kayhan.ir

رمز الخبر: 128092
تأريخ النشر : 2021March07 - 20:07

الحريري المأزوم يزيد أزمته


لا ينتبه الكثيرون إلى أن الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة الذي تسلّم التكليف وهو ممسك نظرياً بخط التلاقي السعوديّ الأميركيّ الفرنسيّ، يقف في قلب أزمة التأليف على تمزق الموقف الفرنسي بين قطبي التجاذب الأميركي السعودي، وهو المتلعثم في هذا التجاذب، يحتاج واشنطن كراعٍ لعملية الإقلاع بحكومة تحظى بالقبول الأميركي بعدما فشلت كل محاولة فرنسيّة لتجاوز هذا القبول، ويحتاج لاعتبارات زعامته المحلية ومصالحه الاقتصادية والسياسية ترتيب أوراقه المرتبكة مع السعودية بشخص ولي العهد محمد بن سلمان، من دون أن ينتبه أنه سيجد نفسه في قلب حقل ألغام بين هذين التطلعين.

تفاجئ الأزمة المندلعة بين واشنطن وابن سلمان والمرشحة للتصاعد الرئيس الحريري وتربك روزنامته، خصوصاً بعدما ورد اسمه شخصياً في التقارير التي تتناول اتهام ولي العهد السعودي بقتل الصحافي جمال الخاشقجي في سياق استعادة حادثة احتجاز الحريري من ولي العهد كمثال على الاعتماد على العنف حتى مع الحلفاء والأصدقاء من غير السعوديين، ويذهب بعض أعضاء الكونغرس لطلب شهادة الحريري خلال مناقشة تقرير قتل الخاشقجي، بصورة تزيد من أزمة الحريري الذي لا يستطيع الخصومة مع الأميركيين ولا يستطيع المزيد من إغضاب ولي العهد السعودي.

تطورات اليومين الماضيين في الملف الحكومي أظهرت حالة الارتباك التي يعيشها الحريري، فهو فتح سجالاً عالي السقف باتهامات موجهة لحزب الله، من دون مبرر، خصوصاً أن كلام نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم كان يتحدث عن الموقف السعودي ولم يقم بالإساءة للحريري، وقبله كان كلام للسيد حسن نصرالله أعطاه ما لم يكن ليتوقعه من تبرئته من المسؤولية عن الأزمة الحكوميّة ووضعه على مستوى واحد مع رئيس الجمهورية، الحليف الاستراتيجي لحزب الله، وجاء في كلام الحريري اتهام لحزب الله بالوقوف وراء الأزمة الحكوميّة تحت شعار خدمة موقع إيران التفاوضي في الملف النووي، وهو موقف جعل الكثيرين ينظرون لإطلاقه متأخراً من الحريري، بعدما رفض مجاراة الحملة التي قامت على هذا العنوان، ما منح المصداقية للاستنتاجات بأن الحريري افتعل الأزمة ليقدم رسالة اعتماد لولي العهد السعودي، فبدا كأنه يريد ذريعة لإقفال الباب الذي فتحه له السيد نصرالله، تحت عنوان مبادرة توسيع الحكومة وتكريس لا للثلث المعطل، وتفهم مطالبة الحريري بوزارة الداخلية.

في الوقت نفسه كان الحريري يقفل الباب بطريقة مفتعلة أمام مبادرة المدير العام للواء عباس إبراهيم، التي قامت على حل معضلة الثلث المعطل، التي شكلت أم العقد الحكوميّة، بينما كان حليفه النائب السابق وليد جنبلاط يقدّم له ما يعتقد أنها مساعدة تسهيل بالتخلي عن التمسك بحكومة الـ 18 وزيراً، ليكتشف أن الحريري شعر بالإحراج من مبادرة جنبلاط، لأنه يريده ذريعة للتهرّب من تشكيل الحكومة.

في وضع يزداد تأزماً كل يوم، يستثمر الحريري في اللعب بالشارع، وينزل شباب تيار المستقبل لقطع الطرقات في مناطق حضورهم، بصورة تزيد التأزم تأزماً، وهو بذلك يخسر التفهم الذي كان يحظى به من رئيس مجلس النواب نبيه بري وحليفهما المشترك جنبلاط، ليتقدّم عليه الرئيس ميشال عون بالنقاط في تقييم وتحديد المسؤولية عن التعثر في المسار الحكومي، فهل يتحمل الحريري تسديد فواتير خارجيّة وداخليّة بهذا الحجم لاسترضاء ولي العهد السعودي، عشية لقاء أميركي فرنسي حول لبنان يرجّح أن يحسم فيه الأميركيون رفض تثبيت موقع مقرّر كان تقليدياً للسعودية في المشهد اللبناني، بعدما بالغ الفرنسيون في تقديم وعود للسعودية أزعجت الأميركيين لجهة شراكة الرياض في مفاوضات الملف النووي الإيراني.