الاقتصاد السوري على المحك وأوروبا تزيد الخناق
الوقت- الأوضاع الاقتصادية في سوريا لاتطاق، والناس تعاني يوما بعد يوم ويزيد الخناق على الشعب بحجة معاقبة الحكومة السورية، بينما تتم معاقبة الشعب، ومع ذلك الغرب يجاهر ويعاند ويقول ان عقوباته موجهة للحكومة وليس للشعب، وهم يعلمون تماما أن الشعب يعاني ويصطف في طابور الخبز والبنزين لساعات طويلة، وبالرغم من ذلك أوروبا تشد الخناق أكثر على السوريين لتظهر مدى وحشيتها بالتعاطي مع الشعب السوري.
الجميع يعلم أن السوريين فعالين في اي مكان يوجدون فيه، وغالبيتهم جامعيون وأصحاب مهن، وهذا بالضبط ما كانت تبحث عن اوروبا، التي استقطبت خيرة شباب سوريا بعد أن أتموا تحصيلهم في بلادهم، وبهذه الطريقة تحصل أوروبا على أطباء ومهندسين جاهزين للانخراط في سوق العمل.
أوروبا مجددا وعلى لسان مفوض الاتحاد الأوروبي السامي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، أكدت أن التكتل لن يتخلى عن تطبيق العقوبات المفروضة على سوريا قبل بدء الانتقال السياسي في البلاد.
وقال بوريل، في كلمة ألقاها خلال الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي لمناقشة الأزمة العسكرية السياسية المستمرة في سوريا منذ 2011: "سأكون رئيسا مشتركا يوم 25 مارس للمؤتمر الـ5 حول مستقبل سوريا. وعلينا أن نؤكد مع (المبعوث الأممي الخاص غير بيدرسن) دعمنا للإسهام في إيجاد حل سياسي بالتوافق مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (رقم 2254). العملية السياسية يجب أن تمضي قدما بالتزامن مع إقرار دستور جديد وإجراء انتخابات حرة".
وأضاف بوريل: "يمكننا تقديم مساعدة والتركيز على إعادة إعمار سوريا جديدة. نحن على استعداد لمنح دعمنا، لكن العمل بطريقة عادية ليس خيارنا. يجب إجراء التحقيقات في قضايا المفقودين باستخدام الآلية الدولية".
وتابع: "علينا الاستمرار في ممارسة الضغط. لن يتم التطبيع ورفع العقوبات ودعم إعادة الإعمار قبل بدء الانتقال السياسي. هذا هو ما سيكون مفادا لرسالة مؤتمر بروكسل".
يعاني الاقتصاد السوري عزلة واضحة جرّاء العقوبات الأوروبية والأميركية المفروضة عليه، وآخرها قانون قيصر اللاإنساني، إذ يحظر التعامل مع سوريا على كل الصعد، ما يسبّب نقصاً في المواد الطبية وإمدادات القمح، إضافة إلى المحروقات والنفط والغاز. وتتضمَّن العقوبات حظر التعامل مع المصرف السوري المركزي والمصارف التجارية، ولوائح طويلة من العقوبات على شركات وأشخاص بتهمة الارتباط بالنظام السوري.
ودون استثمارات ودعم خارجي، ستعاني دمشق لإطلاق إعادة الإعمار. ويعيش أكثر من 80 في المئة من السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمعدل 133 في المئة منذ أيار 2019، وفق برنامج الأغذية العالمي.
ووفقاً لبيانات رسمية تتجاوز نسبة العجز في الموازنة العامة للحكومة السورية للعام الجاري 40%، حيث بلغت اعتمادات الموازنة العامة 8500 مليار ليرة سورية، في حين قدّرت الحكومة العجز في الموازنة العامة بنحو 3484 مليار ليرة.
الامارات خرجت عن صمتها حيال ما يجري في سوريا، وقالت على لسان وزير خارجيتها، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، الثلاثاء، إن قانون "قيصر" الأمريكي، يشكل تحديا أمام التنسيق والعمل المشترك مع سوريا، مؤكدا على ضرورة التعاون الإقليمي لبدء مسار عودة سوريا إلى محيطها.
وقال الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، إنه "لا بد من وجود مجالات تفتح الباب للعمل المشترك مع سوريا"، مشددا على أن بقاء قانون قيصر" يجعل المسار في غاية الصعوبة".
يريد الغرب حجب سوريا عن العالم وتضييق الخناق عليها، لسرقة كل ما تملكه سوريا، من طاقات شابة وثروات باطنية وزراعية، وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي، لايستطيع السوريين ايصال صوتهم إلا في الاطار الذي تريده أوروبا، ودليل ذلك حجب سوريا عن الترند العربي على موقع "تويتر" الامريكي، وأيضا يتم حظر الاعلانات التي تستهدف حسابات المعلنين في البلدان الخاضعة للعقوبات الأمريكية وغيرها من الصادرات الأمريكية.
ومن جملة البلدان التي تتضمنها قائمة العقوبات التي وضعها "تويتر" وبعض برامج البحث عن الترند كل من سوريا واليمن والسودان وكوبا وكوريا الشمالية وإيران.
ايصال صوت السوريين مهم جدا، ولكن الغرب لا يريد ذلك لطالما أنه يسرق ما يشاء وسط صمت دولي مطبق، وحاليا سوريا لاتملك عملة صعبة كما هو الحال في السابق، جرّاء منع التحويلات إلى سوريا، وملاحقة المحوّلين، وأزمة انهيار الليرة في لبنان، إذ أدّى منع السوريين من سحب ودائعهم بالدولار من المصارف اللبنانية إلى شحّ كبير في العملة الخضراء التي تحتاجها دمشق لتأمين احتياجات أساسية، من قمح ومواد نفطية وطبية.
الليرة السورية حاليا منهارة وهي في طريقها للتدهور أكثر ووصل سعر صرف الدولار إلى ما يقارب الـ 4000 ليرة سورية، جرّاء العوامل الاقتصادية والسياسية والعقوبات والتدهور الحاصل في لبنان، بينما كان وضعها مغايراً قبل الحرب. وقد تضاعف سعر الصرف 70 مرّة، ما أدّى إلى تآكل أجور الموظفين وانهيار القدرة الشرائية للطبقة الوسطى والميسورة.
هناك حرب اقتصادية على سوريا، شأنها شأن الحرب العسكرية التي تمارس عبر جماعات مسلحة وضعت يدها على حقول النفط والغاز لمنع الدولة السورية من الاستفادة منها، إضافةً إلى المناطق الزراعية التي كانت خارج سيطرة الدولة، وتعرضت للإحراق والتدمير، كما يتعرض القطاع الزراعي لعمليات تخريبية إرهابية، وهو يستعيد دوره رويداً رويداً بعد سيطرة الدولة على جزء كبير من الأراضي السورية.
تمتلك سوريا احتياطات ضخمة من الغاز في مناطق عدّة، منها تدمر وقارّة وساحل طرطوس وبانياس، ما يجعلها، إن تمّ استخراج هذا الغاز، ثالث بلد مصدّر للغاز عالمياً. لذلك، كان هدف الحرب عليها هو منعها من الاستفادة من ثرواتها وقد تؤمن سيطرة دمشق على حقول النفط والغاز حاجات السوق المحلي بعد عمليات الإصلاح والترميم، لكن التصدير يحتاج إلى استثمارات واتفاقيات جديدة.