين من الذكرى ويشارك فيها الآلاف، معظمهم من نشطاء الاستيطان ومن يعيشون في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة.

وفى ليلة الذكرى يقيم الحاخامات جلسات في المعابد اليهودية والأماكن الدينية بمشاركة بعض السياسيين وأعضاء الكنيست، حسبما ورد في تقرير لموقع بوابة الأهرام المصرية.

أما الحدث المركزي في هذا اليوم فهو "رقصة الأعلام" أو مسيرة الأعلام التي تقام في ساعات الظهيرة ويشارك فيها عشرات الآلاف من المستوطنين، معظمهم من صغار السن الذين ينتقلون بالأتوبيسات للقدس المحتلة من أجل المشاركة في هذا الحدث وينفذون الرقصات الاستفزازية.

وقد بدأت هذه الاحتفالات في عام 1974، عندما ابتدع مستوطن يدعى يهودا حيزني، الأغاني والرقصات في المسيرة وكانت تقام بالمساء، وفيما بعد تقررت إقامتها فى ساعات النهار، وباتت تنظم تحت رعاية حاخام المستوطنين حاييم دروكمان.

وبعد تنفيذ الرقصة الاستفزازية في باب العامود، يتفرق المستوطنون ليقتحموا البلدة القديمة عند باب العامود تحت حماية الشرطة وحرس الحدود، وصولاً إلى حائط البراق، حيث يقيمون الرقصة الأخيرة والطقوس الاحتفالية.

فقط في الفترة ما بين عامي 2010-2016، منعت الشرطة الإسرائيلية المستوطنين من اقتحام البلدة القديمة من باب الأسباط، بعد مواجهات مع الفلسطينيين ولأسباب أمنية، بينما كل عام تحدث مواجهات بين المستوطنين والفلسطينيين بالقدس في مختلف المناطق، ما يجبر الشرطة على تحويل المسار وفقاً لمقتضيات الظروف.

الخوف من تساقط صواريخ المقاومة على رؤوس المشاركين مجدداً

"في المرة الماضية التي كان يُفترض أن تجري فيها مسيرة رقصة الأعلام، بدأت تطير الصواريخ نحو القدس، وهذه هي بالضبط الخشية في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية"، حسبما نقل موقع الميادين عن تقرير لـ"القناة 13″ الإسرائيلية.

ففي 10 مايو/أيار، قررت الشرطة الإسرائيلية وقف مسيرة الأعلام الإسرائيلية بمدينة القدس، بعد قصف المقاومة الفلسطينية القدس وتل أبيب ومستوطنات غلاف غزة برشقات صاروخية. وجاء قصف المقاومة بعد المهلة التى وضعتها حماس لإسرائيل بإخلاء المسجد الأقصى والشيخ جراح من جيش الاحتلال حتى الساعة السادسة مساء الإثنين 10 مايو/أيار 2021 (بداية حرب غزة 2021).

ومع سماع دوي صفارات الإنذار بالقدس هرب المشاركون في المسيرة الاستفزازية وحاولوا إيجاد أماكن للاحتماء بها من الصواريخ، وطالبتهم الشرطة بتفريق المسيرة ومغادرة المنطقة.

هذه الأحداث وصفها يوسي ميلمان، المحلل السياسى بصحيفة هآرتس، بـ"مسيرة الحماقة" التي دفعت إسرائيل إلى جولة أخرى من المواجهة مع الفلسطينيين، حسبما ورد في بوابة الأهرام.

ويضيف ميلمان قائلاً: "في كتابها عن الحماقة تقول المؤرخة بربارة توخمان، إن الحماقة عمل أو تمسُّك بسياسة تناقض المصلحة الذاتية. هذا ما يحدث في الأسابيع الأخيرة بأعقاب سلسلة قرارات لرئيس الحكومة الانتقالية بنيامين نتنياهو والجهات التنفيذية الأخرى، خاصةً شرطة إسرائيل".

يضاف إلى كل ذلك، التحيز اليميني والعنف الذي يميز شرطة إسرائيل، التي تسيء التصرف تقريباً في كل حدث. هكذا كان الأمر في أعقاب ضغوط سياسية لنتنياهو ووزير الأمن الداخلي ووزراء الأحزاب الدينية والأصولية، فإن الشرطة الإسرائيلية رغم التحذيرات من كارثة، لم تمنع أو تقلص احتفالات المستوطنين.

الهدف فرض صلاة جماعية في الأقصى

ومع أن مسيرة الأعلام تعود لسنوات، لكن من الواضح هذا العام أن أهداف المستوطنين من تحركاتهم ضد الأقصى والقدس عامة، تبدو أكثر خطورة وجدية، هذا العام.

ففي مطلع شهر رمضان، أعلنت جماعات استيطانية عن تنفيذ "اقتحام كبير" للأقصى يوم 28 رمضان (10 مايو/أيار) الذي احتلت فيه إسرائيل القدس الشرقية عام 1967.

وزعم المستوطنون أن ثلاثين ألفاً منهم سيقتحمون الحرم القدسي الشريف؛ للاحتفال بما يسمونه تاريخ توحيد القدس.

وبدأت المواجهات في شهر رمضان بالمسجد الأقصى مع قيام شرطة "إسرائيل" بقطع أسلاك مُكبرات الصوّت بالمسجد في أول أيام رمضان؛ بحجة تخوّفها من قيام المُصلين بالإزعاج خلال طقوس الاحتفال بـ"يوم ضحايا الإرهاب"، ما أثار موجة غضبٍ عارمة لدى الشباب المقدسي، تلا هذا اقتحامات مُستفزة لمستوطنين مُتدينين للحرم القُدسي، ردّ عليها الشباب المقدسيّ، ما أدى لمواجهات قامت على أثرها شرطة الاحتلال بتفريق صلاة التراويح واعتقال بعض الشباب المقدسيين.

 

والهدف من كل ذلك فرض "صلاة علنية جماعية" لليهود في المسجد الأقصى، حسبما حذّر حنا ناصر، رئيس الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات.

 

ولولا هبّة المقدسيين وعرب 48 والقصف الصاروخي الذي نفذته حركات المقاومة الفلسطينية من غزة، لكانوا قد اقتربوا من تحقيق هذا الهدف.

 

يأتي كل ذلك في وقت يريد فيه نتنياهو البقاء بالحكم بأي ثمن وإفساد تحالف القائمة العربية الموحدة مع معارضيه، خاصةً أنه يواجه تهماً بالفساد، قد تُدخله إلى السجن، في حال لم يبقَ بمنصبه، وهو ما جعله يصعّد الأحداث في القدس، الأمر الذي دفع حماس للرد بقصف المدينة خلال مسيرة المستوطنين، وانتهت الحرب بنتيجة مخيبة للآمال.

 

وها هو نتنياهو في أيامه الأخيرة يعاود مجدداً عبر السماح للمستوطنين بتنفيذ مسيرة الأعلام، ولكن إسرائيل اضطرت إلى إلغائها بعد تهديدات حماس وتحذيرات الجانب الأمريكي وشعور كثير من السياسيين الإسرائيليين بأن نتنياهو قد تمادى في تفجير الأوضاع لمصلحته الشخصية