kayhan.ir

رمز الخبر: 128087
تأريخ النشر : 2021March07 - 20:07

إقرار ماكينزي سيد الادلة: لمقاضاة واشنطن


عادل الجبوري

هناك قاعدة قانونية فقهية تقول (الاعتراف سيد الأدلة)، أي إن من يعترف بخطئه أو أي جرم اقترفه، لا يحتاج إلى أدلة وقرائن لتأكيد خطئه أو جريمته، ولا إلى شهود يؤكدون ويثبتون ما فعل، باعتبار أن اعترافه يغني عن كل ذلك.

وهذا ينطبق تمامًا على الولايات المتحدة الأميركية، وحقيقة مسؤوليتها وتورطها باغتيال كل من نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، وقائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، بعدما أقر واعترف قائد القيادة المركزية الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال كينث ماكينزي بتفاصيل عملية اغتيال المهندس وسليماني، في حوار مفصل أجرته معه قبل بضعة أيام شبكة (CBS News) الأميركية "أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أصدر أمراً باغتيال قائد قوة القدس الجنرال قاسم سليماني، قبل ستة أيام من قصف قاعدة عين الأسد، على خلفية ورود تقارير استخباراتية مفادها، أن هذا الجنرال كان يعد لهجمات ضد قوات الولايات المتحدة وسفارتنا وقواعدها في العراق".

ويورد الجنرال ماكينزي تفاصيل أخرى، يتعلق بعضها بدقة وأثر الضربات الصاروخية الايرانية التي استهدفت الوجود الاميركي في قاعدة عين الاسد، والاضرار والخسائر التي تسببت بها، ولكن ما لم يفصح عنه هو بالتحديد، وكشف عنه اخرون، تمثل في ان واشنطن حينما عرفت من سيكون باستقبال سليماني بمطار بغداد، القائد الكبير في الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس، الذي ظلت المخابرات الاميركية تتعقبه وتقتفي اثره لاعوام طويلة، اعتبرت ان ذلك يعد فرصة ذهبية ومكسبا مهما قد لا يتوفر ويتاح في أي وقت اخر.

واذا كان من حق طهران أن تسلك كل الطرق والوسائل لمقاضاة واشنطن وعدم التفريط بدم الشهيد سليماني، وهي بالفعل عملت الكثير طيلة ما يزيد على العام، فإن المطلوب من الحكومة -او الدولة- العراقية الكثير من الخطوات والإجراءات، التي يبدو أنها بقيت متلكئة ومتعثرة الى حد كبير، في ظل الواقع السياسي المتسم بقدر غير قليل من الارتباك والتخبط والشد والجذب بين المكونات والتيارات السياسية المتنوعة.

فإذا كان متفقًا عليه ومفروغا منه، أن عملية استهداف الجنرال سليماني والحاج المهندس، تعد انتهاكًا للسيادة الوطنية، فهذا يحتم التوجه الجاد لإنهاء التواجد الأجنبي من على الأراضي العراقية، وفق ما أقره مجلس النواب العراقي، وما طالبت به جماهير الحراك الاحتجاجي السلمي، وما شددت عليه المرجعية الدينية باستمرار.

ويحتم على بغداد التوجه الى المحاكم الدولية، لمقاضاة واشنطن، لأنها استهدفت شخصية رسمية عراقية على الأرض العراقية، ضاربة عرض الحائط بكل المواثيق والقوانين الدولية، ومستخفة بحدود وضوابط ودواعي تواجد قواتها، التي هي ذاتها دوما ما تدعي أن وجودها في العراق يندرج تحت مظلة التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش"، واستنادًا الى طلب وموافقة الحكومة العراقية.

إن جريمة اغتيال المهندس وسليماني، لم تكن الأولى من نوعها، بل هي واحدة من سلسلة جرائم ارتكبتها الولايات المتحدة الأميركية ضد العراقيين على امتداد ثمانية عشر عامًا، بل وقبل ذلك، حينما مكنت نظام صدام من جلب المآسي والويلات للعراق والمنطقة. ولا يبدو أن واشنطن بإدارتها الجديدة مستعدة لتغيير نهجها ومعالجة أخطائها، وتصحيح سياساتها، ولعل مجرد اعتراف الجنرال ماكينزي بمسؤولية بلاده عن اغتيال المهندس وسليماني بعد أقل من شهرين من تولي جو بايدن مقاليد الأمور في البيت الأبيض خلفا لدونالد ترامب، يؤشر الى أن شيئا ما لم يتغير ولن يتغير، لا سيما وأن القصف الجوي الذي طال مقرات تابعة للحشد الشعبي على الحدود العراقية - السورية، منتصف الشهر الماضي، يمثل صورة أخرى مكررة من مشاهد سابقة، حصلت في عهد ترامب وفي عهد سلفه أوباما، حيث كان الرئيس الحالي بايدن نائبًا له وعنصرًا أساسيًا في رسم السياسات، وتحديد المسارات، وصنع القرارات.