"مثقفونا" وحرية التعبير ووكالة أسوشيتد برس الأمريكية!
"أوقفت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، الصحفية إميلي ويلدر عن العمل، بسبب انتقادها طريقة تعاطي وسائل الإعلام مع الممارسات "الإسرائيلية" بحق الفلسطينيين في حي الشيح جراح بمدينة القدس. وأرسلت إدارة وكالة الأنباء، لموظفيها بريدا إلكترونيا، بقطع علاقتها مع الصحفية ويلدر، حيث انتشرت فحوى الرسالة لاحقا في وسائل التواصل الاجتماعي".
هذا الخبر، رغم اهميته، الا ان الكثيرون مروا من امامه مرور الكرام، البعض بسبب انشغاله بالعدوان الاسرائيلي ضد غزة، والغالبية كان تجاهلها مقصودا من اجل التغطية على هذه الفضيحة التي كشفت حقيقة "حرية التعبير" المزيفة في الغرب وخاصة في امريكا، عندما يتعلق االامر بالقضية الفلسطينية وقضيا العالمين العربي والاسلامي.
اللافت، وفي حديثها لاحقا لصحيفة واشنطن بوست، أعربت الصحفية الأمريكية اليهودية، ويلدر عن استغرابها عن عدم معرفة "المبادئ الإعلامية" التي اخترقتها، وهي لا تعلم ما هي "المبادئ"، التي تذرعت بها وكالة الأنباء في قرار الفصل.
من المؤكد ان "المبادىء" التي اخترقتها ويلدر، هي "مبادىء" مقدسة في الاعلام الغربي، والذي يعتبر تجاوزه، جريمة لا يمكن الصفح عنها، وفي مقدمة هذه "المبادىء"، تحريف وتزييف كل الحقائق المتعقلة بالقضية الفلسطينية، واظهار الشعب الفلسطيني على انه مجموعة من الارهابيين، لا ارض لهم، ولا هدف لهم سوى إيذاء "اليهود" المسالمين، الذين يريدون "العيش في سلام ووئام في ارض آبائهم واجدادهم!!".
كان بمقدور ويلدر ان تشتم الرئيس الامريكي نفسه، وان تجاهر في عدائها حتى للاتحاد الفدرالي الذي يجمع الولايات الامريكية وتدعو لانفصال ولايتها عن هذه الولايات، وان تسب الانبياء والرسل، وان تدعو جهارا نهارا الى زنا المحارم، وتطالب بهدم الاسرة والدعوة الى الفجور والخلاعة والخيانة الزوجية، وان تحرق الانجيل وجميع الكتب السماوية، وان تفعل ما هو ابشع من كل ذلك، لان هذه القضايا ليست من "مبادىء" الصحافة والاعلام في الغرب، وليس كذلك مقدسة و خطوط حمراء، في الغرب وامريكا، فالمقدس الوحيد والخطر الاحمر الوحيد والمبدأ الوحيد، هناك، هو "إسرائيل" و "المحرقة" و"حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها"، فعند هذا الخط تتكسر الاقلام وتكمم الافواه وتغلق العقول وتعتقل الافكار ويُفصل المنتهك من عمله ويُقطع رزقه ويُطارد بل ويُحاكم ويُعتقل ويُهان ويُسب ليل نهار، ولا عصمة له من كل هذه المظالم، لا مكانته العلمية ولا كرامته الانسانية، وما مصير الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي علينا ببعيد.
اخيرا، نرجوا ان يتوقف المفتونون من بني قومنا، بالصحافة والاعلام "الحر" في امريكا والغرب، وكذلك المتيمون منهم بالثقافة الغربية، قليلا امام حكاية الصحفية ويلدر، وهم يسخرون ليل نهار، بمقدساتنا، بدءا من الدين الاسلامي العظيم والقران الكريم والنبي الاكرم، ومرورا بالتاريخ والحضارة والثقافة الاسلامية، وانتهاء بالاخلاق والقيم والمبادىء الاسلامية وقضايا الامة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، يعتبرون سخريتهم تلك جزءا من الثقافة وحرية التعبير، وهي ثقافة وحرية لا خطوط حمراء فيها بشكل مطلق، متناسين وهم في غمرة إستلابهم الفكري، ان "اساتذتهم" في الغرب لديهم خطوط حمراء اكثر من مقدسة، يُعاقب منتهكوها، في محاكم اشبه ما تكون بمحاكم التفتيش في القرون الوسطى.
العالم