kayhan.ir

رمز الخبر: 132238
تأريخ النشر : 2021June06 - 19:41

قراءه على نار هادئه لمتلازمة الانتخابات العراقية ومعضلة عمليتها السياسية

 

د. احمد الاسدي

منذ احتلال العـراق عام 2003 واسقاط نظامه الشرعي الوطني تحت حجج وادعاءات واهيه لسنا بصدد اعاد ذكرها  , لأن كذبها وتلفيق ملفاتها ماعاد خافيا على احد , لم يشهد العراق واقعا متدهورا واوضاع بائسه على جميع الأصعد ( السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعيه )مثلما هو علية اليوم  ,حيث وصلت حالة الضياع والتدهور والانحلال والفساد الى درجات متدنية لا ينافس الفرد العراقي عليها حتى المواطن في افقر دول العالم واكثرها فسادا وتخلفا في افريقيا واسيا ومنظومة دول العالم الثالث , ولايختلف معنا أي ذو قراءة منصفه وحيادية , بأن المسبب  لهذا كله ويتحمل مسؤوليته الشرعيه والاخلاقية هـو الاحتلال الأمريكي اولا , والقوى السياسية التي جاءت مع المحتل أو تلك التي وجدت ضالتها فيه وجعلت من نفسها وجمهورها في الشارع منفذ مطيع لسياسته واجندته .

العملية السياسية التي اسست لها الديمقراطية الامريكية على انقاض ما أسموها ( دكتاتورية صدام والبعث ) , اثبتت الوقائع وكل المعطيات التي لامسها المواطن العراقي يوميا طوال السنوات التي اعقبت 2003 وحتى اللحظة , إنها فاسده وغير نزيه ومطعون بشرعيتها , ناهيك عن طائفيتها ومحاصصتها المغلفة بغطاء التوافق السياسي والمجتمعي التي اصبحت اشبه بالفتوى الشرعية التي يحلل من خلال بوابتها كل شيء  , وإن الذين وصلوا الى سدة الحكم بكل مسمياتهم وانتماءاتهم لايمثلون سوى احزابهم التي اوصلتهم بدعم خارجي من هذا المحور وذاك , لكن الحقيقة التي يجب أن نعترف بها بالرغم من مرارتها وصعوبة تقبلها, وعلينا احتواءها بعقلية متجرده من التبعية السياسية والحزبية والفئوية والفكرية , إن هذة العملية السياسية بكل ما فيها من توصيف سابق , ورغم كل المحاولات التي جرت لاسقاطها او تغييرها او حتى تصحيح مساراتها  طوال سنيين عمرها  , بقيت وتبقى  واقعـا قائما  بالفرض على الشارع او بالاقتناع به  ,وعليه يجب التعامل معها على هذا الأساس والكف عن هلوسات الشعاراتيات والثوريات والتنقيب في قبور الماضي , التي كان لها هي الاخرى واقعها وسياقاتها التاريخية التي رسمت صيرورتها  التي آلت اليها .

خمسه نقاط يجب التوقف عندها ومناقشتها بتجرد مطلق عند مقاربة الانتخابات العراقية القادمه عند الرد على بعض الاصوات التي يزدحم بها الفضاء الاعلامي ,والتي تحاول دائما ان تركب أي موجه تطفو على سطح الشارع وتجعل منها حصان طرواده تُسذج بانتصاراته الموهومه عامة الناس ,او تلك التي تراهن على تظاهرات وانتفاضات وثورات لاوجود لها الا في مخيلتهم وعلى شاشات وصفحات قنوات فضائية بعينها ومواقع تدفع لهم اثمان صراخهم بعد أن تخلوا عن ماركسيتهم ويسارهم ليجعلوا من اصواتهم  غربان ناعقة في فضاء قنوات الاعلام الرجعي المتخلف والراديكالي الديني حسب توصيفاتهم حتى الأمس القريب  .

النقطه الاولى : الذين يصرون على مقاطعـة الانتخابات تحت عباءة انها غير شرعية  , ولايمكن لأي انتخابات نزيهه ان تحدث مع وجود احتلالين ( امريكي _ ايراني ) انما يناقضون انفسهم  بعد ان دعموا تظاهرات طالبت باسقاط حكومة عادل عبد المهدي الأخيره  وبأقرار قانون انتخابي جديد واجراء انتخابات برلمانية مبكره , ولم يطالبوا لا من بعيد ولا من قريب  تحريمها وتأجيلها بسب ( احتلال  امريكي  او ايراني )  , بل الذي حصل هو العكس تماما حيث ان الموجهين لهذه التظاهرات من وراء الستار تحركوا وفق ما رسمته لهم السفارات الامريكية والبريطانية والسعودية والاماراتية المتعاونه معها  ,والبعض الاخر من المعادلة تحرك بتوجيهات السفارة الايرانية .

النقطه الثانية : تعويل البعض على التغيير من الخارج مره اخرى , سواء بالتدخل المباشر على غرار ماحدث 2003 او بالمساعده الغير مباشره , إنما هو تعويل فاقد للأخلاقية الوطنية اولا  وثانيا  انما هو رهان على اوهام زائفه, حيث سياقات عراق اليوم ليست سياقات عراق ما قبل 2003  ,وإن امريكا ماعدت امريكا الأمس, والعوامل والظروف الدولية والاقليمية قد تغيرت وبرزت خلال سنوات ما بعد 2003 قوى ردع  وتحالفات لا تسمح بأي تغيير من هذا النوع.

النقطة الثالثة: عدم المشاركة في الانتخابات يعني عدم التواجد في الساحه السياسية,  والذي لايتواجد  لا يمكن ان يغيير, ولا مكان له في مقصورة القياده, وبالتالي فإن هناك من يشغل مكانه, وهذا كله يصب في مصلحة الذين يسمونهم الناقمين على العملية السياسية والخائفين من خوض انتخاباتها  بالسراق والفاسدين والعملاء والذيول وما اليه من النعوت والتوصيفات.

النقطه الرابعه: لسنا ممن يتبنى شعارات الرفض الجمعي للشارع العراقي للعملية السياسة وللانتخابات البرلمانية , فالذي يتبنى مثل هكذا شعارات إنما هو شخص اما منعزل بالمطلق عن الواقع أو انه صاحب عداء مسبق وغاية , ولكن نجزم بأن هناك طيف لايمكن الاستهانه به رافضا لها , وله مبرراته لهذا الرفض مثلما له رؤيته للواقع العراقي الذي خلقته مرحلة الاحتلال وكل ما نتج عنها , ولكـن أن يدعي هؤلاء انهم يمثلون الشارع بالمطلق او إنهم حتى يعبرون عن رأي السواد الأعظم فيه فهذة مغالطه وادعاء لايمت الحقيقة بشيء , والذي يقول عكس ذلك فعليه بدلا من التشبث بعقلية المعارضه المطلقه لكل شيء والمتاجره بالكلام الفارغ على شاشات الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي اثبات ادعاءه هذا  ,من خلال المشاركة بالانتخابات والاحتكام الى ما تفرزه صناديق الاقتراع , والكف عن التحجج بتزوير الانتخابات والتلاعب بأصوات الناخبين من قبل الاحزاب الحاكمة وسطوتها , فهذا الادعاء يدل على انهزامية وخوف من فضح نتائج هذة الانتخابات لحقيقة ثقل هؤلاء المشكيكين وحجمهم الطبيعي بالشارع ليس إلا .

النقطه الخامسة: العراق ليس بحاجة الى عقد سياسي واجتماعي جديد وما اليه من التنظيرات التي اخذنا نسمعها اخيرا من قبل نفس الجهات السياسية الفاشله التي تربعت على عرش السلطه منذ 2003  ,بقدر ما إن العراق بحاجة الى تغيير ثوري حقيقي تقوده صناديق اقتراع يحسم امرها المواطن العراقي  بعد ان يتخلى عن عقلية التابع والمتبوع ويمتلك قراره بيده وفق ما تفرضه عليه

وحتى تكتمل الصوره بكل ابعادها نقولها بصراحة ومن دون أي مؤاربه حتى لو كنا رافضين للعملية السياسية منذ 2003 حتى اللحظة ومعارضين للاحتلال الامريكي وكل ما ولد من رحمه العفن , إن المواطن العراقي في الداخل هو المعني تحديدا ولا سواه في اتخاذ قرار المشاركة في الانتخابات من عدمه , وعلى اصحاب الاصوات المبحوحه بنفاقها القابعين في الخارج بكل مسمياتهم وانتماءاتهم أن يقرروا واحد من إثنيين هما , أما العوده للعراق والعمل من الداخل على التغيير الذي يحلمون ويوافق مقاساتهم وتحمل تبعاته أو السكوت والكف عن تمثيل دور الوطنيه والتبجح بشعاراتها والتنفع من وراء اجترار اسطوانات فارغه صدئه ما عاد لها من يسمعها في الداخل او حتى يسئل عن اصحابها وتاريخهم ومن أي نبع ماء يشربون.