kayhan.ir

رمز الخبر: 131750
تأريخ النشر : 2021May26 - 19:51

القدس تعني حرباً إقليمية.. أبرز ما جاء في خطاب نصر الله.. وشهر أيار المليء بالانتصارات لمحور المقاومة

 

 

فاطمة عواد الجبوري

لم تمرّ إلا أيام معدودة على بدء سريان وقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي، إلا وظهر السيد حسن نصر ليضع النقاط على الحروف مرة أخرى. وكعادته في جميع خطاباته السابقة، لا شعارات رنانة ولا تكرار في الخطاب إنما تجديد للعهد الذي سارت عليه فصائل المقاومة في كل من فلسطين ولبنان والعراق وسوريا وإيران واليمن، رسم أمين عام حزب الله خطوطاً حمراء للعدو توضح له إمكانية التدخل في حرب إقليمية قد تكون الأخيرة لإسرائيل في المنطقة.

جاء خطاب نصر الله في ذكرى انتصار المقاومة في عام 2000، ليحمل في طياته بشارات أيار وما يحمله هذا الشهر من ذل ومهانة للعدو الصهيوني. إذ اعتبر نصر الله أن المقاومة باتت الأن تحتفل في هذا الشهر بإنتصارين مهمين للغاية، الأول في 25 أيار 2000 وذلك بإخراج قوات الاحتلال من لبنان، والثاني في 21 أيار 2021 وذلك بردع العدو وهزيمته في غزة وباقي المناطق الفلسطينية.

وأما عن نقاط الخطاب المهمة فهي تتلخص في النقاط الخمس التالية:

أولاً القدس تعني حرب إقليمية: لعل أبرز الخطوط العريضة لخطاب نصر الله البارحة تمثل بأن القدس كانت ولا زالت وستبقى بوصلة محور المقاومة. وهي الهدف الأول والأخير. كما أن أي تعدي على المسجد الأقصى أو الشعب الفلسطيني في القدس أو محاولة تهويد أحيائها سيقابل بتحرك كامل لمحور المقاومة على كافة الصعد. وأن أي تحرك من هذا القبيل ستكون عواقبه وخيمة للعدو إذ أن الحرب القادمة ستكون حرباً إقليمية ستتدخل فيها جميع دول محور المقاومة (لبنان وسورية والعراق وإيران واليمن وفلسطين). هذه الحرب الإقليمية لن تقتصر على أيام معدودة ولن تقتصر على رشقات صاروخية تشل الحركة والاقتصاد في إسرائيل، بل هي حرب لن تبقي ولن تذر ستتدخل فيها كافة القوى وسيتم استخدام كافة القدرات الصاروخية والقوى البرية للمقاومة؛

ثانياً عملية سيف القدس أعادت الزخم للقضية الفلسطينية: يأتي هذا الزخم سواء على المستوى الإعلامي أو مستوى وعي الشعوب وتضامنها مع الشعب الفلسطيني. إذ أن الشعب المقاوم في فلسطين استطاع وكعادته أن يجمع حوله الرأي العام العربي والعالمي، فانطلقت المسيرات المؤيدة للشعب المقاوم في كل بقاع الأرض. كما استطاعت المقاومة من خلال تصديها للعدو استطاعت تعرية الحكومات المطبعة ورؤوسائها. فاللعنات انهالات عليهم من كل حدب وصوب، وعرف الجميع بأنّ التطبيع لم يجلب لهؤلاء سوى العار والمذلة. كما رسمت حرب غزة حدوداً واضحة للسعودية، إذ أن حرب غزة كانت رسالة واضحة للسعودية بأن الشعوب العربية والإسلامية لن تسكت عن أي تطبيع علني أو سري مع إسرائيل. وأن من أراد أن يطبع مع الكيان عليه أن يواجه الأمة الإسلامية ككل، كما أظهرت صدق تصريحات ومواقف الحكومة الباكستانية سواء بالنسبة للقضية الفلسطينية أو بالنسبة لقضية كشمير، إذ أن عدم نصرة المسلمين لأخوانهم في فلسطين وكشمير يعني الخروج من عباءة العروبة والإسلام إلى عباءة الذل والصهيونية، وكل من يشارك بهذه العملية فهو شريك بالجريمة.

ثالثاً عدم خوض حرب برية من قبل إسرائيل: يرى السيد حسن نصر الله بأن عدم خوض إسرائيل لحرب برية في غزة إنما نابع من درك عميق للعدو بأن الخسائر ستكون فادحة في حال قرر التدخل برياً. فحتى اقتصاره على ضربات صاروخية استهدفت المدنيين والبنى التحتية في غزة، قوبل بوابل من الصواريخ التي شلت الحركة في مدن الكيان الإسرائيلي، مما دفع المستوطنيين وغيرهم بالضغط على حكومتهم لوقف الحرب، إذ خلال العملية التي استمرت 11 يوم لم يغادر الإسرائيليون جحورهم في الملاجئ أبداً.

رابعاً نصبر على دم الشهيد محمد طحان ولا ننساه: من تطاول على دم الشهداء هنا وهناك وقال بأن حزب الله لا يأخذ بثأره من العدو هو مخطئ وهو يبتغي الاصطياد في الماء العكر. إذ أننا لم نعتد على حزب الله أن يتغاضى عن دم الشهداء ليس شهدائه فحسب بل شهداء محور المقاومة ككل.

خامساً لم يمر يوما على المقاومة أكثر استعداداً مما هي عليه الأن: بالفعل من يراقب صواريخ المقاومة في غزة، مدى تطورها ومدى قدرتها على تخطي القبة الحديدة (القبة البلاستيكية) يعرف تماماً مدى القدرات التي توصل إليها المحور بفضل التعاون وبفضل العقول الشابة والتي تم توظيفها في خدمة القضية الفلسطينية. تمتلك المقاومة اليوم أنظمة دفاع جوي قوية كما تمتلك أنظمة لضرب المسيرات وفي المراحل المقبلة يتوقع لها أن تقوم بتوظيف المسيرات وتكنولوجيتها المستوردة من إيران في الحرب المقبلة، وهذا بالطبع سيغير المعادلة بالكامل.

كما تطرق السيد نصر الله بشكل مقتضب إلى الأوضاع الداخلية في لبنان، حيث دعا إلى تسريع عملية التأليف الحكومي لإدراكه بأن هذا التأليف مهم للغاية بالنسبة للبنان وموقعه في الساحة الإقليمية.

الرئيس سعد الحريري اليوم يواجه تحديات عميقة جداً، فهو يواجه عدم الرضا السعودي بل ومحاولات العرقلة من قبل الحليف السابق. إذ أن السعودية غير راضية عن تأليف الحريري للحكومة. كما يواجه الحريري تحركات داخلية خطيرة أبرزها محاولات المشنوق الذي كان له دور كبير في عملية تهريب “الكيبتاغون” إلى السعودية عبر حسن دقو. كما يحاول الأول استثمار هذه الأموال في تحريض الشارع على التحرك والفوضى لدفع الرئيس سعد الحريري للإستقالة.

كما يواجه أيضا تحركات الحليف السابق والعدو الحالي حزب القوات اللبنانية وحشدها للسلاح والرجال تمهيداً لجرّ لبنان إلى حرب أهلية طويلة المدى، تتحق فيها مصالح كل من الولايات المتحدة وبعض الدول العربية وإسرائيل. تمارس القوات اللبنانية دوراً تخريبياً مرتبطاً بالسفارة الأمريكية في لبنان.

يجب أن نختم بهذه الجملة وهي بأن خطاب نصر الله على صعيد محور المقاومة هو خطاب مهم للغاية، إذ وضح فيه بأنّ الاعتداء على أي عنصر في محور المقاومة هو اعتداء على المحور ككل وأن أي اعتداء على القدس سيجر إسرائيل إلى حرب إقليمية قد تكون الأخيرة لها. ولقد فهم الإعلام الإسرائيلي رسائل نصر الله بشكل واضح إذ اعتبرت قناة “كان” الإسرائيلية أن خطاب نصر الله وتهديداته يجب اعتبارها تهديدات وجودية لإسرائيل.

كما حض نصر الله، الأطراف الداخلية في لبنان على الحوار للخروج من نفق الأزمة الحالي ورسم معادلة مهمة في الشأن الداخلي تتمثل بحوار عون-الحريري أو بتحرك بريّ بدعم من حزب الله في وساطة بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري.