حراك لمصلحة المنطقة أم بايعاز اميركي
يبدو ان عشرية النار التي تشهدها المنطقة باتت تشارف نهايتها بإستثناء الازمة اليمنية التي مازالت مفتوحة لان التحالف الاميركي ـ السعودي لا زال يراهن على حسابات خاطئة للوي ذراع اليمن وكأن تجربة اكثر من ست سنوات من التقهقر المستمر لا تكفيه في وقت بات الشعب اليمني اكثر قوة وتماسكا واقتدارا لادارة صراع الميدان وبات انصار الله هو الاخر الطرف الاقوى على مائدة المفاوضات لكثرة الاوراق التي يمتلكها لكن خصمه في التحالف الذي لا يمتلك سوى الغباء يتصور واهما بأن ما عجز عن تحقيقه في الميدان سيحققه بالسياسة ومباحثات مسقط الاخيرة اكدت فشل رهاناته.
وما شهدته المنطقة من حراك وتوجهات في الأونة الاخيرة من الاضطاد تنبئ عن تغيرات تمهد لتسويات للكثير من المشاكل التي تشهدها دول المنطقة خاصة أهم ثلاث دول حليفة لاميركا وهي تركية ـ مصر والسعودية وقد يستغرب المرء مالذي حدث ويحدث حتى تتحرك هذه الدول فجأة بعد مرور عشرية النار التي تخللتها صراعات وتوترات وحروب بالنيابة كلفت دول وشعوب المنطقة خسائر كبيرة وباهضة.
لا شك ان العامل الاول هو وصول ادارة جديدة للبيت الابيض في اميركا برئاسة بايدن المتمم لدورة الرئيس اوباما وسقوط الرئيس ترامب الذي جند هؤلاء بشكل أو آخر للعبث بمقدرات المنطقة وتوجيه كل الاعداء الى ايران عسى أن يحصل على بعض المكاسب من ايران تصب لصالح بلده.
لكن ووفق حسابات بسيطة صحت الادارة الجديدة على نفسها وتأكدت بان اميركا ترامب خسرت جميع أوراقها في المنطقة وهكذا هُزمت جميع مشاريعها سواء في العراق أو سوريا أو لبنان أو فلسطين المحتلة وهكذا ما نشهده اليوم في اليمن فلذلك كان على الادارة الجديدة أن تراجع حساباتها وترسل برسائل الى دول المنطقة كما فعل أوباما مفادها بان اميركا ليست متفرغة لكم وعليكم حل مشاكلكم بأيديكم.
والمعضلة الاساسية التي تواجه اليوم اميركا هي التعامل مع الصين وروسيا وليست المنطقة التي اصبحت لها أمراً ثانوياً. فطبيعي ما نشهده اليوم من تحركات بين الخصوم ما كانت لتتم لولا الضغوط والخسائر الهائلة التي تحملوها خلال السنوات الماضية.
فمن كان يصدق ان يمد اردوغان يده الى القاهرة ويبعث بوفد سياسي لاعادة العلاقات معها واسقاط ملفات كثيرة وشائكة كانت عثرة في طريق العلاقات وهكذا الاتصال الهاتفي بين اردوغان والملك السعودي لترتيب العلاقات وتسوية ملف خاشقجي الجنائي وكذلك وصول وفد امني سعودي الى دمشق ومقابلة الرئيس الاسد وسط شائعات بأن العلاقات ستعود بين البلدين بعد العيد الفطر المبارك. ولا ننسى الانفتاح الاماراتي على دمشق وبالطبع هذا ما يزعج انقرة في نفس الوقت.
وما كان لافتا في هذا المجال ايضا انفتاح بن سلمان على ايران وانصار الله بهذا الشكل المفاجئ ليتحدث عن علاقة مميزة !! بعد كل هذا العداء والاجرام بحق البلدين وهذا ما كان ممكنا لولا هزيمة بن سلمان في اليمن وفشل جميع سياساته في المنطقة وها هو اليوم في طريق مسدود يبحث عمن ينتشله من المستنقعات التي غرق فيها.
لكن تبقى العديد من الاسئلة المطروحة والمشروعة عن جدوى هذه التحركات واحتمال نجاح مثل هذه التسويات التي فرضتها ظروف كل دولة لما تعانيها من هزائم وخسائر كبيرة وظروف خاصة بها جراء تدخلاتها السافرة في شؤون الدول الاخرى والذهاب الى أبعد من ذلك وهو احتلال أراضي البلدان الأخرى.
فهل ان مثل هذه التحركات التي ترافقها بعض التراجعات هنا وهناك كافية لاعادة التهدئة الى المنطقة وآوار الحرب لازالت مستعرة في اليمن باصرار اميركي ـ السعودي.
واليوم لا يختلف اثنان في هذه المعمورة ان الذيول في المنطقة لا ارادة لهم بالمطلق وهم يتحركون بالبوصلة الاميركية خاصة فيما يخص عدائهم لايران فاينما تقتضي المصلحة الاميركية أو املاءاتها نجدهم في المقدمة.
ومن حقنا ان نشكك بصدقية أي تحول ايجابي تجاه ايران لأن الكثير ينظر الى هذا التحرك أهو من باب تخطي المرحلة أو المناورة أو الايعاز الاميركي أو بدوافع اخرى.