kayhan.ir

رمز الخبر: 130582
تأريخ النشر : 2021May05 - 19:21

القسم الثالث من مقال الحوثي


ألم يعملوا من خلال الشيوعية على أن يجعلوا البشر كافرين ملحدين بالله سبحانه وتعالى؟ وانتشر هذا الكفر داخل البلاد الإسلامية، فكانت الأحزاب الشيوعية في كل بلد حتى في اليمن كان الجنوب في اليمن يحكمه حزب شيوعي اشتراكي مُلحد ملحد فعلاً، امتداداً للشيوعية في روسيا, ووصلت الشيوعية إلى مناطق وبلدان كثيرة {يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}.

هذا فيما يتعلق بتوجههم نحو الإضلال, نحو الفساد, نحو تلبيس الحق بالباطل كما قال عنهم: {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً}(المائدة: من الآية64) نحو عملهم الجاد على أن يحولوا المسلمين إلى كافرين.. هذا شيء مما حكاه الله سبحانه وتعالى عنهم.

ذكر أيضاً فيما يتعلق بواقعهم هم أن الله قد ضرب عليهم الذلة والمسكنة: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ}(البقرة: من الآية61)، {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ}(آل عمران: من الآية112) وهذا من الأشياء العجيبة أن هذه الطائفة التي قد ضربت عليها الذلة, وضربت عليها المسكنة, وباءت بالغضب من الله أصبحت إلى هذا المستوى الذي هي عليه اليوم, وفي هذا التاريخ الحديث، وعلى مدى قرنين من الزمن على أقل تقدير أصبحت إلى هذا المستوى الذي هي عليه من أن تحكم العالم، تحكم العالم, اليهود هم الذين يحكمون العالم فعلاً.

يقول عنهم سبحانه وتعالى فيما يتعلق بالعداوة التي نفهمها أيضاً من نفس الآيات السابقة بأنهم ما يودون لنا أي خير، بأنهم يودون أن نكون كفاراً، بأنهم يودون أن نكون ضالين. أليس هذا يعني عداء؟ هي نفس الصفة الشيطانية التي حكاها الله عن الشيطان، الشيطان هو معادي، ألم يذكر الله في كتابه الكريم عن الشيطان أنه عدوٌ مبين لبني آدم؟ وفي ماذا تجلت عداوته؟ أليست في الإضلال؟ فهم عندما يتجهون لإضلالنا إنما لأنهم أعداء الِِدَّاء شديدي العداء لنا.

يُصرح أيضاً في آية بهذه العداوة فيقول سبحانه وتعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}(المائدة: من الآية82) وهنا يقول أن اليهود هم أشد الناس عداوةً للمؤمنين، والمؤمنون هنا في هذا التعبير هو بمعناه اللغوي، المؤمنون المنتمون إلى هذا الدين, والمحسوبون لهذا الدين, والذين يدينون بالإسلام, ويقرون بالله وبرسوله وبالقرآن، الإيمان بالمعنى اللغوي وهو كثير ورد استعماله في القرآن الكريم. ناهيك عن عداوتهم الشديدة للمؤمنين الحقيقيين.

ثم يقول سبحانه وتعالى فيما يتعلق بواقعهم في ميدان المواجهة أنهم ضعاف {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} (آل عمران:111) {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (آل عمران: من الآية120). هذا أيضاً مما يثير الاستغراب طائفة ضعيفة في ميدان المواجهة، طائفة ضربت عليها الذلة والمسكنة, وباءت بغضب من الله استطاعت أن تقهر هذه الأمة, أن تقهر العرب أولئك الذين لم يكونوا يسمحون لأنفسهم أن يقهروا أمام بعضهم بعض وهم ما زالوا قبائل أعراباً في نفوسهم الإباء, نفوس كبيرة فيها الإباء, فيها النجدة, فيها الشجاعة, يموت من أجل كلمة واحدة، يُقتل ولا يبالي، أقوياء في ميدان القتال. العرب معروفون بقوتهم في ميدان القتال يبرز فيهم أبطال كثيرون جداً ولكنهم قُهروا أمام من حكى الله عنهم أنهم ضعاف, أنهم لو اتجهوا لقتالنا لما صمدوا لضعفوا, لتفرقوا.

فما هي المشكلة؟ نحن الآن أمام هزيمة، تحدثنا أن العرب والمسلمين أمام هزيمة حقيقية بالنسبة لليهود مَن حكى الله عنهم هذه الأشياء.. فما هي مشكلة العرب والمسلمين؟ مشكلة العرب، مشكلة المسلمين أنهم لم يثقوا بالله، لم يثقوا بالله؛ ولهذا لم يرجعوا إلى كتابه, لم نثق بالله فلم نرجع إلى كتابه, ولم نثق برسوله (صلوات الله وسلامه عليه)، لم يثقوا بالله, ولم يثقوا برسوله, ولم يعرفوا الله المعرفة الكافية, المعرفة المطلوبة, ولم يعرفوا رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) المعرفة الكافية, المعرفة المطلوبة.. فظلوا دائماً يدورون في حلقةٍ مفرغة، وظلوا دائماً يتلقون الضربة تلو الضربة, مستسلمين, مستذلين, مستكينين.

ماذا يعني أنهم لم يثقوا بالله؟ المفسرون السابقون, وقضية إسرائيل, وقضية ما وصلت إليه الأمة ليست نتاج هذا العصر فقط, نتاج زلات وأخطاء قديمة جداً جداً جاءت من بعد الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) بدؤها من يوم السقيفة، بدؤها من يوم السقيفة، لم يثقوا بالله لم يثقوا برسوله, لم يعرفوا كتاب الله المعرفة المطلوبة حتى عندما يأتي القرآن الكريم ليقول: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}(الأنعام: من الآية38) يقول المفسرون: أي من الأشياء التي تناولها؛ لأنهم يستبعدون أن يكون هذا القرآن قد هدى الأمة إلى كل شيء في هذه الحياة، وهداها إلى كيف تكون بمستوى المواجهة لأي خصم من خصومها. جعلوا هذا القرآن عبارة عن كتاب يُتلى ويُردد، يتناول القضايا العبادية الأخلاقية في صورة محدودة، ويحكي قصص الماضين لمجرد العبرة التي يفهمونها بفهمٍ قاصر, أو يُعرضون عنها.

ثم ذكر بعد أنه يجب أن ينقطعوا إلى الله, إلى رسوله, أن يتولوا الله ورسوله ويتولوا الذين آمنوا, ويأتي بالصفة التي تدل على أن المقصود بـ{الَّذِينَ آمَنُوا} هو شخص الإمام علي (عليه السلام) وكما ذكر ذلك المفسرون.فقال سبحانه وتعالى وإن أطلنا في قراءة هذه الآيات. الموضوع – كما قلنا سابقاً – يجب أن يكون حول رؤية صحيحة للحل، الشيء الذي هو مفقود في الساحة الإسلامية, وفي الإعلام العربي. ليس هناك توجيه للحل يجب نحن – وتنفيذاً لمطلب الإمام الخميني (رحمة الله عليه) من إحياء هذا اليوم يوم القدس – أن نتجه إلى التوجيه العملي الصحيح للمخرج لهذه الأمة من هيمنة أمريكا وإسرائيل مهما كان الأمر, مهما كان الأمر.

قال الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} {لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} متى ما توليتم اليهود والنصارى ستصبحون منهم, ومتى ما أصبحتم متولين لهم ومنهم فستفقدون هداية الله, فقد صرتم ظالمين وستفقدون هداية الله {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}(المائدة: من الآية51).

{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} يحبهم ويحبونه {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}(المائدة: من الآية54) كان الإمام علي (صلوات الله عليه) معروف بتواضعه للمؤمنين, معروف بتواضعه، وكان عمر معروف بغلظته، وكانت الدّرة لا تكاد تفارق يده، بغلظته وقسوته والدرة يضرب هذا وهذا، ولكنه كان في ميدان الجهاد إذا ما برز الفرسان قال: [حِيْدِي حياد]. أما علي فكان ذليلاً أمام المؤمنين, رحيماً بالمؤمنين، ومتى ما برز إلى ميدان القتال، متى ما برز يبرز أسداً، يبرز أسداً هصوراً (صلوات الله عليه).

نجد هنا التوافق العجيب بين ما حصل في خيبر – وهي قصة مؤكدة وصحيحة يرويها المحدثون وبهذا اللفظ: ((رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله)) – وهنا لا يمكن أن يُقْهَر اليهود إلا بأناس يحملون هذه الصفة {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}(المائدة: من الآية54).

ثم يقول بعدها: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}(المائدة:55 – 56) لأن الآيات تتحدث عن صراع، تتحدث عن الخلل الكبير وهو تولي اليهود والنصارى، وتتحدث عن من هم مؤهلون لضرب هذه الطائفة، ثم عن قيادة هذه الطائفة التي هي مؤهلة لضرب اليهود وقهرهم أنها تتولى الله ورسوله والذين آمنوا, الإمام علي (عليه السلام) وأهل بيت رسول الله (صلوات الله عليهم)؛ ولأن المقام مقام حديث عن صراع، قال بعدها: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} سيغلبون لا شك.

لم يقل هنا: {فإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} كما قال في [سورة المجادلة]: {أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(المجادلة: من الآية22) لأن المقام مقام صراع.. ليرشد الأمة حتى تكون بمستوى قهر اليهود وتتغلب عليهم يجب أن تتولى الله، وتتولى رسوله. تتولى الله ليس فقط أن تدعوه, أن تعرفه، أن تثق به، يعرفون الله حق معرفته، يثقون به حق الثقة، فإذا عرفوا الله، إذا وثقوا به، إذا عرفوا رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله)، تولوا الله، وتولوا رسوله، وتولوا الإمام عليا، وتولوا عترة رسول الله أهل بيته حينئذٍ سيكونون حزب الله، حينئذٍ سيحبهم الله ورسوله، وسيكونون فعلاً حزب الله، ولا بد أن يغلبوا، أولئك حزب الله {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.

ولأن القضية كما قلنا هي هذه يتحدث من جديد عن اليهود والنصارى فيأتي بالحديث عن فرض ولاية الإمام علي (عليه السلام) داخل الحديث عن اليهود والنصارى، وتحذير الأمة من توليهم، ثم تتجه الآية فيقول من جديد: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}(المائدة:57). ألم يحذّر عن تولي اليهود في بداية الآيات؟ ثم بعد أن تحدث عن الحل والمخرج، ثم من جديد يحذر عن تولي اليهود والنصارى.. وهي المشكلة التي نواجهها الآن تولي زعامات المسلمين لليهود والنصارى. ثم قال بأن هؤلاء الذين تتولونهم هم أناس ليسوا جديرين بتوليكم:{هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ}(آل عمران: من الآية119) هم لا يحبونكم، هم أعداء لكم، هم يسخرون حتى منكم {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً}(المائدة: من الآية58) فلماذا تتولونهم؟!. ألم يقل هنا بعدها: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ}(المائدة:58) فكيف تتولون من هم لا يحبونكم؟ من هم لا يودون لكم أي خير؟ من يودون أن يضلوكم؟ من يودون أن تكونوا كفاراً؟ من يعملون كل جهدهم على إذلالكم من حتى يسخرون منكم؟ ثم أنتم تتولونهم وتحبونهم.

ثم تحدث عن أهل الكتاب: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا}(المائدة: من الآية59) وهكذا تمشي الآيات إلى أن يقول سبحانه وتعالى من جديد ليأمر الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) بإعلان ولاية الإمام علي (عليه السلام)، فتأتي الآيات بعد أن تحدث عن اليهود أنهم {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ}(المائدة:65) ثم قال: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}(المائدة:65- 67). ثم يعود من جديد إلى الحديث عن أهل الكتاب: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} . (المائدة: من الآية68)

وهكذا يمشي في آخر الآيات يتحدث بالحديث عن بني إسرائيل, يأمر رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) بأن يعلن ولاية علي: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}(المائدة: من الآية67) ماذا يعني هذا؟ أليست هذه هداية تهدي الأمة إلى أنهم لا بد أن يعودوا إلى الله؟ لا بد أن يعودوا إلى كتابه ليهتدوا به؟ لا بد أن يعودوا إلى رسوله ليستوحوا من حركة جهاده ودعوته كيف يواجهون أعداءهم التاريخيين, في التاريخ الماضي والحاضر والمستقبل، الذين سيكونون هم أهل الكتاب؟.

ثم يتحدث بأنه يجب أن يتولوا عليا بعد أن أمر رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) أن يعلن على رؤوسهم أنه وليهم وخليفته عليهم من بعده. أليس هذا هو الهدى؟ وهذا هو ما يجب أن نقطع به؛ لأنه لا يجوز – كما قلت سابقاً – أن يتحدث الله عن خطورة اليهود البالغة في كل المجالات، عن عملهم الدؤوب في إضلال الأمة، في تكفير الأمة، في أن لا تحصل الأمة على أي خير، في أن يعملوا كل ما يمكن عمله ضد هذه الأمة، وهو قال عن هذا الكتاب أنه {هُدىً لِلْعَالَمِينَ}(آل عمران: من الآية96)، أنه {يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}(الإسراء: من الآية9)، لا بد أن يهدي وقد هدى فعلاً. لكن في هذه الأيام هل تسمعون من يدعو الأمة إلى أن تعود من جديد إلى القرآن؟.

لتعد إلى القرآن وليس إلى المفسرين، تعود إلى القرآن وليس إلى المفسرين من أهل السنة، لتتعرف على القرآن عن طريق قرناء القرآن، وورثة القرآن، وليس عن طريق [الطبري] و [ابن كثير] وغيرهما من المفسرين الذين يعطون وثائق لليهود بأن الأرض التي كتب الله لكم هي أرض الشام وليس فقط فلسطين، أرض الشام تشمل سوريا ولبنان وفلسطين.

ليعد الناس إلى القرآن الكريم من خلال تدبر آياته، ومن طريق قرناء القرآن الذين أرشد إليهم الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في حديث الثقلين: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي)) وعن طريق القرآن الذي يؤكد في سورة الفاتحة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}(الفاتحة:6-7) ليبحث الناس عن من هم الذين أنعم عليهم بأن جعلهم أعلاماً لدينه، وهداة لعباده, وقادة لخلقه.

يجب أن يبحثوا وهم يقرؤون دائماً: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (الفاتحة:6) لكن لا. أقصى ما يمكن أن يعملوه أن يقنتوا في الصلوات [اللهم أهلك أمريكا، اللهم أهلك إسرائيل] ثم يدعون في القنوت لولي الأمر ولسلاطين المسلمين، يدعون لهم, وهم من يتولون اليهود والنصارى. ليعود الناس إلى القرآن، وليس إلى المفسرين الذين لعبوا بالقرآن, وشوهوا القرآن, وحرفوا القرآن.

الأمريكيون عرفوا كيف يقتلون أحمد شاه مسعود، ويعرفون كيف يقتلون أعداءهم في أي بقعة، على مدى هذه السنوات الطويلة لم يعرفوا كيف يقتلون أسامة!. ماذا أصاب أسامة في هذه الحرب؟. لم يصبه شيء. من يدري ربما أن يكون أسامة في أي بلد من البلدان التي هي صديقة لأمريكا، من يدري قد يكون أسامة في فندق من الفنادق بتمويل أمريكي، من يدري!. أنا لا أستبعد كل هذا.

هذه من الأشياء الخطيرة جداً على المسلمين، أن اتجهوا إلى أن يصنعوا قدوات، قدوات. عندما وجدوا [حسن نصر الله] برز في هذه الفترة الأخيرة، وأصبحت قناة حزب الله تبث إلى بلدان أوروبا، وبرز كقائد قوي، وبرزت إسرائيل عاجزة أمام حزب الله وأمام صيحات حسن نصر الله، وبدأ صيته ينتشر في البلاد العربية بدأ الناس حتى في صنعاء يأخذوا الأقمار التي تستقبل قناة حزب الله الفضائية، وتأثروا بنصر الله. اليهود يعرفون من هم الذين يشكلون خطورة عليهم.

ليس في لحيته، ليس في تركعه، بل في رؤيته بالنهوض بهذه الأمة، كيف يمكن أن تتوقع ممن لا يرى الإسلام إلا دقنة وثوباً قصيراً و مسواكاً أن يجعل الأمة بمستوى المواجهة ضد اليهود وضد الغرب!!.

ممن يرى أن الله قد أنعم علينا أن جعل الغربيين والكفار يصنِّعون لنا ونحن نعبده ونسير في عبادته، وهم يصنعون لنا كل شيء! هل هذا يمكن أن يواجه الغرب؟.

الإمام الخميني عندما نهض برؤية صحيحة، وعرف بأن هذه الأمة أصبحت في صراعها مع اليهود في صراع حضاري، صراع حضارات, لم يعد صراعاً عسكرياً أصبح صراع أمة, صراع حضارة، قال: لا بد لهذه الأمة أن تتجه نحو الاكتفاء الذاتي، لتعتمد على نفسها في مجال غذائها فتهتم بالزراعة تهتم بالتصنيع، في كل المجالات، تهتم بالتصنيع العسكري، تهتم بالتصنيع في مختلف الأشياء التي يحتاجها الناس لتكون بمستوى المواجهة، تهتم أن تنشئ جيلاً يعرف كيف ينظر إلى الغرب، يصيح بالعداء لأمريكا، بالعداء لإسرائيل يهتفون.