سلطة رام الله استسلمت كليا ولم اشعر بالإهانة في حياتي مثلما اشعر اليوم
بسام ابو شريف
– نحن ننتظر موافقة اسرائيل على اجراء الانتخابات في القدس الشرقية .
– وننتظر من الاوروبيين ردا، فقد وعدونا بالتحدث مع اسرائيل حول اعطاء موافقة على اجراء الانتخابات .
– نقول اننا ننتظر، وسنؤجل الانتخابات اذا لم توافق اسرائيل لأننا لن نجري انتخابات بدون القدس .
– وبما أننا لم نستلم رد اسرائيل لأنها أبلغتنا بأنها مشغولة بتشكيل الحكومة ولا تستطيع الرد قبل تشكيل الحكومة، فاننا نؤجل الانتخابات .
لم أشعر خلال حياتي الكفاحية التي امتدت من العام 1964 حتى اليوم باهانة كفلسطيني كما شعرت مع الكلام الذي صدر في البيان رقم واحد، فهذا البيان يعلن استسلام المقاطعة كليا للقرار الذي يتخذه الغاصب والمحتل، ففي الوقت الذي لايجد فيه نتنياهو الوقت للرد يجد الوقت الكافي لاعطاء التعليمات للمستوطنين المسلحين ” جنود "، وقوات الاحتلال بمصادرة مباني العرب في الشيخ جراح، ومصادرة أراضي الأغوار، وتوسيع المستوطنات، ومنع المصلين من الدخول للأقصى، واعتقال أكثر من الف فلسطيني من أعمار مختلفة منذ بداية رمضان .
ليس هذا فحسب، فنتنياهو الذي لاوقت لديه للرد على استرحام المقاطعة حول انتخابات القدس بينما يجد وقتا مفتوحا للتوسع، ونهب أملاك الفلسطينيين ليس الوحيد المشغول بالشيخ جراح وسلوان، والعيسوية، فالمقاطعة مشغولة بصياغة رسالة الاسترحام، وانتظار الرد لذلك لم تجد وقتا لاثارة استيلاء الاحتلال على أملاك الفلسطينيين في القدس في مجلس الأمن مثلا، ولا نريد أن نقول أن تقرر السلطة دعم هبة القدس بشأن الأقصى، والشيخ جراح، وسلوان والعيسوية، وقلنديا من أموال الشعب التي درجت العادة أن تفقد جزء منها على ” الطريق ” ونستطيع هنا أن نكتب صفحات حول شرعية التأجيل للاستحقاق الانتخابي، أو عدم شرعيته وحول عدم شرعية اتحاد المقاطعة لهكذا قرارات، والتي ستعود الى عدم شرعية المقاطعة كلها بعد تزوير الارادات، ومصادرة الحقوق، والغاء المحاكم والقضاة، ومركزة القرار الأمني، والمالي، والسياسي، والجغرافي، والاقتصادي، والعائلي، والاجتماعي بيد حارس المقاطعة وأعوانه لتقطع الأرزاق مزاجيا، وتحول الأموال لحسابات فرعية مموهة، ولا يسمح لوزارة المالية الا أن تكون اما أداة قمع، ومنع، وقطع للأرزاق، أو صراف لدى موظفي مكتب حارس المقاطعة – والذين ( كما نقل ولا أدري ان كان صحيحا )، أعطيت لهم صلاحيات صرف السيارات، وتوقيع أوامر الصرف، وتحويل أموال للحسابات المموهة فقد أنشأوا حسبما نقل بعض الذين يزورون المقاطعة وزارة مالية ثانية في المقاطعة تستلم المداخيل، وتوزعها حسبما تشاء، وتعطي للصراف ” وزارة المالية "، ما يكفي لتلبية المتطلبات الشهرية، وكما سمعنا فقد خصصت هذه الوزارة لكل عضو قيادة يصوت الى جانب ما يريده حارس المقاطعة مبلغا معينا – لدعم أوضاعه التي يمكن أن نصفها بحالة ” خط الفقر "، واذا لم تصدقوا اسألوا عن الوضع المالي لكل وزير، ولكل عضو لجنة تنفيذية، وكم سيارة له ولعائلته، واذا تجرأتم اسألوا عن أرصدتهم، واسألوا من أين لك هذا ؟
لم ينتظر شباب القدس : المرابطون تحرك المقاطعة لمواجهة الحملة العنصرية الهمجية التي شنتها قوات جيش الاحتلال، وشرطته المسلحة، والجنود الذين لبسوا ثيابا مدنية، وحملوا السلاح ليبطشوا بالمصلين المتوجهين للأقصى …. كانوا يعلمون بأن المقاطعة ” مشغولة "، بالترتيب لرسائل استرحام حول تصويت أهل القدس في الانتخابات، ولذلك بادروا ليظهروا للمقاطعة، وللعالم أن شعبنا لا تمثله المقاطعة في مواقفها المتخاذلة، والراضخة للاحتلال المقاطعة تظن أن انهاء الاحتلال يتم بان يتصرف تجاه المحتل بأدب وتهذيب كتلميذ مدرسة خاصة ألا ترفع صوتك، والا تمسك بحجروأن ترد على صفعات العدو بادارة خدك الأيسر !!
كلا هذا ليس نهج الذي يريد الحرية، والخلاص من الاستعمار الصهيوني، فهل فهمت المنظمات ؟ وهل فهمت كوادر فتح ؟، وهل فهمت قيادات فتح ؟
نهج المقاطعة يدمر ارادة التخلص من الاحتلال، ويبشر بالأنكل سام ليحمل لنا فتات الحرية وبقايا عهد الاستعمار، أنكل سام المنتظر هو أسوأ من الاونروا أما النهج الآخر، فهو نهج شباب القدس، وشباب فلسطين الذين يرون في صلابة، ونضال، وكفاح أبناء شعبنا في اليمن نموذجا يجب أن نحذو حذوه، ان أبطالنا في اليمن يتصدون لاميركا، وبريطانيا، واسرائيل والأنظمة العميلة لواشنطن، وتل ابيب، وهي نفس الأنظمة التي تقف الى جانب اسرائيل ضدنا، وضد حقنا في الحرية والاستقلال، انهم يستثمرون مال الامة العربية في اسرائيل لقتل أبناء الامة .
لا يوجد أمام النهج النضالي، ومقاومة الشعب أبوابا مغلقة، بل كلها مفتوحة … كلها باب العامود، وعلينا أن نعلم أن الخوف، والشعور بالعجز قد استوطن في قلوب أصحاب القرار (رغم عدم شرعية اتخاذ القرار )، وهؤلاء الذين يخشون مواجهة العدو، ويخشون من الكفاح لا مكان لهم على رأس شعب بذل، ويبذل الغالي والدم والجسد ثمنا لحريته، واستقلاله …. نهجان لا نهج واحد …. فكيف نتحدث عن صفقات مشتركة .
ان كل الكلام الذي تعهد به أصحاب نهج رفض المقاومة، واستبداله بنهج التنسيق فقاقيع هواء لا تستخدم الا للخداع، ومن أراد أن يستعيد ثقة الشعب به عليه أن يترجم عمليا مايقوله لفظيا ومواجهة العدو، والتصدي له ليس بالضرورة أن يتخذ شكلا صاروخيا، على العكس تماما التصدي للعدو ان أردنا نجاحا يجب أن يتم من مسافة متر، أو أقل، وهكذا نحيد صواريخه وطيرانه، ونواجهه وجها لوجه، انها استراتيجية ” باب العامود "، فمن يريد أن يقود عليه أن ينتهج هذه الخطة، وأن يواجه العدو في كل مكان، ومن مسافة متر الى متر …. من الصفر الى المتر ….. عكذا علمنا باب العامود .